الكتابة موتنا السريري وهو ينشط بالسموم والمكدرات وبسيرة الحزن المديد على طول عروقنا الموشومة بإبر القتل الرحيم ، الكتابة زعاف لترياق غبي ينزلق في العدم.
الكتابة عذاب مشروط بمشاعر ممجوجة ومحترقة، الكتابة مجد الزائلين
وحلم الخلود .. الخلود الفكرة الأشد غباءً في العالم .
نريد أن نكتب عن كل شيء ..نلف طرفي العالم في نص واحد، نص مغرور ومليء بالتفاهات نرميها في الكتب وعلى المنابر والنت ونزعق بها في الغابات والجبال والبحار والمدن التي لم نزرها والمدارس والمقاهي وعلى الطرقات وفي ازدحام النهار وفي غليان البركان، وفي أذن سمكة برتقالية تعوم وحيدة في دورق ابيض، ولنسيج أريكة قديمة نرميها من ذاكرة النافذة، نريد أن نتلقف الدنيا بسحبة واحدة من سيكار يثقب رئة احلامنا وينفث الدم، دم أزرق هو دم الكتابة مسكوب على الجدران وينقط على السلالم المكسورة .. من يريد دما ازرق للكتابة ..؟ كتابة تجلس على الأرض وتنظر للسماء .
عندما أكتب في الليل يهرب النوم من نوافذ روحي تتسع الغرفة وتحلق الستائر خارج الشرفة .. الكتابة فرصة للسعادة وللموت من الغبطة وللتدحرج في غبار فرح مؤقت .. الصمت الكسلان يستيقظ في الظلام مثل جنادب الليل تحك انوفها على أشجار الحديقة وتهرش الأرض بحثا عن الديدان .. يجب أن تكون الكتابة مليئة بالديدان ليستطيع الصمت أن يصرخ من الجوع .. الجوع للكلمات المغايرة وللمعارف المدهشة وهي تغرف بصحونها الأزلية منذ ايام الله الأولى على الأرض الغذاء الوحيد مولد الدهشة وجالب الحلم من قرون المستحيل .. من يعلم كيف وجدت الكتابة مرقومة ومنقوشة ومبعثرة في آحافير خيال لاينقطع ،مده الله كحبل للأشقياء الحالبين ضروع وهم يزبد المزيد من التراب ويصب حليب الحلم في البحر .. آه يا نحن المجانين بك كم هو لذيذ هوسنا المغموس في دمك الأزرق من فرط الشحوب نحن أطفالك الجائعين لخبز قسوتك.