أنا الشيطان الذى تخافون غوايته وتحتاطون لشره.. ولكنى لست كما تتخيلون.. أنا مجرد إسكافى عجوز يرتق النعال ويبش فى وجه زبائنه الذين يجعلونه بلا معنى، فكل زبائنى من الحفاة
أنا حوذى لحصان مسلول، حوذى يعمل خادماً عند حصانه الذى يجوب به العالم ليزرع الشرور ويبث نسباً معلومة منها فى الهواء والماء حتى لا يقتل الناس.. فهو فى النهاية يعادى الموت كما يعادى الله.. ويعشق الحياة.. ألا تعشقون الحياة؟!.. هل عند أحدكم من الشجاعة ما يجعله يعلن أنه يريد أن يموت؟!.. ومن أجل من تموتون يا رعاياى البسطاء؟
..
هل تريدون المزيد؟.. أنا فلاح معروق بذراعين خشنين ووجه لوحته الشمس.. فلاح بسيط فى الخلاء تشققت قدماه وابيضت لحيته من أجل أشخاص آخرين.. وحتى لو كنت قرصاناً.. ما الذى يضيركم فى هذا؟
..مالكم أنتم والأمواج والغرقى وليل البحر القاسى؟ ما الذى يعذبكم فى لون رايتى الأسود، أليس لوناً مثل بقية الألوان؟.. لماذا تموتون فضولاً لنزع القماشة السوداء عن عينى اليسرى المريضة، ماذا تتخيلون أن تروا إذا نزعتموها؟.. هل تظنونها مقبرة أخذت اليها أقاربكم الذين كانت حيواتهم مليئة بالعصيان؟ إنها ليست سوى حدقة تالفة.. بئر مهجورة وخاوية.. لا تأتى سوى بالدموع المالحة التى تعمق أخاديد وجهى.
أنا الشيطان وأنا سعيد بهذا.. فما معنى كلمة شيطان؟.. خمسة حروف لا غير بلا معنى، لا يجروء أكثركم تجديفاً أن يسمى ابنه بها.. أو أن يذكرها بينه وبين نفسه بالسوء.. رغم أننى محض إسكافى عجوز أو حوذى مغلوب على أمره.. فلاح أو قرصان.. لم أكن يوماً ملكاً أو أميراً أو قيصراً.. مجرد شبح وحيد له عين مليئة بالخسارات يسيل منها الماء بسبب وبدون سبب .