محمد الجندي
1- ولادة أبديَّة
… استحضرَني صوت الممرضة عبر الهاتف؛ ولم يهضم السرير تعبي:
حالًا.. ولادة مستعجلة لـ…
استيقظ تفكيري المعتاد في أمرها العَجَب.. كيف تحتمل أن تلد بانتظامٍ أبديٍّ كلَّ هذه التشوُّهات؟!
وصلتُ العيادة.. الأرض تلتحف بالسماء، وبينهما المولود الجديد..
***
2- اللقاء الثاني
يُباغتني موعد لقائنا الأول.. يتَّسع الصباح لمساحات واسعة من الأماني.. تُداعب النشوة قلبَينا.. تُفتِّت نظراتنا جبال الوقت.. الخُطى تفترش غشاوة المساء..
تُودِّعني وفَجر كاذب يُزيِّن شفتَيها:
“دع اللقاء الأول يمر بلا قُبَل، وانتظر لقاءً أبقى…”.
***
3- تنازُل
نادَتْه المدينة..
انجذَب..
اقتلعَتْه من طين قريته.
ساومَتْه..
تجاوَب..
فقدَ القلب شغافه الأخضر.
***
4- تشوُّه
باتَ نومُها العربيد أعمى.. تنغز الغلظة قلب ليلها الوديع.. لم يستكمل ضبابها الغرير رسم فراشات الأمس على حوائطها؛ فضحكة الخفافيش تعقد حاجبيها للمدينة.
***
5- خيال المآتة(*)
صُرصور الحقل يُعكِّر صفو السَّحَر.. هواءٌ باردٌ يُغمِض أطراف سنابل القمح الحُـبلى.. نعيق الغربان يتماوج حول خيال المآتة وهو يمنع أيادي الجوع الغَضَّة انتظارَ نصيبها من حصاد الصباح.
————————————————————-
(*) دُمية خشبية مُغطَّاة بالقماش، تُستخدم في الحقول فزَّاعةً للطيور المعتدية على الزَّرع.
***