قصائد من “موتٌ لا يقرأ الخريطة” لـ إيهاب الراقد

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إيهاب الراقد 

الكورنيش 

1

الصبيُّ الذي كان يحلم بدرَّاجة

والذي كان يُسكته أبوه بتذكرة تروماي

ثمَّ يجلسه جوار المرأة البضَّة

قُرب الشُبَّاك

دو ن أن تؤلمه أشياؤه أو تتورَّم

الصبيُّ الذي لم يخبره أحد أنَّه حين يكبر

سيعبر الشَّارع وحده

سيعبر الرَّغبة صامتًا

سيعبر الحياة دون أن يلتفت له أحد ، ويموت

هذا الشَّاب المسكين

ابتسم

حين رأى أباه في السماء

رغم أنَّه لم يخبره بأنَّه سيُدهس وتتورَّم أشياؤه

في حادث سير أليم.

بينما يعبر الكورنيش لحبيبته.

2

مُمسكًا يد أبي

نتمشَّى قُرب السَّاحل

زارني العطشُ كصبي

يركض خلف كرة ناصعة ألوانها، طريَّة.

تخنقني رائحة العهر المشوي

أكره الآيس كريم الذي يسيلُ على فم الخالة وهي تضحك

بينما تميل داخل السيَّارة الحمراء

كي يُجفِف لها على مهلٍ شفتيها.

عبر راديو صغير يملكهُ بي اع الفريسكا

يتقيأ علينا المُذيعُ ال سمِجُ أخبا ر الحرب.

كُنت أبكي

كوني أكرهُ الشمس

لم أتوقف إلا حين ابتاع لي أبي فريسكا

وكورنيشًا جديدًا.

قُرب أُمٍ تعرِض حليبًا للمُقايضةِ

أجلسني أبي

قبل أن تُبخره شمسٌ عارية

تتمايل على الشاطىءِ.

3

الوقتُ كورنيش

تصطفُّ حوله سيارات الحنين

كالمكالمات الفائتة.

عظامُ التجربة عارية ككتفيها

كغصنٍ التقطنا له صورةً بهاتفها بعد أن ابتلعه الشتاء

عارية كالرؤساء

كرجال الدين في المحافل الرسمية

كوعودها الزيتية

تسكبها من حمامها إلى مجاري النشوة.

كلبٌ هو هذا الليل

لا ينبح

لا يهز ذيله

لا يركض

كلما رمت له إحدى عِظامِي

كلبٌ هو هذا الليل

سينتهي به الأمر ملقىً –مثلي-

قرب صندوق قمامة

على كورنيش الوقت.

 ………………………………..

أحرس أكبر نقاط خيباتي

لو أ نَّنا، مثلًا ، لدينا في قائمة العائلة

فرد يعملُ دبلوماسيًّا

لو أنَّ تلك الألاعيب السياسية في حقبةِ ما قبل الحماقة

كانت أكثر رُؤية لو لم تُشارك بلادنا في جمع الجُثث،

لو أنَّ حِزبًا ما

أو جماعة أو قادةً شعبين قالوا يومًا:

_إن الرَّغيف أهم مِن موديلات السيارات التِي يركبها الوزراءُ لدخول الحمامات

لو أن رئيسًا مات

دون أعلا م مُنكَّسة

ودون ولائم مليئةً بأطباق فواكهِ البحر.

ما كُنتُ هُنا وحدِي

أُداعبُ سلاحًا بحبات رمل

ألعنُ الحظَّ

وألعنُ العدوَّ الذي يُلوِحُ لِي بإصبعه الأوسط من بعيد

وما كانت هِي هُناك

وحدها

تلعنُ رائِحة الزوج المُسِن.

…………………………

لماذا لا أقتل الحظ والفوضى؟!

 

كان مِن المُمكِن أن أ كُون أقل حظًّا

فتقذِفُنِي الجُغرافيا في رحم ملِكة

تتفتَّحُ عيناي على ستائِر الأورجانزا

التي حارب الأ بُّ/الملك لأجلها

والذي أرسل جيوشًا إلى تلك الجزيرة البعيدة جدًّا

وأحضرها خصيصًا لي

فماتت الشمسُ في قلبِي.

كان من المُمكن أن أكون أكثر حظًّا

فتقذفني الموهبة في رحم الحرب

تتفتَّحُ عيناي على باب خيمة

تلك التي تُطِل مُباشرةً على بوابة المُخيم

الذي يحرُسنا من الأمل

أستيقظ

فأرى نفسي بلا أبوينِ.

أمام الخيمة أنتظِر

بعد أن حملت على ظهري حقيبة الكُتب

التي اعتدتُ حملها قبل الحرب

أرفعُ كفي أعلى رأسي قليلًا

أنتظر يد أبِي

تلك التي كانت تصحبُني

إلى فصل

ومعلمة حسناء.

لكن التجربة أنصفتني

حييتُ هُنا

في خيمة

قُرب بائِعي الشاي الأسود

وهذا العلم في المُنتصف

بعد أن خُيِّر أن يصيح

“أو الفوضى”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الديوان صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم