شريف رزق: الدولة المصرية غير معنية بالثقافة

شريف رزق: الدولة المصرية غير معنية بالثقافة
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

حاوره: محمد الحمامصي  

يعدّ الشاعر والناقد شريف رزق واحدا من أهم من أولوا قصيدة النثر المصرية والعربية العناية والاهتمام، من حيث المتابعة النقدية، والكشف عن جذورها، ورصد وتحليل تطوراتها وتشكلات ملامحها، واختلافاتها لدى مختلف الأجيال، حتى أن كتبه النقدية تأتي جميعها في هذا الإطار، “شِعرُ النَّثر العربيِّ في القرنِ العشرين”، “قصيدة النَّثر في مشهد الشِّعر العربي“، “آفاق الشِّعرية العربية الجديدَة في قصيدة النَّثر”، “قصيدة النَّثر المصريَّة : شعريَّات المشهد الجديد“، “الأشكال النَّثرشعريَّة في الأدب العربي“.

حاوره: محمد الحمامصي  

يعدّ الشاعر والناقد شريف رزق واحدا من أهم من أولوا قصيدة النثر المصرية والعربية العناية والاهتمام، من حيث المتابعة النقدية، والكشف عن جذورها، ورصد وتحليل تطوراتها وتشكلات ملامحها، واختلافاتها لدى مختلف الأجيال، حتى أن كتبه النقدية تأتي جميعها في هذا الإطار، “شِعرُ النَّثر العربيِّ في القرنِ العشرين”، “قصيدة النَّثر في مشهد الشِّعر العربي“، “آفاق الشِّعرية العربية الجديدَة في قصيدة النَّثر”، “قصيدة النَّثر المصريَّة : شعريَّات المشهد الجديد“، “الأشكال النَّثرشعريَّة في الأدب العربي“.

ومن جانب آخر استطاع رزق أن يحقق تجربة شعرية متمردة في جماليات خصوصيتها، جعلته أيضا يتخذ مكانة متميزة داخل الحركة الشعرية لأبناء جيله من الثمانيين والأجيال السابقة، ومن بين أعماله الشعرية “عزلة الأنقاض”، “لا تُطفِئ العتمة”، “مجرة النهايات”، و”الجثَّة الأولى” و”حيوات مفقودة” وغيرها. وفي هذا الحوار معه، نتعرف على رؤاه فيما يتعلق بالشعر وحركته والثقافة وما يعتمل داخلها من نقاشات.

بداية يؤكد شريف رزق أن المشهد الشعري الراهن يمتلىء بأجيال وتيارات متنوعة، ورؤى عديدة، وإن غلبت على هذا التنوع جماليات القصيد النثري، بشكل واضح، والمزيد من التحرر من آليات الشعريات التي هيمنت في عقود سابقة، ويلاحَظ أن القصيدة النثرية قد تخلَّصت من بقايا مرحلةِ تعريب الشَّكل، وانخرطت في مرحلة تمصير الخِطابِ الشِّعري، عَبْر الارتباطِ أكثرَ بالحياةِ اليومية والشخصية وجماليات المكان، وهذا التحرر الدائم لشعرية قصيدة النثر، جعلها في مُقدمةِ المشهد، هذه هيَ السِّمة العامة.

ويضيف رزق قائلا: “على الرَّغمِ من هذا، نحنُ لا نستطيعُ أنْ نحدد تجربةً واحدةً كبيرةً، بمعنى أن الشِّعريةَ الآنَ أبرزُ منْ الشُّعراء، حيثُ لا طفرَة كبيرة مُميِّزة لتجربة ما، ولا رُؤى مُميزة وَاضِحَة، وعلى الرغم منْ هذا فثمةَ تجدد دائمٌ لمياه الشعرية، وبخاصَّةٍ في مشهدِ قصيدة النثر ومشهدِ شِعْرِ العامية المصرية، فمِنْ بين مشهد يمتلئ بشُعراء عديدينَ من شعراءِ السبعينات والثمانينات والتسعينات، وشعراء بداياتِ الألفيَّةِ الجديدةِ، يُوجَد شعراء آخرون التحقوا بهم، ومنْ أبرزهم: محمد أبو زيد، منتصر عبدالموجود، إبراهيم السيد، محمود عبدالله، جورج درغام، عصام خليل، أشرف الجمال، سارة عابدين، وفي مشهد شِعرِ العامية ثمةَ أصواتٌ مبدعَةٌ، منها: مدحت منير، أسامة البنَّا، صالح الغازي، حاتم مرعي، وفاء المصري، سعيد شحاته، رامي يحيى، عبدالرّحيم يوسف، محمود فهمي”.

