حاوره: مصطفى عبادة
صدر للناقد د. يسرى عبد الله كتاب جديد عن دار الأدهم بعنوان “الرواية المصرية.. سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد” عن دار “الأدهم”، التي أسسها الشاعر المصري فارس خضر. يدرس الكتاب تفاعل الروائيين الشباب مع قضايا مجتمعهم ورؤيتهم لها، وشوقهم للحرية في أعمالهم الروائية. حول الكتاب وقضايا الرواية المصرية كان لنا هذا الحوار مع الناقد يسرى عبد الله:
– كيف تجلت مقاومة الاستبداد في الرواية العربية انطلاقا من كتابك “الرواية المصرية.. سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد”؟
– الرواية هي محاولة لتحرير الوعي الإنساني، ولعبة جمالية لصياغة عالم مختلف، ومغاير ينتصر لإنسانية الإنسان، وينحاز للجمال، وينشد الحرية، ويقف ضد الاستبداد، والقبح. والنصوص التي اخترتها في الكتاب إنما تعبر عن تمثيلات واعية ومنتخبة لواقع الرواية الآن، وجميعها تقف في خندق الحرية، وترفض الاستبداد.
لقد أصبحت الرواية في الآونة الأخيرة أداة للمقاومة، ومحاولة لصنع عالم مختلف، وجديد يؤمن بالنظر المتعدد للعالم والأشياء، ولذلك ستجد مثلا النصوص الواردة في الكتاب وعددها 24 رواية، تتخذ من المنطق الديمقراطي للسرد وجهة وغاية لها.
إن النقد انتخاب جمالي، يبدأ دوما من اختيار فني دال، وهنا تتشارك النصوص الروائية المختارة جميعها في كونها تنتصر للفني بالأساس، إنها تعبير عن أن الكتابة لا تعرف السقوف، أو المتاريس؛ لذا فثمة تماسات قائمة فيما بينها، تجعلها أيضا تعبيرا عن أفق مغاير للسرد العربي في لحظة مأزومة، وفارقة، على المسارين التاريخي، والسياسي.
وكتابي المشار إليه يسعى إلى رصد تحولات الرواية المصرية، بدءا من العقد الأول من الألفية الثالثة، وبما يعني أنه مشغول بالراهن المعيش، ومسكون بذلك “الآن/ وهنا”، في تماس نقدي مع المنجز الروائي المصري في صيغته الآنية، وعبر إطار أشمل أهدف من ورائه إلى الكشف وبجلاء عن جدارية السرد المصري بتنويعاته المختلفة، ومراحله المتلاحقة؛ و لذا فثمة تنويعات سردية نجدها في كتابي تنبئ عن أن الكتابة كانت، وستظل، بنتا للتنوع، و الاختلاف، وليست بنتا لأحادية الرأي، وواحدية الاتجاه، ومن ثم تتجاور أجيال مختلفة من الكتابة الروائية في هذا العمل النقدي، تشي جميعها بثراء المشهد السردي، وتنوعه، حيث نجد حضورا لروايات عدد من الكتاب مثل: محمد البساطي، ويحيى مختار، وجميل عطية إبراهيم، وجار النبي الحلو، و فتحي إمبابي، ومحمود الورادني، ونعمات البحيري، ويوسف أبو رية، وسعد القرش، وخالد إسماعيل، وحمدي الجزار، ومحمد الفخراني، وهاني عبد المريد، والطاهر شرقاوي، ومحمد رفيع، ونهى محمود، وغيرهم.
– لاحظت أن عملك النقدي يتركز في معظمه على نقد الرواية، أين يقع الشعر في اهتمامك النقدي؟
– أولا أنا لا أرى أي تراتبية ما بين الفنون الأدبية المختلفة مثلما فعل آخرون من المحسوبين على النقد مجازا، والقائلين بأن ثمة زمنا بعينه للكتابة، فلكل فن أدبي سماته المميزة له، وتصوراته الجمالية الخاصة، ولذا فالشعر لدي قرين للرواية، وربما كان كم الدراسات المتناثرة عن الشعر لم يتح لها الذيوع مثل دراساتي عن النص السردي، وإن كان جل ما كتبته عن الشعر معبرا عن نفسه الطليعي الجديد وأعني شعرية قصيدة النثر التي بثت روحا جديدة في القصيدة العربية، ومنحتها ما أسميه دوما بـ”حيوية الاختلاف”، والتي يمكن تلمس ملامحها المختلفة لدى عدد من أهم شعرائنا، مثل: محمود قرني، وإبراهيم داود، وغادة نبيل، و شريف رزق، وعاطف عبد العزيز، وعلي عطا، أو لدى الجيل الجديد مثل محمد أبو زيد، وتامر فتحي، وعزة حسين، وجورج ضرغام، ومصطفى علي، وغيرهم.
– شاركت في مؤتمر علاقة الشرق بالغرب ثقافيا، هل يمكننا الاستقلال عن التأثير الغربي الآن؟
– لا شك أنه لا بديل عن الاستقلال عن المركز الأوروأمريكي في السياسة والأفكار معا، فالتبعية الذهنية نتاج لتبعية سياسية واقتصادية، وأعتقد أن الثورة المصرية التي سعت لاستقلالية القرار الوطني المصري ستفرز نخبها القادرة على إنتاج أفكار جديدة بنت راهنها وسياقها وظرفها العالمي المتحول والمتغير في آن، والأهم بنت أوانها ولحظتها ما بعد الحداثية بالغة التنوع والتشابك والتعقيد.