ورغم أن قصائدي التي أرسلتُها إليه لم تر النور، عبر ثلاثة أو أربعة أعداد وربما خمس أو ست أحاديث ممتعة تصاحبها جولات مشي مسافات طويلة، نما دفء في علاقتي بعلاء رغم الذات الواقفة بيننا. اكتشفتُ – اكتشفنا؟ – أن المجلة لا تنشر قصائد، كما أدركتُ أنها المكان الأمثل وربما الوحيد لما كنتُ قد بدأت أكتبه مستكشفاً احتمالات تداخل الصحافة والشعر ومتخذاً من المكان منطلقي المباشر. أنا و”أمكنة” بدأنا في اللحظة نفسها نبحث عن أدبية أكثر تواضعاً وأقرب إلى قارئ الجريدة من كل ما مارسناه ومورس علينا من “أدب” في وسط البلد. ولا أعرف إلى أي حد عثرنا على هذه الأدبية أو كم قارئ جريدة تمكنا من استقطابه. الذي أعرفه أنني من خلال ما كتبته وترجمته للمجلة تعلمت أن أرى كتاباتي خارج التجنيس وإن ليس عبر أي شيء. وجدتُ لكتابتي مسكناً أليفاً ولصورتي ككاتب أسرة أهدأ وأكثر تنوعاً وأقل اعتماداً على العلاقات الشخصية والمكيفات: هذا أهم شيء. الشيء الثاني المهم – وعلاء هنا مجرد نموذج وإن كان النموذج المحوري بوصفه مؤسس المجلة ومحررها – أنني عندما التقيت بعلاء في البداية، بدا لي من كتابته أن شيئاً في نظرته للغير يحجّم إبداعه وأن المشروع الجديد قد يساهم في فك حصار سايكولوجي ما. وأظن هذا قد حدث بالفعل من 1999 إلى الآن. حدث بشكل ملفت في روايته الأولى “ألم خفيف” وفي ديوانه الأخير “تصبحين على خير”، وأظنه مرتبطاً بنجاح تجربة “أمكنة” في الانفتاح على أصوات ومناقب تتجاور دون أن تتصادم. عزلة الكاتب مشكلة لا يحلها الذهاب إلى وسط البلد. ثمة من يسعى إلى سلطة غير أدبية يمرر أدبه من خلالها ومن ثم يتجاوز تلك العزلة، وثمة من يتجنب الظهور كالطاعون. لعل الحل ليس سوى مجلة تسعى إلى التعدد ومحرر نشيط يسكن في الإسكندرية