ويشير شريف رزق إلى ملاحَظة مهمة، من وجهة نظره، هي أن المشهد المصري لم يعُد منغلِقا على ذاتِه، كَمَا كانَ في العقودِ السَّابقة، فبفضل وسائلِ الاتصالِ الاجتماعي، وأبرزها الفيسبوك، انفتحتْ المشَاهد الشعرية على بعضِها البعض، وتقاربت على نحوٍ لافت، وتفاعلت بشكلٍ كبيرٍ ويوميٍّ، يتعدى الحدودَ الجغرافيةَ، فإلى جانب متابعته نصوصَ أصدقائه الشُّعراء المصريين، يتابعُ رزق في الجلْسَةِ ذاتِهَا تجاربَ أصدقائه الشُّعراء العرب في المشاهدِ العربيَّة المختلفة، وفي المهجر أيضا، ومنهم: صلاح فائق “الفلبين”، وديع سعادة “أستراليا”، نصيف النَّاصري “السّويد”، أمجد ناصر “لندن”، مُنذر مصري “سوريا”، صلاح حسن “العراق”، محمد الحرز “السعودية”، سامح درويش “المغرب”، عبود الجابري “الأردن”، إبراهيم المصري “الإمارات”.

وحول دور الحركة النقدية في متابعة المشهد الشعري، يؤكد شريف رزق قائلا: “إن المشهدَ النقدي خاو، والدور النقدي ليسَ متراجِعا حاليا، بل هو غير موجود منذ عقود، فلا يُوجَدُ التحام نقدي حقيقي بالحرَاك الشعري والسردي، ولا توجد حركة نقدية، ولا تُوجَد جهودٌ فردية حقيقيَة في هذا المجال، المشهدُ النقدي خارجَ أسوار المشهد الأدبي، قد يكونُ هذا الكلام مُستفِزا للبعض، وعليه أنْ يُثبتَ لي العكسَ دونَ انفعالٍ، إن أكثرَ الذينَ يخوضونَ العمليةَ النَّقديةَ لم يتعمقوا في العملية النقدية ولم يخرجوا عن تزمتها القاعدي، ولا يملكون آليَّاتٍ تُسعفُهم للتَّعامل معَ التَّحولاتِ الدائمة في المشهدِ الإبداعي، ومعظمهم مجرد دارسينَ فاقِدِين للتَّربيَةِ النقدية، ودخلاء على النقد، مَحْضُ طلاَّب أنجزوا أبحاثًا ودراساتٍ، تحت إشرَافِ أساتذةٍ لهم، غرباء كذلكَ على المشهدِ الأدبي، المؤسِفُ أنه ليسَ لدينا نقد ولا نقاد حقيقيّونَ، هذه هيَ الحقيقة المُرة بلا أي مُوَارَبة”.

ويرى رزق أن صوت الشعر لم يتراجع، فيقول: “صَوْتُ الشعر الحقيقي هو حيثُ هو دائما، هنا أو في أي مكان، الذي يتغير هو وظيفة الشعر، وقد كانَت للشعر أدوار أيديولوجيَّة سابقةٌ، منذُ شاعرِ القبيلَةِ، حتَّى أمل دنقل وشعراء المقاوَمَة الفلسطينيَّة. ولكن الشعر الذي يُخلِصُ لأدوارِهِ الشعرية، وهو الشعر الأهَم، مكانُه دائما كما تراه حاليا، وأكثر شعر الأيديولوجياتِ له أهمية تاريخية، لكنه لا يملك أهمية شعرية بالضرورة “.

