مسلسل إيجار قديم.. عرض جديد للخلافات اليومية بين الأجيال

إيجار قديم
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سما سالم 

مؤخراً ظهر على شاشة الدراما المصرية مسلسلات تروي أحداث اليوم الواحد ضمن إطار قيم العائلة مثل “أبو العروسة” و”أعمل ايه؟!”، وهو نمط يشبه دراما التسعينات في كتابة الشخصية المثالية والقيم المجتمعية التي يجب الحفاظ عليها “من وجهة نظر الكاتب أو صانع المحتوى”، ونجح هذا النمط جماهيرياً لكنه على ما يبدو نجح أكثر في جذب انتباه الفئة المجتمعية الأكبر سناً والتي تحن لأيام مسلسلات ودراما التسعينات في نوستالجيا غير مبررة حالياً لأنها لم تعد تناسب المجتمع ، أو على الأرجح لم تعد لغة مناسبة لجماهير الشباب أو عشاف الدراما منهم.

أجمل ما في الفن هو التأثير العاطفي أولاً وتحقيق متعة المشاهدة ثم التأثير المجتمعي – إن وجد- وهو ما استطاع أن يحققه الكاتب الشاب “عمرو الدالي” مؤخراً مع عرض مسلسله “ايجار قديم” وهو من ناحية يعرض لمشكلة قانون “الإيجار القديم” وهى مشكلة مجتمعية عمرها سنوات طويلة من الجدل القانوني والخناقات بين وجهتي النظر للمالك والمستأجر، ونجح المسلسل في عرض المشكلة بشكل اجتماعي لطيف لا يخلو من لمسة كوميديا محببة لنمط خناقات “القط والفار” ما بين “رمزي” ويمثل المالك (الجيل القديم) و”طارق” الذي يمثل “المستأجر” (جيل الشباب).

 

الخناقات اليومية بين الأجيال -طارق/حسين

اختار الكاتب “عمرو الدالي” فى بدايات حلقات المسلسل فرض شخصية “حسين”(قديم عظيم فخيم متين)-كما يصف التتر في كلمات بديعة ل مصطفى البرنس ولحن لطيف وشيق ل إيهاب عبد الواحد ، وجسد الشخصية العظيم –صلاح عبدالله بإبداع وخفة دم نجح في لفت الأنظار للمسلسل من الحلقة الأولى، وتميز الكاتب في مشاهد الحوار أو (الخناقات) التي جمعت بين حسين وطارق (جديد شديد حديد عنيد) والذي يمثل الجيل الجديد بالطبع.

وجاءت مشاهد الحوار واقعية لهيمنة الأب بحب وخوف شديد لا ينجح في حوار ذكي مع إبنه “طارق” وإنما يركز كما يحدث دائماً مع السلطة العليا (أب أو أم) على رفض سلوكيات الجديد بكل ما فيه ، مع محاولات بائسة من “طارق” في محاولة فهم رفض والده ليس فقط لإرتباط ب “ريهام” والتي تظهر بنموذج شخصية أنانية تضغط على “طارق دائماً وتفرض رأيها ثم تحاول إقناعه بأن هذا هو رأيه هو “طارق نفسه”!

ولكن يحاول “طارق” في يأس دائم بفهم أسلوب والده

“ليه انت دايماً شايف انى حمار وان انت دايما اللى صح؟”

“عشان انت فعلا كده..دى الحقيقة انت حمار ومش فاهم حاجة!”

وفي كل مشهد يدور الحوار حول نقطة “الأب” الذي يحاول حماية ابنه من هيمنة “ريهام” وتعطيله عن حلمه بالغنا بتوريطه في ارتباط باهظ التكاليف في سبيل رضاها فقط!

ويظهر لنا “عمرو الدالي” ذكائه في عرض مشاهد الحوار بين “طارق وحسين” و”طارق وريهام”، في تلميح لأنانية ريهام بشكل فعلي لعرض وجهة النظر بفرضية تأييد وجهة نظر الأب في الحماية (النظام القديم) ، ومن جهة أخرى يعرض لعلاقة الحب التي تجمع “طارق” ب “ريهام” وانها في تلميح آخر قادرة على السيطرة عليه بوجهة النظر الأخرى بذكاء وهيمنة الحب، لكن ما بين خناقات المشهدين والشخصيتين يفشل الأب أو النظام القديم في توصيل وجهة نظره بذكاء فيهجر الإبن طارق شقة الأب والذي رفض أن يتزوج معه في شقته لأنه متأكد انها خطة واقتراح وقرار “ريهام” وليس “طارق”، وفي الأخير يخضع “طارق” لهيمنة “ريهام” بتأجير شقة ايجار “جديد” بتكاليف باهظة ارضاءَ لها وعنداً في “الأب” “حسين” الذي يمثل عمدة العمارة ويجمع حوله الجيران والصدفة تجمعه ب”رمزي” صاحب العمارة حيث يستضيفه شهرين بشقته وقت خلافات الإبن وهجره لشقة الأب لتبدأ بعد وفاته خناقة “المالك والمستأجر”.

وما بين كل هذه الخناقات يفشل “طارق” دائماً في فهم حب والده وفي توصيل وجهة نظره، كما فشل الأب قبل وفاته والأهم من ذلك يفشل في أن يتأخذ اى قرار بنفسه وهذا على ما يبدو النتيجة الحتمية للتربية بهيمنة الحب والحماية الزائدة من سلطة الأبوة.

خناقة المالك والمستأجر/طارق-رمزي

بعد وفاة الأب تتجلى الخناقة التي يستند عليها المسلسل “المالك والمستأجر”، “رمزي” المالك الذي لا يجد شقة يسكن بها لاستغلال كل مستأجر قديم لإقامته بالشقة –حتى لو لم يكن مقيم-ف “طارق” الذي هجر شقة والده قبل الوفاة كرد فعل عنيد لرفض والده لزواجه من “ريهام” يحاول استرجاع إقامته الآن بعد وفاة الأب ليستفيد كمستأجر بالشقة مقابل طرد المالك الأساسي.

 وهنا يظهر “النظام القديم” القانون القديم الذي يحق للمستأجر السكن (طالما كان مقيماً) والجيران الأساسيين وهم يحاولون أن تظل هذه الخناقة تحت سيطرة الود “القديم” وهى مفاهيم بالطبع لم تعد متاحة الآن.

ويأتي ايقاع المسلسل خفيف بلمسة كوميدية وهو على الأغلب أسلوب المخرج “طارق رفعت” الذي نجح من قبل في مسلسل اجتماعي شيق “شبر مية” بإيقاع لطيف وشيق أيضاً ، وهو ما يأتي في صالح الكاتب والمسلسل، حتى الممثلين ف شريف منير يبدو في أداء مختلف ومميز، وكل طاقم التمثيل حتى الوجه الجديد “الهام وجدي” في أداء مفضل جداً.

قديم عظيم فخيم متين/ جديد شديد حديد عنيد

كما نجح “طارق رفعت” المخرج في رسم ايقاع شيق ومنبط لأحداث المسلسل” والكاتب “عمرو الدالي” في كتابة مشاهد حقيقة وحوار واقعي يشبه المشاهد وغير متحيز، أبداع كاتب التتر “مصطفى البرنس” في وضع كلمات لتتر أغنية المسلسل كعرض بديع ذكي ولامع لفكرة المسلسل في الجمع ما بين كل القديم والجديد مع لحن خفيف ومناسب ل إيهاب عبد الواحد نجح في لفت انتباه المشاهد.

الكلمات جاءت رشيقة مع اللحن ونبرة صوت هشام عباس كمثال للجيل الأكبر وللجميل محمد الشرنوبي كمثال للجيل الأصغر وجاء الدويتو لامع ما بين نبرتي الصوت لكلاهما وللكلمات الجميلة كلمسة إبداعية حرفية اخرى أضافت للمسلسل الكثير من النجاح، ويتوقع كإمتداد لهذا النجاح تأثير وتفاعل مجتمعي مع خناقات “رمزي /طارق” قد تكون بداية لحل قانون الإيجار القديم.

وكلام قديم

جديد خفيف اسلوب ضعيف كلام لطيف

يابنى انتوا مين وسمعتوا مين

عاجبنا حالنا عايشين خالينا زوقنا وحرين فيه

قديم عظيم فخيم متين

جديد شديد حديد عنيد

روش نغش حرش اصول ادب واللى مالوش قديم مالوش جديد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتبة وناقدة مصرية

مقالات من نفس القسم