البهاء حسين
نعم
يتسع القلبُ لأكثرَ من حبٍ
فى وقتٍ واحد
كما يتسع لأكثر من حزن
:
كلُ حبٍ
كل شىء ينتهى
لا داعى إذن، لأن تبكى على أحدٍ
أو حتى على نفسك
،،
لا يمكنك أن تعرف الحبّ
إن كنتَ لا تعرفُ قلبك
لا يمكنك أن تعرف شيئاً
إن لم تعرف نهايته
،،
اعرفْ قلبك
قلبك هو وجهتك لمعرفة الطريق
قلبك هو قِبلتك
،،
منذ طفولتى وأنا أمشى وراء قلبى
كأننى ظلّه
كأنه أم تقود ابنها الصغيرَ من يده
كم تهتُ وردّنى قلبى
إلى أمى
،،
يا ” ديما ” التى تُشبّه قلبى بفندق
نحن يتامى
من غير حب
:
هاتى حياتك
الاكتئابَ الذى تخبئينه فى هدومك
بشرتك الخمرية التى تشبه أحزانك
عينيك التى يطلع النهارُ حين تفتحينها
واجعلى من قلبى غرفةً واحدة
تتسع ليُتمين
،،
رغم ذلك
من يتبع قلبه يا حبيبتى تكونُ حصتُه كبيرة من الأحزان
يجلسُ لوحده غالباً
كأنه منبوذ
يطول الطريقُ تحت قدميه
يطول ليله
ولا تمضى نهاراته من غير خسائر
يسدد ثمناً عن كل يوم يعيشه
اسألينى أنا
أنا الرجل الذى يصدّق قلبه طوال الوقت
ويكذّبُ نفسَه
اسألى قلبك الذى أخذه منك أبوك حين مات
وترك طفولتك عريانة
روحك التى أردتنى أن أحبها، قبل أعضائك الأخرى
روحك التى تلعبُ مع أطفالك لعبة الحظ
روحك التى دفنتِها وأهال عليها زوجُك التراب
روحك يا ” ديما ” التى تسأل الله عن كلّ كبيرةٍ وصغيرة
عن الاكتئاب وفائدة الدواء
عن الفرح والحزن فى اللحظة نفسها
كم مرةَ على المكتئب أن يحاول الانتحار، كى ينجحَ فى محاولته
عن النار التى تنتظر المنتحرين
كأنه لا يكفى جحيم الدنيا
عن الدموع التى تسيل منك، كلما تسللتْ موسيقى إلى قلبك
أو أغنيةٌ عن الأمهات
أو فصل الربيع
إييييه
إسألينى عن القلب
لأننى منذ غادرتْنى نفسى
لم يكن لى ملجأ سوى قلبى
،،
المشكلة يا حبيبتى ليست فى البحث عن سببٍ وجيه للانتحار
أعرف رجلاً كان سعيداً جداً، لكنّ النوم جافاه
فانتحر
أعرفُ امرأة كانت تُصبّح كلَ يوم على الشرفة التى هجرها أصحابُها
لكنها ماتت حين لم تردّ عليها
أعرف قاتلاً مأجوراً انتحر حين وجد سكّينه لا يعمل
المشكلة ليست أن يفقد العصفورُ العشَ
بل أن يفقد الرغبة فى التحليق
المشكلة أن الموتَ حياة
،،
لم يتلق فمك قبلة مُشبعة يا ” ديما ” حتى الآن
خذى إذن هذه القبلة
هل وصلتْكِ
تباً للماسينجر الذى يوهمنا أنه يشعر بوحدتنا
ينقل العواطف، دون أن تنقصها الحرارة
كأنه طوق نجاة
،،
تكذبُ الشاشات علينا، ونحن نصدّقها
كى نستمرّ فى العيش
لكنّ القلوبَ لا تكذب
،،
اسمعى
من المفيد أن نحبّ
أن ننظف قلوبنا كل يوم، مرةً أو مرتين
كالعصافير
:
لم أخبرك يا ” ديما ” أن الوحدة لها ذريّة
أن يدى فارغة
أن قلبى، فى الحقيقة، فارغ، لأن حبيباتى افتراضيات
بيتى فارغ
تمرّ أيامى ببطءٍ أمام عينىّ
دون أن أشمّ رائحة امرأة
دون أن يصعد دخانٌ
من المطبخ
لم أخبرك أن قلبى عصفورٌ عجوز
علمتْه الخيانة ألا يأمن العشّ الواحد
أن يحذرَ من الغصن الوحيد
الاحتمال الوحيد
لم أخبرك أن العصفور
حين يكون يتيماً
يحتاجُ لعائلةٍ
يحتاج لأكثر من شجرة .
يمشى وراء قلبه
البهاء حسين
شاعر مصري من مواليد سوهاج فى 18 مايو 1969م، ويعمل صحفيا بجريدة الأهرام
صدر له:
- نفس البحر، شعر، هيئة قصور الثقافة 1999 م
- تأويل العابر، كتابات نقدية، هيئة قصور الثقافة 2000 م
- البحر كالعادة، شعر، هيئة قصور الثقافة 2001 م
- عود ثقاب أخير، شعر، الهيئة العامة للكتاب 2002 م
- نص الكلاب، شعر، دار فرحة، 2003 م
- قريبا ًمن بهاء طاهر، محاورات وملامح، المجلس الأعلى للثقافة 2004 م
- آثار جانبية للسعادة، شعر، أصوات أدبية، هيئة قصور الثقافة، 2008 م
- صيد وحيد، مختارات شعرية، كتاب "إبداع" هيئة الكتاب 2010م
- بكل جسدى .. بكل طفولتى، شعر، دار العين، 2011 م
- يمشى كأنه يتذكر، شعر، الهيئة العامة للكتاب، 2020م
- الأحياء يخبرون قصتهم، حوارات عن مبارك وعصره، دار روافد 2021م
.
قيد النشر:
- جردل فارغ ثقبته الظروف، شعر
- عجل يلهو أمام أمى، كلب يلهو أمامى
- تأخذنى الخطوة، يأخذنى الطريق، شعر
تصفح مقالات الكاتب