القميص الأزرق لــ س

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

  هدى عمران

ما الذي كان يفكر فيه "س" في هذا الصباح عندما مرت العربة الصغيرة بجوار عربة كبيرة محملة بالأقفاص الصفراء المعبأة بالفراخ البيضاء المحقونة بالهرمونات وهي تنعق وتصرخ تنبؤًا بالمذبحة التي ستحدث في أي وقت .

هل كان يفكر "س " في القميص الأزرق الذي اشتراه بالأمس من ميدان العتبة بسعرٍ رخيص واكتشف بعد ذلك أنه "بالة " سكند هاند من آثار المكواة على ياقته . هل كان فعلًا القميص مِلك لقاتل مهووس يدفعه حبه للقمصان لشنق أصحابها وسرقة ملابسهم وبيعها للباحثين عن شكلٍ أنيق . هذا دافع عاطفي جدا ومبرر للقاتل الذي يريد  للملابس دورة حياة جديدة مع أشخاص جُدد . لقد أراد للقتلى الراحة الأبدية و للعالم التخلص من أنانيته.

وهذه الفكرة بالذات جعلت "س" يرتدي القميص دون غسله حتى لا يفقد ما تبقى له من ذاكرة صاحبه الأول . هو الآن في العربة الصغيرة  يرتدي قميصًا أزرق سكند هاند بذاكرة مكوية ومهترأة . و "س" مقتنع بأنه كان ملكا لرجل قتل على يد مهووس بالقمصان . وبجواره عربية نقل بها أقفاص صفراء معبأة بالفراخ البيضاء المحقونة بالهرمونات وهي تنعق وتصرخ تنبؤًا بالمذبحة التي ستحدث في أي وقت .

هل كان يفكر " س" حقًا في شوربة ساخنة أم في الجنس الساخن الذي سيمارسه مع عدة نساء شقراوات يشبهن عاهرات أفلام البورن الأمريكية في السبعينات ، سيضعهن داخل قفص ذهبي كبير وهن يرقصن ويصرخن بصخب ومجون ، سيأخذ واحدة واحدة من القفص ويضاجعها أمامهن  دون أن يخلع قميصه . سيعتليها ويلوجها بعنف وهي ستبكي من فرط الألم وهن سيصرخن منتظرات نفس المصير

أم أنه سيفضل اشهار عضوه  الذي تعاظم بفضل ذاكرة مزدوجة للقميص الذي يرتديه أمام القفص الذهبي  فيستمني على وجوههن ويسمع ضحكاتهن الرقيعة التي ستهز القفص هزات عنيفة قد تبتلع العالم بعدها. بعدها قد يفكر في طبخهن أو في اطلاق سراحهن واحدة تلو الأخرى ليراها وهي تفر في الشارع أمام المارة مفزوعة .عارية وبيضاء

ما الذي كان يفكر فيه " س "  الذي كان يرتدي قميصا أزرق اشتراه من قاتل مهووس غير حفلة جنس جماعية في الصباح .هل كان فعلًا يفكر في المأساة التي ستحدث حتما وهو يرى الشوارع ممتلئة بالدماء ويسمع الصوت الرهيب وهو يشق السماوات و يعِّد 150 ، 151 ، 152  .....

الصوت الرهيب وقتها لن يكف عن العدّ حتى عندما تمر العربة الصغيرة بجوار عربة كبيرة محملة بالأقفاص الصفراء المعبأة بالفراخ البيضاء المحقونة بالهرمونات التي تنعق وتصرخ تنبؤًا بالمذبحة التي ستحدث في أي وقت.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 شاعرة وقاصة مصرية 

مقالات من نفس القسم