نصٌ لـ: سويلوم دياغو (شاعرٌ من جمهورية مالي ينتمي إلى قبيلة الطوارق.
ترجمة: حاتم الأنصاري
قُبَالَةَ المحِيطِ، قُبَالَةَ العَدَم، أَبْحَثُ.. أبْحَثُ عَنْ أخِي، عَنْ أَبِي الّذِي نَفَخَ الحَيَاةَ فِي صَمِيمِ قَلْبي. أُصْغِي إِلى الحَيَاةِ، إِلَى العَدَمِ إِذْ يَنْبض، إِلَى الموجَةِ الّتِي تَخْتَلِجُ فِي شَرَايِيني. لَيْس ثَمَّةَ شَيءٌ، وثَمّةَ كُلُّ شَيء، الصّمْتُ الرّتِيبُ سَكِينَةٌ وَغِذَاءٌ للرّوحِ الّتِي تُنصِتُ إِلَيه. هَلْ ثَمّة مُتّسَعٌ لِلإحَاطَة بِالعَدَم؟ كَلّا، بَلْ حَرِيٌّ بِنَا أَنْ نَسْتَشْعِرَه، أنْ نَعِيشَه كَمَوْجَةٍ مِنَ الرّيحِ نُحِسُّهَا دُونَ أن نُلفِيَ لها تَعريفَا.
صَلّيتُ مُسْتَقْبِلا المُحِيط، فَاسْتَشْعَرتُ الأَموَاجَ وهيَ تَتَصَاعَدُ مِنْ قَرَارَةِ رُوحِي، إِنّهَا تُذَكّرُنِي بِأمْوَاجِ السَّرَابِ حِينَ يُلَاحِقُ بَعْضُهَا بعْضًا فِي الصَحْرَاء، حَيثُ الحَيَاةُ واقعٌ وَحَقِيقَة.
إِلَهِي.. يَا مُنِيرَ الظّلُمَاتِ البَهِيمَةِ، أَنْزِلْ السَكِينَة عَلى قَلبِي. يَا سَيّدَ الكَونِ، يا سَيّدَ الأرْضِ.. نُسبِّحُ مَجْدَكَ ونَطْمَعُ فِي عَونِكَ يَومَ تَنوءُ كَواهِلُنَا بِمَا صَنَعَتْ أَيدِينَا. اسْمُكَ الواحِدُ، الأَحدُ، مِنَ البدْءِ إِلَى المُنْتَهَى، يَهدِينَا سَواءَ السَبيلِ، يَتَذَيّلُ صُفُوفَ الحَجِيجِ حِينَ يَصدَحُونَ بِتَرتِيلَةٍ تُمَجّدُ كُلَّ سُلطَان. مَضَيتُ أنْشُدُ وُجُودَك فِي النَّفَسِ الّذي يُدَوزِنُ حَيَاتِي. أُنَقّبُ عَنْكَ فِي الشّمسِ؛ مِنَ الشُّروقِ إلى المَغِيب. أُضَاهِيكَ بِغَورِ الأفْقِ المهِيبِ حِينَ تَنْشَقُ السّمَاءُ فَينْكَشِفُ مِنْ وَرائِهَا العَدَمُ الرّهِيب. أَتّخِذُكَ شَاهِدًا رَؤُوفًا بِانْكسَارِي.. قُبَالَةَ المحِيطِ، قُبَالَةَ العَدَم، تُلاحقُ الصُّورُ بعضهَا بَعضا مُفْسِحَةً مَكَانًا.. لِلحُلْم.