رحاب إبراهيم
لو كانت المرايا في حجرتها وحقيبتها تنطق كما في عالم ديزني ربما أخبرتها أنها أجمل من سنو وايت..
لكننا لسنا في عالم الخيال، ولا شيء هنا ينطق ليخبر نور أنها جميلة..تريد نور معرفة موقعها في هذا العالم ولا تجده ..ترى نفسها مرة ذات الرداء الأحمر تفر من الذئب ..ومرة هي أليس وكل ما حولها عجيب ..لكن أكثر واحدة تحبها هي سنووايت ..بوجهها الملائكي البريء وأميرها الجميل الذي أيقظها من صمتها وأعادها للحياة.
منذ أن غابت أمها ولم يخبرها أحد إن كانت تتصرف بطريقة جيدة أو سيئة، إن كان ما تقوله صحيحا أم لا ،وطبعا إن كان ما ترتديه جميلا أو لا يناسبها.
ماما كانت تجيد الحكايات، وتشتري لها أجمل الفساتين.. هي لا تذكر ملامحها جيدا، فقط تذكر شعرها البني القصير، وأنينها الذي كانت تسمعه في الليل حين يشتد عليها الألم.
بابا يحضر لها ملابس تشبه ملابس الأولاد، لا تختلف كثيرا عن ملابس أخيها..كما أنه يغيب طويلا في العمل ويعود مرهقا فلا تستطيع أن تسأله إن كانت جميلة وشاطرة أم لا.
أخوها الصغير يلعب بالكرة طول الوقت، الكرة التي كسرت مرآة الصالة مرة، فظلت ترى صورتها مقسمة لعشرات الصور الصغيرة غير المكتملة لمدة تزيد عن شهر، حتى أحضر بابا مرآة جديدة أخيرا.
تحتفظ نور في حقيبتها بمرآة أمها الصغيرة، أحيانا عندما تنظر فيها ترى صورة أمها بدلا من صورتها ..لكنها لا تبتسم لها ولا حتى تغضب ..فقط تأتي وتختفي في لحظة .
حين عادت باكية من حفل المدرسة العام الماضي، أعطاها بابا نقودا لتشتري ما تشاء من ملابس جميلة كي لا تسخر منها البنات مرة أخرى.
لكن نور لا تعرف كيف تختار ملابس جميلة بمفردها، لقد أكملت عامها الخامس عشر وتعرف الطريق للسوق، ولكنها لا تعرف كيف تصبح جميلة مثل باقي البنات.
هل هي جميلة؟
ماما كانت تقول لها ذلك كثيرا…كثيرا
وهي تحاول أن يظل صوتها دائما معها كي لا تحتار أكثر من ذلك
لكن الصوت – كما الصورة – يومض ويختفي
تخرج نور كل ليلة إلى الشرفة، تحب النظر للسماء ومشاهدة النجوم..
قبل أن ترحل ماما بفترة أخبرتها أنها تحبها كثيرا ولكن لا مفر من البُعد ..يوما ما يتحول الناس إلى نجوم، تماما مثلما كانوا قبل أن يولدوا…نجوما أيضا ..
أثناء إقامتنا القصيرة على الأرض ينبغي أن نعيش تماما كالنجوم ..مضيئة وبعيدة وصامتة..
هكذا كانت ماما تقول.