ناهد السيد
فقدت شهيتي لتنشق الهواء ثم لفظه، أرى أن ذلك عمل روتيني ممل يحدث بعشوائية، بلا مخطط واضح وبترتيب درامي كئيب.
ما الفائدة؟ طالما أن الهواء منتشر حولي وبكثرة، يلعب بوجهي بحرية، يدغدغ وجنتيّ لأضحك، يكشف عورتي إذا غضب وصفع الأرض تحتي صفعة قوية ترتد، فترفع ذيل الفضيلة عني وأتعرى، فأفصح سريعاً عن ألمي وضجيج مشاعري التي ذبلت سريعا في وحل العطاء.
صرت أبكي كلما لامستني، أرفع وجهي أكثر وأكثر فرحة باللعبة، لا شيء غيرك يرغمني علي اقتناص الحياه، لماذا تصر ن تمنحها لي وأنا لست شارية، لا أملك ما أشتريها به.
صدقني، لماذا تصر علي الدخول إلى رئتيّ ثم تخرج سريعا كضيف لم يرحب به؟ ما المغزي يا صديقي من مرورك في قفص يتدلي من رقبتي؟ معلق علي حافة الهاوية.
هل اعترفت لك من قبل ـن مرورك يؤلمني؟ لم أستطع يوما أن أصف ما تفعله خطواتك العابرة داخلي؟ لن أوفيك حقك في الوصف، بل أصبحت أخجل من الشكوى والتذمر، أصبح ألمي مثلك اعتياديا، روتينيا، مملا، كئيبا، صادقا.
نعم، أصبح الألم صادقا لدرجه أنه لن يبوح لأحد مهما كان. أرهقني الصدق أكثر من الكتمان . لذا أقدر حريتك. أحترم انطلاقك. أشجعك علي الانتشار واللعب بوجنات الحزاني وجبين الأرامل ولمعة أعين اليتامي.
امرح معهم كما تشاء، انطلق بأوردتهم إذا استطعت، لعلك تعيد لهم حيواتهم. افعل يا صديقي واجعله همك وعملك في الحياة. أما أنا فكن ضيفا خفيفا تهمس لشعري الملطخ بالأبيض أن يتحني بالصبر والورود الذابلة، فلم أعد أهتم بصحبتك ولن أجرؤ ثانية علي حبسك داخلي أو السماح بمرورك الخفيف الذي يكشط جزءا من روحي.
يا صديقي.. كن حرا ما دمت حيا.