ناهد السيد
تحاصرني الخطايا الصغيرة التي أرتكبها يوميا في حق نفسي، معلنة أن نهايتي ظلمة الجحيم، جحيم بلا نيران، جحيم رمادى اللون، انطفأ وهجه للتو قبل وصولي، لا حياة به، يغطيه الرماد وغبار دافئ وهواء متفحم.
يسبح هوائى طوال اليوم يجمع الخطايا ويحصدها. ثم يصعد بها ليلاً إلى سمائي يخزنها إلى حين، لهذا أصابه الوهن، وصدأت تروسه وأنهك كلياً.. ما عادت رئتاي تستقبل عودته من الرحلة برحابة.. أريد هواء جديداً، هواء لم تمسسه رئة من قبل، هواء أبدياً
أغرسه في صدرى للأبد بلا زفرة واحدة.
يأبى صدرى أن ينفتح مرة أخرى
فكلما شهقت زادت خطاياي
فكل يوم أدعي الفرحة في وجه من عبثت في وجوههم الحياة لأمنحهم أملاً كاذبا.. وأعلم جيدا أنها خطيئة الكذب !
أغرس وردتي في مؤخرة الوقت ليعدو جريا ويمر سريعا، فينتهي أحد أيامي ويأتي بما يليه لأفعل نفس الفعلة، إلى أن أتلاشى.
وأعلم أن هذا انتحار !
أتألم في صمت كي لا أزعج من يتقلب بجوارى حالماً بغد أفضل ومهام وترتيبات قد يفسدها أنيني، وأعلم أن هذا أشد أنواع القهر التي يأبى الله نفسه أن يعذب بها ذويه.. وأنا بكل بساطة أعصيه وأتمادى!
أعدو كل يوم بلا هوادة إلى أعمال شاقة أسابق بها الوقت، أخترع أفعالاً لا يقدر عليها سوى الخارقين.. أقسو علي جسدى كثيرا كي ينام سريعاً من التعب.
أشكك دائماً في مرضى، فلم أعد معترفة به. أحتاج لوخزة من حين لآخر وصوت يردد “أنت مريضة. لا يحق لك كل هذا التعب. لا يسعك سوى الراحة. لست مطالبة بادعاء القوة. أنت في حاجة إلى مساعدة”.
لن أقبل هذه التعليمات المنطقية التي يصدرها عقلي، بل أستخدمها كسكين أطعن بها ذاكرتي لكي أنسي كل يوم أني مريضة وأبدأ يوماً جديداً، أختار ساعاته بعناية وأرتبها علي رف أدعي أنه رف الأمل.