قصائد من ديوان “يكشط العدم بأظافره ويقهقه” لمحمد الكفراوي

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام
اِنْتَظِرُوا قَلِيْلاً / لَمْ أُخْبِرْكُمْ بِكُلِّ شَيءٍ /هُنَاكَ .. فِي العَتْمَةِ/ تَجَلَّتْ أَشْبَاحُ المَاضِيْ طَالَبَتْ بِحَقِّهَا الأَصِيْلِ فِي الحَضُورِ/ هُنَا عَلَى فُوَّهَةِ المَدْفَعِ / وَقَفَتْ تُهَلِّلُ وَتَصْرُخُ وَتُقَرْقِعُ تَسْتَجْدِيْ غَضَبَ الجَمِيعِ لِتَنْطَلِقَ / لَتَنْهَشَ لَحْمَ الحَاضِرِ .

صَهْبَاءُ وَبِنَمَشٍ

ذَاتَ يَوْمٍ أَحْبَبَتُ بِنْتًا صَهْبَاءَ

كَانَتْ صَهْبَاءُ وَبِنَمَشٍ

كَنْتُ أَعْتَبِرُهَا نَوْرَانِيّةً

بِطَرِيْقةٍ أَوْ بِأُخْرَى أَسْمَيتُ هَذَا النَمَشَ “طَفْحُ الرُّوحِ”

وَأَطْلَقْتُ عَلَيْها الفَتَاةَ البُرْتُقَالِيّةَ

كُنْتُ أَحْلُمُ بِهَا تَأْتِيْنِي فِي الليلِ

تَنْزَعُ غُلَالَةَ قَلْبِيْ

وَتَحْشُوهُ بِالفَوَاكِهِ

كُنْتُ أَنْتَظِرُهَا كُلَّ صَبَاحٍ

تَلِفُّنِيْ فِيْ بُقْجةٍ

وَتَدْعُونِي لِسَفَرٍ طَوِيْلٍ

كُنْتُ أَعْرِفً أَنَّ لَدَيْهَا مِنَ الحَيَلِ

مَا يَجْعَلُنَا نَمْتَلِكُ العَالَمَ

نَلْعَبُ بِهِ .. نَمْرَحُ مَعَهُ ..

ثُمًّ نَسُبُّهُ وَنَخْسِفُ بِهِ الأَرْضَ.

وَنَصْنَعُ عَالَماً جَدِيْداً كُلَّ يَوْمٍ

مِنَ المُثَلَّجَاتِ وَعَرَائِسَ الحَلْوَي

وَفَائِضِ النَّمَشِ الّذِي يَتَسَاقَطُ مِنْ مُحَيَّاهَا.

…………………………………………………………….

شَغَفٌ

 

هَاتِ الشَّغَفَ

هَاتِهِ كُلَّهُ

أُدْلُقِيْهِ فِيْ هَذِهِ الكَأَسِ

اِنْتَبِهِيْ جَيِّداً حَتَّى لَا يَتَسَرَّبُ لِلْخَارِجِ

لَا نُرِيْدُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَوَرَّطَ فِي هَذَا الأَمْرِ

أَنْ يَعِيْشَ فَي طَقْسٍ مَشْحُونٍ بِالكَهْرُبَاءِ

فِي أَوْقَاتِنَا الحَمِيْمَةِ فَقَطْ يُمْكِنُنَا الاِسْتِفَادَةَ مِنْهُ

هَاتِ كَأَسَ الشَّغَفِ وَقَرِّبِيهِ لِشَفَتِيْ

أُرِيْدُ فَقَطْ أَنْ أَتَشَمَّمُهُ

أَنْ أَشْعُرَ بِلُذُوْعَةِ طَعْمِهِ

بِنُعُوْمَةِ مَلْمَسِهِ

بِقَوَامِهِ اللدِنِ الجُهَنَّمِيْ

***

هَاتِ الشَّغَفَ وَاُنْثُرِيْهِ هُنَا عَلَى الأَرِيْكَةِ

اِتْرُكِيْنَا نَتَفحَّصُهُ كَبُقْعَةٍ حَمِيْمَةٍ

نَجْلِسُ أَمَامَهُ فِي ذُهُولٍ

كَأَنَّنَا فِي اِنْتِظَارِ وِلَادَةِ كَائِنَاتٍ خُرَافِيَّةٍ .

***

تَعَالَيْ

خُذِيْ قَلْبِيْ

خُذِيْ دَمِيْ وَهَوَاءَ رِئَتِيْ

خُذِيْ قِطْعَةً مِنْ رُوْحِيْ

 مَعْجُوْنَةً بِالذِّكْرَيَاتِ وَالحَنِينِ

خُذِيْنِيْ كُلِّي ..

وَهَاتِ الشَّغَفَ .

