مقتطفات من ديوان “وتهب طقس الجسد إلى الرمز”

موقع الكتابة الثقافي علاء خالد
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

علاء خالد

 

تفاصيل يوم مدرسى

حصة الرسم

كانت ترسم ليلا رحيما لايعى فجره، ليلا يكتمل بذاته، ويمر كغمامة فوق غزالة أنثى وغزالة ذكر يبددان المسافة بين أول الصفحة وآخرها بالركض بحثا عن مصبات المياه.

ورسمت بحيرة زرقاء لتوازى فكرتها عن العطش.

ولم تترك فراغا أبيض ليتمهل فيه القدر وجهه. وإنما ضاعفت السواد فى منتصف الصفحة؛ ليقهر أى بياض يقتص من حلمها.

وكأنثى تجرب ألوهيتها فى التسمية وضعت اسمها واسم أخيها تحت الغزالتين.

 

كان يرسم غزالة تدل على الأنثى. غزالة بثديين راكضين للهرب من فخاخ الأم. ويترك فراغا أبيض ليملأه القدر بمعرفته عن مصير الغزالة.

وفى أعلى الصفحة يرسم بابا معلَّقا، ليدخل منه الصياد صومعة الصفحة، ودائما يدخل الصياد من أعلى، ليمطر رصاصه، كشتاء كونى، على الفريسة.

وبين الغزالة والباب المغلق نصف فتحة على بندقية مغلقة نصف رصاص على رقبة الغزالة، وأسفل البياض المعد للقدر؛ رسم لونين ناضجين لاتفسرهما طفولته، ويفسرهما حدس قابع بأصابعه التى ترى، مثل القدر، مصير كائناته.

 

حصة الدين

 

وفيها يُقسَّم ُ الفصل بين المسلمين والمسيحيين، ويُقسَّم ُ الله بينهما، وتُقسَّمُ الجنة والنار والأعياد، ويختبىء كل دين فى كهف عاداته، ويخفى كل دين، عن الدين الآخر، حبه.

 

درس عيد الأضحى

 

عيد الأضحى؛ هو اليوم الذى أراد فيه الأب السماوى أن يمتحن إيمان المعادن. وهو اليوم الذى سرب فيه الأب السماوى إلى حلم السكين خرافا مُنكَّسة الصوف تسير خلافا لاتجاه رقابها. وهو اليومالذى صعدت فيه السكين لذبح الخراف السماوية. وهو اليوم الذى حملت فيه السكين عذابا وحملت حزنا. وبعده؛ لم تنم السكين. ظلت ساهرة بين أحشاء الأب السماوى، ترجو أن يقصيها عن هذا القدر غير المعدنى، وعرَّت قلبها، ودعته لأن يلامس ، بأحشائه، حرارة المعدن المتألم.

ولم يستمع لها، ولم يعرها قلبا، ولم يعرها راحة صدأ. واستسلمت السكين لقدرها غير المعدنى، واستسلمت لألف رقبة حمراء، واستسلمت لألف صوف مسلوخ، واستسلمت لألف أحشاء كريهة.

وعندما شاهدت مااقترفته يداها؛ ذبلت عاطفتها، واستقرت فى شق بين جبلين، لاتكلم أحدا، ولايكلمها أحد، وحتى اليوم. وجمعت حول قلبها صدأ عظيما.

 

وفى كل عام، فى نفس اليوم، يختبر الله إيمان المعادن.

 

الفسحة

 

بمجرد أن يخطىء بطريرك التاريخ، ويسمح بفضاء محشو بجرس وساندويتشات وحلوى، وبمجرد أن يتلقى الصبى الجرس، وبمجرد أن يدس فتات المعلومات، المتبقية من الحصة الثالثة، فى قاع الدرج. وبمجرد أن يخطو بطريرك التاريخ خارج عتبة الفصل، وبمجرد أن يستلم الصبى السلالم  دفعة واحدة، وبمجرد أن يخفض بصره المنكب على قدميه؛ حتى يلاقى قدم أخته فى آخر السلم. وبمجرد أن يمحقا التراب، وبمجرد أن يفتح لفافته الورقية، وتفتح هى أيضا لفافتها الورقية، وبمجرد أن يتبادلا ساندويتشات الجبنة بالبسطرمة، الجبنة له، والبسطرمة لها، وبرغم أنه لايحب الجبنة، إلا أنه يأكلها كى تكتمل، فى غذائه، محبة الآخر. وهى لاتحب البسطرمة، وتأكلها إمعانا فى يديه المبسطوتين بالطعام.

وبمجرد أن يلامسا بعطشيهما علبة العصير، حتى يستيقظ بطريرك التاريخ، ويغلق الفسحة على قدميهما.

 

حصة الموسيقى

 

كرنفال الأقدام القابعة تحت السلم الموسيقى،والصاعدة رويدا إلى الركبة. كرنفال الهتاف: بلادى بلادى بلادى.

وفى المناسبات يخرجان سوية بألاتهما الموسيقية، هو بالكمان، وهى بالكمان، ليُخضعا طفولتيهما أمام موكب السيد الرئيس.

 

حصة القلب

 

جرس النهاية. المياه درس الخروج على الطاعة، والدخول فى ساحات مهملة، مضاءة بقبور على جناحيها، وتفضى إلى محطة الترام.

وفيها تنيخ الأخت يديها على يديه. وتستثنى إصبعا غائبا فى رحم الأم. الإصبع الغائب هو رسولها للقدر الغائب.

وفيها ينيخ الأخ يديه على يديها، وبإصبع زائد يسد الثقب الذى يتسلل منه القدر.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

منشورات كراسات. الإسكندرية، 1992

 

عودة إلى الملف

 

لوهيتها فى التسمية: وضعت اسمها واسم أخيها تحت الغزالتين.أ

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم