ملكة الغجر

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

قصص: ثناء حسن

أولاد

-1-

الولد المعتاد على صفعات الشارع أسند ظهره إلى الحائط وبكى؛ إذ لسبب ما اختار الولد الأحمق أن تأتي الصفعة موازية تمامًا لشباك البنت التي يحاول الولد الباكي منذ أسبوع إقناعها بأن تلعب معه.. مجرَّد حظ !

 

-2-

البنت التي لمحت الولد مقهورًا يبكي، والولدُ الأحمق مختال يضحك، والصفعة والمشهد كله من فتحة شباكها، ألقت بأصيص اللَّبْلاب على رأس الولد الأحمق..

الولد الأحمق نظر إلى أعلى مغتاظًا; فهزَّت رأسها للولد الآخر في دلال مبتسمة..

مجرَّد صدفة!

-3-

الأولاد الذين وقفوا مبهورين يشاهدون الموقف كله، والبنت تقف على عتبة باب منزلهم جروا نحوها، وجذبوا الولد الباكي من جلبابه، وأعطوه الكرة ليبدأ في اللعب..

مجرَّد لعب.

 

 

غريق

 

وشْم أزرق.. نقشه خالي على صدره كتب عليه اسمه، وأبيه وقريته. ورسم أسفله صورة جميلة لزوجته بقرطين كبيرين من الذهب حتى إذا جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن أعادوا جسده الغريق إلىقريته.. خالي لا يحب البحر، ولا يريد أن يرقد فتافيت في جوف السمك الشَّرِه.. لذا دَقَّ هذا الوشم، وامتطي مركبه، ورحل…

خالي وقف مطمئنًا وسط الرياح التي لا تشتهيها السفن وكشف عن صدره العريض وتحسس الوشم الجميل وابتسم. السفن.. لا تشتهي الرياح.. لا تشتهي الرحيل.. لا تشتهي الغرق. خالي قبض بكفه على سمكة صغيرة، وبعض الرمال، وعشب عفن.وعندما أخرجوه.. كان صدره العريض مبيضًّا وناصعًا.. ومكان الوشم.. تسكن قوقعة..

 

 

نافذة

-1-

البنت.. كثيرًا جدًّا كانت تنسى طلاء حقيبتها بالأحمر، الأمر الذي كان يعرِّضها لسخرية المارة على الرغم من أنها كانت أكبر أخواتها وتسكن في الطابق الثالث، ناهيك بأن نافذة حجرتها كانت مفتوحة تمامًا في مواجهة البحر!

-2-

الأطفال الذين كانوا يسكنون الطابق الثالث في العمارة المائلة ناحية البحر كانوا يقفون في النافذة كل مساء يراقبون مساحات السواد الهائلة وهي تلتهم زرقة البحر ويرتجفون وقد تشابكت أيديهم من الرعب؛ إذ كانوا دائمًا يتخيلون سيد البحر آتيًا مع الظلام متلفحًا بسواده ليدير شؤون البحر ويعاقب الأسماك الصغيرة لأنها صغيرة ويعاقب الأسماك الكبيرة لأنها تأكل الأسماك الصغيرة ويعاقب الأسماك التي ليست صغيرة وليست كبيرة لأنها ودون استئذان منه شرعت في النمو!

-3-

الرجل ذو المعطف الأسود، كان وحيدًا جدًّا يأوي إلى شقته كل مساء بسيجارة واحدة وكتاب قديم ودون أن يتعثر في الكتب والمقاعد المتناثرة في كل مكان كان يسير في الظلام، وبمهارة يُحسَد عليها كان يخلع معطفه وحذاءه ويشعل السيجارة الوحيدة ليجلس معها قليلاً ثم يبدأ في البكاء وحيدًا جدًّا على الرغم من أنه كان يسكن في الطابق الثالث ونافذة حجرته كانت مفتوحة تمامًا في مواجهة البحر!

-4-

المرأة التي كانت لا تحب الشمس كانت تستيقظ متأخرةً جدًّا كل صباح لتفتح النافذة قليلاً وتحتسي قهوتها وحيدة جدًّا، كانت تخشى حتى من تأمل المارة في الشارع على الرغم من أنها كانت تسكن الطابق الثالث في العمارة الوحيدة ونافذتها كانت مفتوحة تمامًا في مواجهة البحر!

-5-

نافذة الطابق الثالث في العمارة الوحيدة المائلة ناحية البحر كانت خالية دائمًا على الرغم من أنها كانت نافذة وكانت وحيدة وكانت مائلة تمامًا في مواجهة البحر!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*قصص من مجموعة صدرت أخيراً بنفس الاسم عن دار شرقيات

 

 

مقالات من نفس القسم