……………………………………………………………

 

كَيْفَ اِنْتَصَرْتُ عَلَى مَدِيْنةٍ مِنْ الحَمْقَى بِقَبْضةٍ صَدِئَةٍ

 

مَكَبُّ نِفَايَاتٍ

لَيْسَ أَقَلَّ . رُبَّمَا أَكْثَرُ

رَائِحَةُ الجَثَامِيْنَ الحَيّةِ تَتَلَوّى فِي الفَرَاغِ

ثَعَابِينُ لَزِجةٌ تَتَسَرَّبُ إِلَى مَجْرَى الرُّوحِ

رُؤُوسُهَا مَشْجُوْجةٌ بِفِعْلِ التَّشْويِشِ

أَفْوَاهُهَا مَصَايِدُ لِلْذُبَابِ وَحَشَرَاتِ غَبِيّةِ أُخْرَى

يَتَأَوَّهُونَ مِنْ الْلَذَّةِ

مَعَ كُلِّ ضَرْبَةِ مِعْوَلٍ أَوْ كَشْطَةِ فَأْسٍ تُسَوِّيْ أَطْرَافَهُمْ

يَخْرُجُ مِنْ اِحْتِكَاكِ مَفَاصِلَهُمْ

صَرِيْرُ بَابٍ مَهْجُورٍ مُنْذُ قُرُونٍ

بُطُونُهُم أَخْوَى مِنْ الرَّبْعِ الخَرَابِ

***

مِثْلُ شِرِّيْرٍ كِلَاسِيْكِيٍ

يَكْشُطُ العَدَمَ بِأَظَافِرِهِ وِيُقَهْقِهُ

يُبَرْطِعُ هُنَا وَهُنَاكَ

بَاحِثاً عَنْ فَرِيْسَةٍ طَازَجَةٍ

خَلْفَ هَذَا الخَوَاءِ العَظِيمِ .

***

اِنْتَظِرُوا قَلِيْلاً

لَمْ أُخْبِرْكُمْ بِكُلِّ شَيءٍ

هُنَاكَ .. فِي العَتْمَةِ

تَجَلَّتْ أَشْبَاحُ المَاضِيْ

طَالَبَتْ بِحَقِّهَا الأَصِيْلِ فِي الحَضُورِ

هُنَا عَلَى فُوَّهَةِ المَدْفَعِ

وَقَفَتْ تُهَلِّلُ وَتَصْرُخُ وَتُقَرْقِعُ

تَسْتَجْدِيْ غَضَبَ الجَمِيعِ لِتَنْطَلِقَ

لَتَنْهَشَ لَحْمَ الحَاضِرِ .

 

***

عَلَى أَطْرَافِ المَدِيْنَةِ تَصَلَّبَتْ الشَّمْسُ

يَبْدُو أَنْ اليَوْمَ لَنْ يَمُرَّ بِسَلَامٍ

أَنَا مَنْ سَلَّطْتُ عَلَيْكُم ذَلِكَ الْلَهِيبِ

أَنَا المُتَوَاطِئُ مَعَ رِمَالِ الصَّحَرَاءِ

لِتَحْرِقَ جُلُوْدَكُمْ

وَتَتْرُكَ بَصْمَتَهَا المُحَبَّبَةِ

عَلَى كُلِّ جَسَدٍ عَابِرٍ.

***

فِي الحَقِيْقَةِ لَمْ أَمْتَلِكْ أَسْلِحةً

فَقَطْ عَبَاءَةٌ مُهْتَرِئَةٌ وَدُزِّيْنةٌ مِنْ الأَخْيِلَةِ

رَغْمَ ذَلِكَ نَجَحَتْ خِطَّتِي

جُيُوشٌ بِكَامِلِهَا فَرَّتْ

مَمَالِكُ سَقَطَتْ وَحَضَارَاتٍ تَدَاعَتْ

هُنَا عِنْدَ مَفَارِقِ الطُّرُقِ

حَيْثُ يَنْصُبُ العَقْلُ شِرَاكِهِ

وَيَتْرُكُ لِلْقَادِمِينَ مُهِمَّةَ السُّقُوطِ فِي الفَخِّ.

 

***

بِقَبْضةٍ صَدِئةٍ وَقَلْبٍ مَفْطُورٍ

يَتَجَوَّلُ دُونَ هَدِفٍ وَاضِحٍ

هَلْ كَانَ يَقْطَعُ الشَّوَارِعِ بَحْثاً عَنْ مَعنَى

أَمْ يَهِيْمُ تَائِهاً خَلْفَ الأَرْوَاحِ الضَّالَةِ

لَا أَحَدَ يَعْرِفُ بِالتَحْدِيدِ

لَكِنَّهُ فِي النِّهَايَةِ

اِسْتَطَاعَ أَنْ يَلْضُمَ كُلَّ هَذِهِ التَّأَوُّهَاتِ التِي خَرَجَتْ مِنْ شُقُوقِ الحِيْطَانِ .

أَنْ يَسْتَجْمِعَ قُوَاهُ وَيَضْرِبُ عَمِيْقاً بِقَبْضَتِهِ.

 حَتَّى يَصِلَ إِلَى أَحْشَاءِ الزَّمنِ المَفْقُودِ.

اِسْتَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ المَتَاهَةِ ظَافِراً.

 وَفِي يَدِهِ هَيْكَلٌ عَظْمِيٌّ ضخمٌ لِمَدِيْنةٍ مُتَهَالِكةٍ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 الديوان صادر عن الهيئة العامة للكتاب 2025

مقالات من نفس القسم

ALBAHRY MUSTAFA
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

قصائد