ويشير رزق إلى أن عودة جابر عصفور إلى الوزارةِ تُشبِه عودةَ كمال الجنزوري إلى رئاسَة الوزراء، ويقول: “الرجل يمثل المرحلةَ، واختياره تم بالطريقة الأزلية لاختيارَات المؤسسة، والرجل يفضِل “الأهْلَ والعَشِيرَة”، ويختار من تلاميذِهِ أو أصدقائه، وآخر هذه الاختيارَاتِ اختيارُهُ بلدياته وصديقه محمد المنسي قنديل لرئاسة تحرير مجلَّة “إبداع”. لا تُوجَدُ رؤيَة جديدَة حتى الآنَ، سِوَى تصريحاتِه المثيرَةِ هنَا وهُناك، وكيفَ ننتظرُ منه رؤيَة جديدة وقد كانَ الرجل، في عافيته، أحدَ أبرزِ عقولِ فاروق حسني؟ أنا أرى أن جابر ورجالَهُ لا يليقونَ بالوزارة، ولا أُعول على الوزارةِ في شيء، بل على المبدعين، ولا أرى وزارةَ الثقافةَ، الآن أو من قبل، تمثل الثقافةَ المصْريةَ، بلْ إنها تمثل رؤيَةَ النِّظامِ للثقافةَ، في كلِّ عهْدٍ، وليسَتْ الوزارةُ ككيان مركزي وحدَها، سواء في المجلسِ الأعلى للثقافةَ، أو الهيئة العامة للكتاب، أو الهيئة العامة لقصور الثقافةَ، بلْ أضمّ إلى هذه المنظومةَ الثقافيةَ اتحادَ الكتابِ وتجمّعَ أدباءِ الأقاليم، وأستثني أعدادًا محدودَةً للغاية في كلِّ هؤلاء، تضاف إلى أعدادٍ أكبر خارجَ هذه التكتلات”.

شريف رزق إلى وجوب النظر إلى تراجع فعاليَةِ الثقافة المصرية إقليميا وعالميا، كجُزءٍ منْ تراجُعِ الدورِ المصري على محاور عديدة، لمدةِ عقود طويلة، ويضيف قوله: “أما محليا فالأمر مختلف، ثمةَ حالةٌ إبداعية حقيقية، خاصة في السرد والشعرية الجديدة، وبالطَّبعِ ثمةَ مزيفونَ في كل وقت وأشخاص بتمثيلِهم التَّجربة المصْرية يُهينون مصْر، ثمةَ أناس لهم مصالحُ تُؤدي إلى هذا التَّراجُعِ، والمؤسسة الثقافية مسؤولةٌ عن هذا الإجرام، وأنا أفرق بينَ المنجَزِ الإبداعي الذي يُمثِّلُ الثقافةَ المصْريةَ، وبينَ ما تقدمه المُؤسسة الثقافية من مُمثّلين لها. فهيَ دائمًا تُمارس الإقصاء، ولا تهتم سوى بالاحتفالي، وبرجالها، ولا يعنيني أيضا رواج أعمالِ علاء الأسواني ويوسف زيدان، وأمثالهما من كُتابِ الكتابةِ التجارية كأحمد خالد وعمار علي حسن، ما يعنيني فقط هو متابعةُ الإبداعِ الحقيقي والمبدعينَ الحقيقيِّين، وهم موجودونَ دائمًا، سواء رَضيتْ المُؤسسة الثقافية أو أبَت”.

وعن الأسباب وراء عدم إيلاء القيادة السياسية الأهمية الضرورية لدور الثقافة في مواجهة الأفكار المتطرفة التي تجتاح المجتمع، وإن كان مردّ ذلك هو ضعف ثقتها في المثقفين أو عدم قناعتها بالدور الثقافي، نختتم حوارنا مع شريف رزق حيث يقول: “الدولة لا ترى في معاركها الطَّاحنةِ أن الأزمةَ في أصْلِهَا أزمَة ثقافة، وأن العقولَ المأزومةَ، والأفكارَ المتطرفةَ، والسلوكياتِ البشِعَة التي أظهرتْهَا المَرْحَلة السابقة، مظهر دال على أزمَة الثقافة، ولهذا فهيَ غير معنية بقضية الثقافةَ، وبخاصة في وجودِ رئيس حكومَة لا يتعدّى دورُهُ دورَ المقاول، فكيفَ تكون الوزارة ذات أهمية بينَ الوزاراتِ السيادية أو الخدمية؟”.

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم