نساء يركضن مع الذئاب.. الاتصال بقوى المرأة الوحشية

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

كثيرة هى الكتب التى يمكن للمرء أن يقرأها ويستفيد من مادتها، لكن القليل منها هى التى يمكن أن تتخذ منها دستورا لحياتك،والأقل هى تلك التى تشعر بعد قراءتها أن عظامك تزداد كثافتها فتقوى على حمل آلام جسدك وعذاباته، وأن روحك تتحرر من أغلالها.

وفى مجتمع يحمد فيه الله الرجال أنه لم يخلقهم نساء، فى حين يتصايحون ليل نهار ماذا تريد النساء أكثر من هذا؟بل ويسطحون الأمور إلى درجة الإستنطاع  فتسمع أحدهم يقول ساخراً أين المجلس القومى لحقوق الرجل؟

فى مثل هذا المجتمع حين أجد بين يدى كتابأ يحمل عنوان “نساء يركضن مع الذئاب:الاتصال بقوى المراة الوحشية” ويقول مايدور فى ذهنى وأنطق به على استحياء وسط أصدقائى، وما أشعر به ولاأستطيع أن أترجمه إلى كلمات فيعيد لى اتزاني النفسى، وأنسي حماقات العالم فى دفاعه المستميت عن ميراثه التاريخى، ومحاولاته المفضوحة للتقليل من شأن النساء مرة باسم الثقافة ومرات باسم الدين  أكون ممتنة للمشروع القومى للترجمة الذى أصدره وللمترجم مصطفى محمود محمد الذى نقله إلى اللغة العربية بمهارة ودقة تجعلك تنسي أنه كتاب مترجم.أما مؤلفة الكتاب الدكتورة كلاريسا بنقولا اخصائية التحليل النفسى والقاصة فلاتستطيع أى كلمات أن توفيها حقها سوى ان اطمئنها أن رسالتها وصلت لعشرات النساء وأنهن يؤرخن حياتهن بعبارة ماقبل نساء يركضن مع الذئاب و مابعد نساء يركضن مع النساء .

ومنهن صديقة أهديتها الكتاب فكان أول ما فهمته من العنوان أنه عن قصص لنساء يتسابقن مع الرجال فكلمة رجل فى عقل النساء تقابلها لاشعوريا صورة ذئب متحفز للإنقضاض على فريسته وهذه الصورة ينتشى بها الرجال كثيرا،فهى صورة تعلى من قيمة الرجل الذكورية ،فى حين لا يطلق وصف الذئبة على المرأة حتى من بنات نوعها الا للحط من شأنها، ولكن مهلا فليس كل ما غرسته فينا ثقافتنا حقيقى وخير وأصيل وبعد قراءتك للكتاب ستكتشفين أن وصف المرأة بالذئبة ليس عيبا  فالمرأة والذئبة  ظلتا مطاردتين ومعرضتين للإيذاء المستمر ومتهمتين ظلما بالنهم والميل للمخادعة،والحقيقة أن المرأة القوية كما تقول كلاريسا تشبه الى حد كبير الذئبة فهى نشيطة مفعمة بالحياة والقوة، واعية بحقوقها ،مبدعة، وفية, دائمة التجوال .لكنه المجتمع الذى يقلم أظافرالنساء كى تصبحن داجنات محبوبات من الجميع، فتنفصل المرأة عن طبيعتها البرية ،وكثيرا ما تساهم المرأة نفسها وعن طيب خاطر فى إضعاف شخصيتها وأن تصبح باهتة كالشبح لاملامح لها،وتوضح  الكاتبة فكرتها عن النساء “فنحن لم نخلق ضعيفات يسهل اقتيادنا ،إننا غير عاجزات عن أن نقفز نقتنص،نلد، نهب الحياة، وعندما ينتاب حياة المرأة الركود ويغلفها الملل والرتابة فقد آن الآوان لكى تخرج المرأة (البرية)الوحشية لتفض بعملها الخلاق وتغمر دلتا الروح.

إن المرأة (البرية)الوحشية هى الراعية لكل الرسامات، الكاتبات، المثالات، الراقصات، المفكرات، العابدات، الباحثات، المكتشفات لأنهن جميعا منصرفات إلى أعمال الخيال المبدع وهو الوظيفة الأساسية للمرأة الوحشية(البرية)

ولكى نستعيد المراة البرية الأصيلة فينا تقدم لنا كلارسا مجموعة من المقولات التى تنتشر عبر سطور الكتاب عن الجسد والروح،الدموع والضحك ،عن الأسرار والندوب التى تخفيها النساء، عن الصفقة الفاشلة فى حياة كل امرأة،وعن كيفية النجاح فى الحياة.وقد حاولت استخلاص معظمها كى تكون مرشدا لمن تحاول استعادة روحها المفقودة وقواها الغائبة تقول كلارسا عبر صفحات كتابها الملهم:

– علينا أن نفهم ماهو حولنا, وما يتعلق بنا, ومالذى ينبغى أن يعيش داخلنا ومالذى يتحتم عليه أن يموت, فعملنا أن نفهم كلا التوقيتين: متى نسمح بالموت لما يجب أن يموت وبالحياة لماينبغىأن يعيش.

–  تحتاج الروح حتى فى أفضل الناس الى إعادة صقلها من وقت الى آخر مثل البيت المبنى من الطوب اللبن قليل من السلخ، قليل من التسوية،قليل من التنظيف،قليل من الصقل وبدون ذلك سيفقد البيت شكله وتتداعى الروح.

– إن الروح المحرومة يمكن أن تمتلئ بالألم إلى الحد الذى لا تستطيع المرأة أن تتحمل المزيد منه ،ومن منا لا تعرف امراة واحدة على الأقل تكون فقدت فراستها فى حسن الإختيار لنفسها وأرغمت لذلك على أن تعيش حياة هامشية أو رديئة؟ وربما تكونين أنت نفسك تلك المرأة. ـ أضفى علماء النفس دلالات سلبية على الفضول لدي المرأة بينما وصفوه عند الرجال بالبحث والإستقصاء وهذه المحاولة لتسفيه فضول النساء تنكر على المرأة بصيرتها وحسها الباطن وحدسها الغريزى هى محاولة لمهاجمة القوى الأصيلة

إن المقدرة على الصمود فى وجه مانراه هى الرؤية الحيوية التى تعود بها المرأة الى طبيعتها الحقيقية وهى العمق لكل أفكارها ومشاعرها وأفعالها.

– إن الثقافة التى تتطلب أن يؤذى المرء روحه من أجل أن يتماشى مع تحريماتها لهىثقافة مريضة حقا يدب فيها الفساد وقد تكون تلك الثقافة هى تللك التى تعيش فيها المرأة وبل والأكثر لعنة أنها يمكن ان تكون هى الثقافة التى تسكن عقلها وتهيمن على فكرها.

_ بعد الشتاء …دائما يأتى الربيع ،تأتى حياة جديدة ،منعطف جديد تأتى تجربة جديدة .أهم شئ هو أن تواصلى، أن تصمدى ، من أجل حياتك الخلاقة ،من أجل همومك ،من أجل أن يجئ زمانك وأن تكونى فاعلة ،ومن أجل أعماق حياتك،استمرى.

-لاتنكمشى وتقللى من قدرك اذا نادوك بالنعجة السوداء،البقرة الشاردة ،الذئبة الوحيدة ،هؤلاء ذوو النظرة الغبية البليدة يقولون إن ما يخالف التقاليد والأعراف هو آفة وفساد .إلاأنه ثبت على مر القرون أنه عندما تقفين على الحافة فهذا يعنى أن المرأة لديها عمليا الضمان لأنها تسهم اسهاما أصيلا ،أن تشارك مشاركة مثمرة ومذهلة فى حضارتها.

-حينما تبحثين عن دليل او مرشد ، لاتنصتى أبدا الى أصحاب القلوب الصغيرة أو الضعيفة .كونى بهم رحيمة ،أغدقى عليهم من دعواتك ،وتزلفى اليهم ،ولكن لاتتبعى نصيحتهم

– اذا ما نوديت بأنك جريئة، جسورة، عنيدة، وقحة، ماكرة، متمردة، جامحة ثائرة فإنك على الدرب الصحيح المرأة الوحشية قريبة منك.

