6 نجوم صنعوا أفلامًا بعد وفاتهم!

2 (2)
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحـمد عبد الرحـيم

للحياة بعد الموت معنى مباشر؛ يقصد حياتنا جميعًا فى العالم الآخر. ومعنى ثانٍ غير مباشر؛ أى مجازى، كأن تقول إن “أداء هذا الممثل سيحيا بعد موته”. ومعنى ثالث، لممثلين نالوا – بالفعل – الحياة بعد الموت، فى هذا العالم وليس العالم الآخر. هه! تظن الأمر مستحيلًا؟ إذًا راجع هذه الحالات..

***********

الحالة الأولى: مثّل فيلمًا بعد وفاته بسنتين!

ما الذى حدث؟ رحل نجم الكوميديا البريطانى بيتر سيلرز عقب أزمة قلبية سنة 1980، لكنه صنع فيلمًا سنة 1982!

كيف؟ لعب سيلرز دور مفتش الشرطة الأخرق “كلوزو” فى خمسة أفلام ناجحة من سلسلة أفلام The Pink Panther أو الفهد الوردى. ثم بعد وفاته، عمل مخرج السلسلة بليك إدواردز على استغلال مشاهد متفرقة منها، كان قد تم إلغاؤها، كى يصنع منها فيلمًا سادسًا. هل كانت محاولة لعرض كل تراث هذا النجم، وتوجيه تحية لعبقريته؟ أم محاولة لاستثمار اسمه وعنوان السلسلة لكسب مزيد من المال؟ لا أحد يعلم، لكن ما نعلمه حق العلم أن هذا الفيلم السادس، (Trail of the Pink Panther أو أثر الفهد الوردى – 1982)، كان مروعًا!

فى الثلث الأول من الفيلم، يجمع المخرج مشاهد لسيلرز، لا صلة بينها، وتنتمى لسنوات مختلفة، بمعلومية أن أفلام الفهد الوردى استمرت من 1963 إلى 1978. ثم يعلن أن “كلوزو” مات فى حادث طائرة، لكن هناك شكوكًا أنه لا يزال حيًا. ينشغل الثلث الثانى والثالث بمحاولات مذيعة تلفزيونية لتتبع “أثر” كلوزو عبر استجواب شخصيات الأفلام السابقة، فى واحد من أكثر السيناريوهات مللًا وفقرًا، لتكتشف فى النهاية أن هذه المذيعة لم تستطع الوصول إلى أى حقيقة، وأنه تم النصب عليك باسم سيلرز!

رفعت أرملة سيلرز دعوى قضائية على صناع الفيلم، باعتباره “إهانة رخيصة لذكرى زوجها”، وفازت بمليون ونصف المليون دولار كتعويض، عندما اقتنع القاضى بدعواها (غالبًا، شاهد الفيلم!). 

************

الحالة الثانية: مثّل فيلمًا بعد وفاته بـ3 سنوات!

ما الذى حدث؟ بيلا لاجوسى، الممثل الهنجارى الأصل، توفى سنة 1956، ثم قام ببطولة فيلم سنة 1959!

كيف؟ بيلا لاجوسى كان نجم أفلام الرعب فى هوليوود الثلاثينيات قبل انحسار شهرته وإدمانه للمخدرات، لكن مخرجًا شابًا اسمه إد وود أعاده فى الخمسينيات، عبر عدة أفلام درجة ثالثة أخرجها بميزانية صفرية. وقبل وفاة لاجوسى، كان وود قد صوّر له لقطات متنوعة ضمن أفلام نصف مكتملة مثل (Tomb of The Vampire أو قبر مصاص الدماء) و(The Ghoul Goes West أو الغول يتجه غربًا)، وهى اللقطات التى استغلها فى فيلم من تأليفه وإخراجه يُدعى (Plan 9 from Outer Space أو الخطة 9 من الفضاء الخارجى). كان الغرض هو وضع اسم لاجوسى كنجم معروف على الفيلم بغية ترويجه، وإكمال شخصيته بأداء توم ميسون، طبيب تدليك زوجة المخرج المختلف عن لاجوسى طولًا وحجمًا، شريطة أن يُخفى نصف وجهه بيده طوال الأحداث ولا يتحدث أبدًا (!!). طبعًا كان الأمر إحتيالًا علنيًّا، وخدعة سخيفة، ومع المستوى السحيق الرداءة للفيلم، تم تتويج كل هذا بنيله لقب “أسوأ فيلم فى تاريخ السينما” فى عدد كبير من الاستفتاءات التى جرت بين النقاد أو الجمهور، ناهيك عن أن إد وود نفسه تم اختياره فى نهاية القرن العشرين كأسوأ مخرج على الإطلاق. الطريف أن الفيلم المذكور قام على فكرة غزو فضائى يُحوِّل سكن الأرض إلى زومبى، أى موتى أحياء، وهو – بالضبط – ما حاول المخرج فعله مع بيلا لاجوسى شخصيًا.. وفشل!

