عبير عبد العزيز
عندما دخلت الصفر
وجدته فوهة مدفع
حفرة نُدفن بها أحيانا.
الأرقام
بسحرها الخاص
ثلاثة.. ثمانية
أربعة وعشرون
تزداد تلقائيا
تقل تلقائيا
لا تتوقف تلقائيا.
نحن بين هذا
نلهو بأصابع البيانو الأسود
متعللين بالموسيقى.
عندما أقذف بزهر نرد للنجوم
تضحك.
أؤكد لكم أنها تضحك.
ربما أغرتها الفكرة
ربما أرادت أن نصنع شيئا
ربما سخرت واندهشت.
كل ذلك
لا يهم.
فزهر النرد لا يعود.
فلتمتلئ الحصالة بالنقود
ليفور هذا القلب
حتى الجفاف.
لكنني لن أتحرك خطوة
وأنا أرى كل هذا الضباب.
الثمرة النيئة
هي الثمرة التي تُعج بالأحلام
في أعلى الشجرة مسافة
لما لا نبقى بها مدة أطول.
يمشى على أربع..
لا على أربع وأربع و..
فكيف يزحف بهذه السرعة
إلينا..
لا يحدث صوتا
لا تنكسر الأواني والكؤوس
بمروره
فقط شرخ رقيق
يصيب كل شيء
حتى السوائل.
يصنع دوائر محكمة
لم يكن متخفيا
أتى كما يعلمه الجميع
متألقا له هيبة في المكان.
الحزن
مالك الضيعة القديم.
تهتز الشجرة
تفترق العصافير.
ليته تأخر قليلا
حتى تكمل العصفورة
حكاية البيضة
للعصفورة الأخرى
التي لن تكملها
لباقي العصافير.
الخريطة
خيوط من التريكو
شُدت بإحكام
بعُقَد كثيرة
على أكوام كبيرة
من الإبر المثنية.
الكشكول..
ذو مربعاتٍ صغيرة
ربما أرادوا منا..
أن نجيد رسم القطارات
كتابة العناوين
يرفضون بشدة..
ماله أنوف تتلصص
أى شيء له حواف..
تنظر خارج جلدة الكشكول.
الحب يُفسد كل شيء..
يكفينا أننا على إثره..
ننسى عدد الخانات الفارغة..
تحت أرجلنا..
ما جئنا بسببها هنا..
في تلك الغرفة.
علمني أبى
أن أطلق البخور حتى
يختفي أثاث الحجرة
فأسكن أماكن جديدة
لكن..
أعواد البخور لم تعد كافية.
العزلة..
ليست إلا لقاءات متكررة
فى الذاكرة..
استضافات فى الخيال
لجماعات نختارها بعناية
فلمَ الهروب..
من ضوضاء..
لضوضاء..
أخرى ساكنة.
كلما نظرتُ له يضحك
كلما أغمضتُ عيني يضحك
إذا أخفيتُ وجهه تحت ملاءة السرير
مثلاً.. يضحك
أخذته للمقهى
لعل أصدقائي يلهونه قليلاً
لكنه كان يضحك
حاولت الضحك
ليفعل هو شيئاً آخر
لكنه ظل يضحك ويضحك
صرت بحجم غولٍ
عندما أمسكتُ بدبوس شعري المدبب
غرسته فيه..
صار يضحك أكثر ويضحك
يضحك بلونه الأحمر
ويزداد ضحكه إذا صار أبيضاً
يُدمع الأعين من كثرة ضحكه وهو الأسود
ذاك العلم الصغير بكفي
لهذا الوطن الكبير بقلبي
لأن الأعلام من قماشٍ
لأن الأعلام عالية فوق شيء ما
فوق فكرة ما
فوق جسد ما
فوق ثورة ما
فلا تعرف إلا الضحك.
لعلني بجعةٌ في حلم هذا الرجل
الذي أسند رأسه على البندقية
فقط لينظر للسماء
هذا الرجل الذي أفرغ بندقيته بيديه
قال لهم : ليست فارغة
للبندقية نجوم تحيا بها الآن.
الذي تحسس البندقية
رأى بها أمراً آخر
غير الذي تدرب عليه وحفظه عن ظهر قلب
كأنه رأى فتاة للمرة الأولى
تجلس فوق عباد الشمس
تحدثَ للعساكر والقادة وللطيور والعناكب
للعفاريت البيضاء، لغبار جنود المعارك
عن تلك البندقية التي جعلته مضمحلاً
أمام مخاوفه ومخاوف أصدقائه الطيبين
فأفرغ البندقية.
صمتُ البندقية لا يُقاوَم
تلك العاجزة المشلولة
سمحتْ للموسيقى بفراغ يناسبها
سمحتْ للأحلام بمساحة تتسع
فلعلني بجعة في حلم هذا الرجل
لا تملُ الرقص له فوق تلك المساحة
الشاسعة التي زرعها وهو يموتُ
نائماً على بندقيةٍ فارغة.