أحمد عايد
نحن متواطئون جميعًا يا صديقي. لا تخفْ. كلنا أهلٌ. كلنا أعداءٌ. لا هدف لنا إلا الشِّعر.
ليس أمر نصائح الشُّعراء للشُّعراء بجديدٍ. فمِن قبل الميلاد والشُّعراء الصِّينيون الكبار يُؤلفون كتبًا ومنظوماتٍ شِعريةً للشُّعراء الشَّباب تُدرِّس لهم. وفي كُتب الأدب الكلاسيكية العربية تنتشر أمثلة على نصائح النُّقَّاد والشُّعراء الكبار للشَّباب، ولو ذهبتُ أتقصَّى هذا، لطال بي الكلام. ولا يغيب عنا جميعًا رسائل ريلكه التي كتبها لشاعرٍ شابٍّ، والتي تُعدُّ أيقونةً رئيسةً في هذا الأمر. ولا ننسى قصيدة محمود درويش (إلى شاعرٍ شابٍّ)، التي كتبها قبل وفاتِهِ. كذلك مقال عماد أبو صالح (صباح الخير يا حارس الحياة).
ولا يخفى ما تُوليه غير الثَّقافة العربية للنَّصائح، حتَّى وصل الأمر إلى أن يُدرَّس في الجامعات الكُبرى، وصار هناك أساتذة متخصِّصون فيما يُسمَّى بعلم الكتابة الإبداعية، ليس فيما يخص الشِّعر وحسب، بل وما يخصُّ كل أنواع الكتابة؛ الرِّواية، القصة، المسرح، السيناريو، المقال… إلخ.
ليس في النَّصيحة أي استعلاءٍ، وليس فيها أي أستاذية. بل النَّصيحة تُشبه هذا الموقف، رجل يسير في الطَّريق، رأى رجلًا، فسأله كيف الطَّريق إلى كذا؟ فأخبره. فمَن يرى في هذا الأمر فوقيةً أو أستاذيةً! إلا أن يكون صاحب هذا العقل مريض النَّفْس.
النَّصائح ذات منافع شتى للمبتدئ والمخضرم. ففضلًا عن كونها تُوجِّهُ وتلفت النَّظر، فهي نوعٌ مِن التَّضامن. تُشبه التَّربيتة على الكتف. تُشبه الأخذ باليد. تُشبه الدَّعم أحيانًا. تُشبه التَّأكيد على مواصلة ما بدأناه. تُشبه الدُّفع والتَّشجيع.
والأحمق وحده يحسب نفسه -حين يوجِّه نصيحةً إلى أحدٍ- أستاذًا. فكم من ناصحٍ غير منتصحٍ بنصيحتِهِ.
و..
ليس مَن رأى كمَن سمع. واسألْ مُجرِّبًا، ولا تسألْ طبيبًا. وأكبر منك بيومٍ، يعرف أكثر منك بسنةٍ. وأهل مكَّة أدرى بشعابها. وحقٌّ على شاربي الكؤوس التَّناصح فيما بينهم. فاسألوا أهل الذِّكر.
كل هذه الاقتباسات تصلح كمقدِّمةٍ بين يدي ما يأتي من نصائح الشُّعراء للشُّعراء.
يمكنكم تحميل الكتيب من هنا>> من الشعراء إلى الشعراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر وناقد مصري، نشر الملف في (أخبار الأدب) إبريل 2017