***********

الحالة الثالثة: مثّل فيلمين بعد وفاته بخمس سنوات!

ما الذى حدث؟ بعد الوفاة الفجائية لبروس لى، نجم أفلام الحركة من هونج كونج، سنة 1973، قام ببطولة فيلم سنة 1978، ثم شارك فى بطولة آخر سنة 1981!

كيف؟ قبل وفاة بروس لى، كان قد انتهى من أداء وإخراج حوالى 40 دقيقة من فيلمه (Game of Death أو لعبة الموت)، الذى كتبه وأنتجه أيضًا. ثم استدعى الاستديو المخرج روبرت كلاوز، مخرج (Enter the Dragon أو ظهور التنين)، فيلم بروس لى الأشهر فى أمريكا، لصناعة فيلم كامل من هذه المادة، بالتعامل مع ما تم تصويره، وإضافة مشاهد أخرى عديدة مع 2 من البدلاء، هما: يون بياو و تاى شانج كيم، ليظهر الفيلم كاملًا سنة 1978.

تدور الحبكة حول نجم أفلام الحركة الذى تريد عصابة استقطابه، ولما يرفض تبعث قاتلًا لاغتياله، لكنه ينجو موهمًا الكل بموته، ويتفرغ للانتقام متنكرًا. قضى بديلا النجم معظم وقتهما أمام الكاميرا وراء لحية كثيفة أو نظارات شمسية كبيرة، لكونهما لا يشبهان بروس لى فى شىء! واشتهرت لقطة من الفيلم لواحد منهما يُكلِّم أحد الأشرار، بينما تم تعليق “صورة فوتوغرافية” للى الحقيقى على انعكاس وجه البديل فى المرآة. كى تصدِّق الأمر، وتضحك جيدًا، يمكنك أن تجد هذا الفيديو على موقع يوتيوب إذا ما طبعت بالإنجليزية كلمتى: لعبة الموت + مرآة!

لم يتوقف الأمر عند ذلك، وإنما صنع المخرج نج سى يوون جزءًا ثانيًا بعنوان (Game of Death II أو لعبة الموت 2 – 1981) مستثمرًا لقطات من أفلام لى السابقة، مثل (إدخل التنين)، بالنصف الأول من الفيلم فى أسلوب يصفه الناقد المصرى مدحت محفوظ فى كتابه دليل الأفلام، صفحة 302، كأسوأ ما فى الفيلم لأن “التلفيق والإصرار على عرض هذه اللقطات واضح لأى عين”. وتقوم القصة على أن لى يلقى مصرعه، ثم يظهر أخوه، ويلعب دوره تونج لينج، كى ينتقم؛ أى إنها حبكة الفيلم السابق!

..وهكذا، فإنه عندما يُشار لبروس لى كنجم عاش بعد موته، فإن لهذا دليلًا ماديًّا، بل دليلين!

***********

الحالة الرابعة: مثّل فيلمًا بعد وفاته بـ15 سنة!

ما الذى حدث؟ ظهر الممثل البريطانى العملاق لورانس أوليڤيه كضيف شرف فى فيلم (Sky Captain and the World of Tomorrow أو كابتن السماء وعالم الغد – 2004) رغم كونه متوفى سنة 1989، أى قبل إنتاج الفيلم بخمس عشرة سنة!

