عبرت البوابة الإليكترونية للمكتب، وصعدت درجات السلم إلى الدور الثاني قفزا رشيقا، ثم اتجهت إلى الموظف الواقف أسفل لافتة ” الاستعلامات “.
ـ من فضلك. عايز أجدد بطاقة الرقم القومي.
لم ينطق ببنت شفة، وبوجه مضروب ألف صرمة قديمة، أشار إلى المكتب الأول على اليسار في الممر المقابل. مشيت إلى المكتب أفكر في أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأن الدين المعاملة. وخطر لي هذا السؤال: لماذا لم يعد الدين مؤثرا في ناس هذه الأيام؟”.
فوق المكتب قرأت لافتة أخرى نحاسية تصطف عليها جملة: “كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة “!
ترددت قليلا، لكن المكتب الخالي من الموظفين والمراجعين شجعني على الدخول، وظللت واقفا إلى أن جاءت موظفة تحمل في يدها كوبا من الشاي يتصاعد منه البخار.
وضعت الكوب جانبا على مكتبها ومدت يدها لتتناول أوراقي، راجعتها سريعا، وطلبت مني أن أجلس أمام كمبيوتر التصوير لتلتقط لي صورة، ظللت أبتسم ابتسامة خفيفة وأنا أحدق في الكاميرا المنصوبة على الكمبيوتر، خوفا من أن تظهر صورتي كما كانت في البطاقة القديمة، وكأني هارب من كفيل أو مطلوب لتنفيذ عقوبة! مرت دقائق والموظفة تعالج شيئا في الكمبيوتر، وأنا أبتسم للكاميرا بسذاجة حتى خجلت وقررت أن أريح عضلات وجهي من ابتسامتي المصطنعة، استعدادا لإطلاق واحدة أخرى. وفي اللحظة التي سحبت فيها ابتسامتي، التقطت الموظفة الصورة! وقلت في نفسي: ” يا للحظ الذكر، سبع سنوات أخرى لعينة مع صورة أخرى ألعن”.
أنهت الموظفة إجراءاتها، وأعطتني وصل الاستسلام المستعجل بعد أسبوع دون أن تنظر إليَّ! بينما كنت أحدق فيها متسائلا بيني وبين نفسي عن تعيس الحظ الذي يمكن أن يكون أو سيكون زوجها!
في طريق عودتي كانت الشمس توارت، والنسمة الشفافة تلاشت، وأحسست بثقل خطواتي. أما فنجان القهوة فلم يعد له أثر في فمي!