-أن تقيدى جمال  الجسد وقيمته وتحصريه فى أى شئ معناه أنك تجبرين الجسد على العيش بدون روحه الصحيحة بعيدا عن هيئته الأصلية ، عن بهجته الحقيقية .

– على المرأة ألا تتخلى عن الفرحة بجسدها الطبيعى ، ألا تشترى الوهم الشائع بأن السعادة من نصيب هؤلاء اللواتى هن على هيئة معينة أو من عمر محدد.

-إن الفكرة السائدة عن الجسد كتمثال هى فكرة خاطئة ، الجسد ليس تمثالا من المرمر. ليس هذا هو الغرض منه، الجسد هدفه أن يحمى ويحتوى ويدعم وأن يشعل الروح والنفس بداخله ،أن يكون مستودعا للذكريات أن يملأنا بالمشاعر لكى يثبت أننا موجودون, أن يمنحنا أرضا صلبة نقف عليها ، يمدنا بالثقل، يمنحنا الوزن.

ماذا نفعل لكى نعيش حياة ناجحة ؟

لاتبددى وقتك تلعنين الفشل ،إن الفشل معلم أعظم من النجاح أنصتى،تعلمى, انطقى ..هناك المزيد من الفرص للتصحيح ،لصياغة حياتنا بالطرق التى نستحق أن نعيش بها.

لكى نعيش حياة حافلة بالنشاط ، ينبغى علينا أن  نبذل تضحيات من مختلف الأنواع اذا أردت الذهاب للجامعة ينبغى أن تضحى بالوقت والمال وتبذلى تركيزا مكثفا فى هذا المشروع، إذا أردتى أن تبدعى يتعين عليك أن تضحي بالسطحية وببعض الأمان، وينبغى عليك ان تضحى برغبتك فى أن تكونى محبوبة من أجل تستجمعى معظم بصيرتك النافذة ورؤيتك الثاقبة.

وسيحاول الكثيرون ممن حولك أن يرسموا لك الدائرة التى عليك عدم تخطيها ..العبى امرحى ولكن داخل الخطوط المرسومة ،لكن هذا وهم تعيشه النساء وعندما تأتى اللحظة الحاسمة سوف تخرج المرأة حتى لو أعادوها قصرا إلى الدائرة فخطوطهم ودوائرهم مصطنعة.

وعن أهمية الضحك والمرح والدموع فى حياة النساء تقول

– الضحك هو الجانب الخفى للجنس عند النساء ،إنه الجانب الطبيعى والأولى والشهوانى وباعث الحيوية ،إنه مقدس لأنه مداو، هو حسي لأنه يوقظ الجسد والعواطف.

–  الدموع هى نهر يأخذك الى مكان ما ،البكاء يخلق النهر حول القارب الذى يحمل حياتك النفسية ، الدموع ترفع قاربك فوق الصخور والأراضي الوعرة وتحملك عبر مجري النهر الى مكان جديد مكان أفضل .

– لاشئ فعله الانسان أو يفعله فى هذا الكون غير قابل للعفو أو، خارج حدود الغفران، فكل واحدة تسئ فى اختيارتها للكلمات والأفعال قبل أن تعرف ما هو أفضل.

_ إن أسوأ صفقة فى حياتنا هى تلك التى نرهن فيها حياتنا المعرفية العميقة مقابل حياة أخري هشة زائلة ،ـ علينا أن نجدد حياتنا فى كل وقت  ويمكن ذلك عن طريق أن نطوي الجراح التى أصبنا بها جراء صفقة خاسرة عقدناها فى مكان ما من حياتنا

سيدتي سواء كنت شخصية انطوائية او منبسطة ، تملكين قلبا بسيطا أو طموحا ، تحسبين الأمور إلى لأقصى حد أو كنت لاتنظرين لأبعد من الغد، مترفة أو تعانين شظف العيش فإن المرأة البرية تنتمى إليك ،إنها تنتمى إلى كل النساء.

وللوصول إليها تنصحك كلاريسا “انزعى عنك أى رداء زائف ألبسونا إياه” وأنا بدوري أنصحك بقراءة الكتاب.

 

مقالات من نفس القسم