كيف؟ حلم النجم چد لو بالتمثيل أمام لورانس أوليڤيه، لذا سعى لتحقيق ذلك فى فيلم من إنتاجه بعنوان (كابتن السماء..). تدور القصة حول بحث البطل، الذى يلعبه لو، عن د. توتنكوبوف الغامض حتى يواجهه قرب النهاية. وفى شطحة جريئة اُختير أوليڤيه ليلعب تلك الشخصية. وعليه، استعان المخرج كيرى كونران بمواد قديمة كان الممثل الراحل صورها لشبكة بى. بى. سى فى شبابه، ودمجها باستخدام الكومبيوتر، مع توليف حوارها كى يناسب دراما الفيلم؛ لنرى مشهدًا يجمع بين النجمين، ويتحاوران فيه معًا!

فى سخرية من صناع الفيلم تجاه أنفسهم، يكتشف أبطال العمل فى النهاية أن د. توتنكوبوف مات منذ زمن، ويعلِّق أحدهم: “أى إننا كنا نطارد شبحًا!” فى إشارة لشبح أوليڤيه الذى تم استدعاؤه فى تلك اللقطات!

**************

الحالة الخامسة: مثّل فيلمًا بعد وفاته بـ22 سنة!

ما الذى حدث؟ ظهر الممثل البريطانى بيتر كوشينج فى فيلم (Rogue One: A Star Wars Story أو الفرس الحرون 1: قصة من حرب النجوم) سنة 2016، رغم وفاته سنة 1994!

كيف؟ أدى كوشينج دور الجنرال تاركن فى فيلم الخيال العلمى الشهير (Star Wars أو حرب النجوم 1977)، ولما دار الفيلم الجديد فى زمن يسبق زمن ذلك الفيلم القديم بقليل، كان لابد من إحياء الشخصية. لكن لأن صناع الفيلم يملكون واحدة من أكبر شركات الخدع السينمائية فى العالم (Industrial Light & Magic أو الضوء والسحر الصناعيان)، لم يرضوا بتأجير ممثل يشبه كوشينج ليؤدى الدور بدلًا منه، وإنما قاموا بإحياء الممثل نفسه عبر تقنيات الديجيتال، مع وضع صوت ممثل يدعى جاى هنرى على صورة كوشينج المستوحاة من أفلامه القديمة، ليظهر الجنرال تاركن بصورة كوشينج بعد وفاته بـ22 سنة، عبر عملية معقّدة استغرقت 18 شهرًا لإتمامها!

**************

الحالة السادسة: مثّل فيلمًا بعد وفاته بـ36 سنة!

ما الذى حدث؟ ظهر الممثل الأمريكى همفرى بوجارت، فى لقطة بفيلم (Last Action Hero أو آخر بطل أكشن) سنة 1993، رغم وفاته سنة 1957!

كيف؟ يروى الفيلم رحلة طفل إلى عالم فانتازى يكمن داخل فيلم سينمائى، وفيه يقابل الممثل أرنولد شوارزنيجر الذى يلعب دور شرطى خارق، ويعمل فترة شريكًا له فى قضية ما. لكن بعدها، يتم فصل الطفل من هذه الشراكة، ويصدر قرار بأن يعمل شوارزنيجر مع الممثل همفرى بوجارت، والذى يظهر – وسط الفيلم الملون – باللونين الأبيض والأسود، متمشيًا فى تجهم وسط أعضاء قسم الشرطة. تم تنفيذ الخدعة عبر قص جسد بوجارت متحركًا، من لقطة بفيلم قديم له، ولصقها داخل هذا الفيلم، وذلك باستخدام أقصى إمكانيات الكومبيوتر جرافيك لعام 1993. كان الأمر تحية لهذا النجم، فى صورة مفارقة طريفة ومفاجأة مذهلة، لاسيما أن العمل حافل بضيوف شرف من النجوم، أمثال شارون ستون وروبرت باتريك، لذا لم يتوقع أحد أن يضم الفيلم ضيف شرف من العالم الآخر أيضًا!

**************

..أظنك عزيزى القارئ رأيت أن حياة النجوم بعد الموت ليست بتلك الاستحالة. بل ستصبح، مع التقدم التكنولوجى، أسهل بكثير!

………………….

نُشرت فى مجلة أبيض وأسود – العدد 28 – إبريل 2014، ثم أُضيف مقطع جديد لها لاحقًا.

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم