متاهة الكائن الوحيد في مجموعة “أكثر من متاهة لكائن وحيد” للشاعر محمد السيد إسماعيل

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أمل سالم

في ديوانه، “أكثر من متاهة لكائن وحيد”، يقدم محمد السيد إسماعيل تجربة ترتكز على فلسفة تتقاطع مع النسق العام للعصر الذي نعيش فيه؛ إذ يبدو النص وكأنه مرآة تعكس طبيعة الحياة، ليس فقط طبيعة الحياة في ظاهرها، إنما بشكل أدق طبيعة تلقي الحياة، ومردودها على نمطي التفكير والشعور لدى الإنسان بصفة عامة والشاعر بصفة خاصة. وعلى الرغم من تعقد وتراكب التجربة إلا إنها جاءت في نصوص قصيرة، مكثفة المعنى، بسيطة المفردات، سهلة التراكيب؛ فلأن الهدف كان توظيف صور المشاهدة بغية خلق عالم موازٍ يدعو إلى التأمل وإعادة تنظيم أوليات الوجود الحقيقي لخلق العالم الشعري المستهدف والخاص.

جاء عنوان المجموعة الشعرية -ويحق أن نطلق على هذه النصوص تسمية المجموعة الشعرية؛ كون أن هناك ثمة موضوع عام تتناوله ويربط بين نصوصها- متضمنًا مفهومين أساسيين ترتكز عليهما نصوص المجموعة، الأول، مفهوم المتاهة؛ التي هي في ظاهرها مجموعة طرق، منها البسيط ومنها المعقد، بعضها مضلّل والبعض صادق مستقيم. غير أننا نخلص من نصوص المجموعة ما يؤكد أن المتاهات متعددة، وعلى الرغم من أن المتداول في التعامل مع هذه المفردة أن تجيء على حالة المفرد/ متاهة؛ وهو المعمول به في الروايات، كرواية الخيال العلمي “عدّاء المتاهة” لجيمس داشنر، إلا أننا هنا نجد أنفسنا بصدد حالة واحدة متضمنة إحالات متعددة، والحالة تستلزم عددًا من المتاهات؛ كونها ستصب في نظام التفكير ومن ثم ترتد إلى نظام الشعور أو العكس، باعتبار أن كلًا من التفكير والشعور نظم لها قوانينها النظامية المسيّرة؛ فالتأثير والتأثر بينهما يشكلهما في دائرة، فما أن تتأثر طبيعة التفكير ويتغير الإدراك العقلي إلا ونجد مردود ذلك على النظام الحسي والشعوري لدى الذات المتخيلة/ الشاعرة داخل نصوص الديوان، البالغ عددها ثلاثة وعشرين نصًا.

على أن المرتكز الآخر الوارد في عنوان المجموعة الشعرية، هو: “كائن”، وعلى الرغم من تعددد الكائنات في الطبيعة/ الوجود إلى أننا نستنتج -ونتلقى من النصوص- أن الكائن الوحيد في ظاهره هو شخص واحد، وباطن الأمر: إنه الإنسان؛ فهو الوحيد بين الكائنات الحية جميعها الذي له علاقات مباشرة وغير مباشرة بالمتاهات، وكلما حل متاهة وجد ذاته في متاهة أخرى؛ فجميع مراحل التطور البشري أوجدت متاهات، فالثورة الزراعية أوجدت متاهة لها علاقة بالأرض والزراعة وأنماطها ومواسمها، والثورة الصناعية أوجدت متاهة المنتج والموارد وحساباتها الاقتصادية، وكذلك الثورة المعلوماتية وثورة التقنية اللذان أوجدا متاهة أعمق وأشد تعقيدًا وهي: التفكير الشبكي، وهو نمط التفكير المتداخل، والذي يمكن الدخول إلى عوالمه من مداخل متعددة، والمختلف تمامًا عن التفكير الخطي والذي ليس له سوى مدخل واحد هو البدايات، وهكذا..حتى اكتشاف علم من العلوم -العلمية كان أو الإنسانية- يُوجِد متاهة لا تنتهي، ودائمًا ما نجد أن كل خطوة في هذه المتاهة هي بناء وإضافة إلى ما وَلجنا فيه.

أذن ماذا؟

إذن نحن نصدد عنوان تم اختياره في منطقة تتراوح بين الدلالات المفتوحة والتحديد، فالدلالات المفتوحة لكونها ممكنة، حيث التعددية أمر ميسّر، والتحديد لأنه لا طريق آخر سوى القصر على الإنسان في تلك المتاهات. ونضيف أن العنوان جاء محددًا للمجموعة، حاكمًا لنصوصها من حيث السياق والدلالات، وأيضًا منظِّمًا لعلاقات متوارية -وخلفية- بين النصوص وبعضها.

وأذا كانت نصوص المجموعة ستهتم بمراقبة الوجود عمومًا فإننا نجد أن النص الأول من نصوص المجموعة بعنوان: “آثار النداء”، إذ يبدأ الشاعر في التأسيس لهذا العالم الذي أشرنا إليه سابقًا، فيعرج على فكرة الخلق من وجهة النظر الدينية في العموم، وكلها متشابهة إلى حد ما سواء بسواء ما يطلق عليه ديانات سماوية أو حتى الوضعية كما جاء في مصر القديمة مثلًا، فهناك دائمًا الواجد الأول لعملية الخلق، وتكوين الوجود، وهذا الواجد هو الذات الإلهية في الديانات السماوية، وهو أيضًا مرموز له في الديانات القديمة، كرع في ديانة مصر القديمة، فيقول في نصه الأول “آثار النداء”:

(لم تكن الأميرة مجرد نجمة تائهة/ ولا طيفًا عابرًا طرق بابك الصغير/ كانت أشبه بكلمة الرب التي تقول للشيء : كن فيكون)، إن جملة “كلمة الرب” مصطلح ديني مسيحي أطلق على السيد المسيح؛ إذ اعتبرته الأناجيل القانون المبثوث في الكون. هذا سنجده ضمن الأنساق الثقافية المضمرة في النصوص، ونجد أنها متتالية، تكمل بعضها في آن، هذا ما يجعل العملية الإدراكية للرؤية الكلية للنصوص تحيلنا إلى البناء التصاعدي للفكرة، وهي تكوين العالم الخاص منذ نشأته/ خلقه، ثم بناء جزئياته، ثم نهايته. ولأن هناك من له القدرة على إحداث الوجود، فجاءت يد قادرة على الخلق، وهذه اليد تظهر بوضوح في بداية النص الأول: وعنوانه: (آثار النداء)، فيقول: (ليلتها أمسكت باليد البعيدة/ واعتصرت حنينها ونشوتها/ وتطوحت في منتصف المحيط/ بينما كل شيء غائم ومتأرجح)، ويد القدرة تلك، اليد الفاعلة ستظهر مرات عديدة، وبصفات مختلفة؛ فهي طيّبة في النص الثاني، وهو بعنوان: (حكمة الألم)، إذ يقول: (تقول لى يدك الطيبة: ليلك محروس بإله القمر/ ونعمة النجوم). وهي اليد القابضة على الجمال والتفرد في النص الرابع، وهو بعنوان: (قريبا من ماء البئر)، إذ يقول : (لم يكن في يدي سواك/ سوى هذه النعمة البيضاء)، وهي اليد المغلولة في النص الخامس، وعنوانه: (داء الشجرة)، فيقول في نهاية النص: ( ويقول: هذه هي حياتك/ لا تستقر على شيء/ جوع دائم… ويدان مغلولتان) واليد الواهنة في النص الثامن، وعنوانه: (كف رحيمة)، يقول: ( أموت في صمت؟/ أنحنى أمام جلال لا أراه؟/ أم هل أظل هكذا/ تائها/ وذاهلًا عن كل شيء/ ولا أرى سوى يد واهنة.. معروقة./ تبحث في الضوء الشحيح وحدها/ عن كف رحيمة/ تزيح كل ذلك الظلام). ونظل هكذا في تتبع حالات اليد –باعتبارها القدرة الفاعلة، وكأنها تجلّي ذوات- إلى أن ينتهي النص الأخير باليد التي بدأ بها النص الأول، خلق ونهايته، يقول في النص الأخير، وهو بعنوان: (اليد التي أعرفها) 🙁 أينما وليت وجهي أرى عينيها الجاحظتين ومخالبها/ المدماة/ فأصرخ: هذا هو دمي/ دمي الذي يتساقط قطرة قطرة صانعًا بركة واسعة/ تخرج منها يد أعرفها/ اليد التي تشدني عنوة/ لذلك القاع العميق)، فيما يبدو أنه مساءلة الوعي للوجود باعتباره قاعًا عميقًا، مجذوبون نحن له دائمًا.

وهناك تقاطع مع الذوات الغيبية التي توجه لها الذات الشاعرة الخطاب، فرغم تناص اليد في المجموعة مع مفهوم اليد القادرة والفاعلة دينيًا، إلا أنه يحدث تمرد للذات الشاعرة على المفاهيم الاعتيادية، فنجده في النص السادس، وهو بعنوان (الباب الوحيد)، يقول: (أنا أسير الوهم/ وسيد الخرافة/ يدي قليلة يدي قليلة وبعيدة عني).

المتاهة والتناص الدال:

 إن مصطلح التناص قد استعمل كأداة إجرائية لنقد النصوص وتفنيد عوالمها الثقافية والجمالية؛ لما للإنتاجية الشعرية المعاصرة من قدرة على استعادة نصوص أقدم، والارتكاز عليها، بشكل ظاهر أو بشكل خفي أحيانًا. هذا ما دفع دي سوسير إلى اعتبار أن سطح النص مركب، تبنيه وتحركه نصوص أخرى حتى ولو مجرد كلمة مفردة.

إن عنوان المجموعة نفسه يمكن أن يأتي عبر التناص، فمفردة “متاهة” تحيلنا إلى الميثولوجيا الإغريقية؛ حيث متاهة المينوتور؛ وهو الوحش الدموي الذي سجن في متاهة أسفل قصر الملك ماينوس.

وهنا داخل النصوص نحن أيضًا بصدد تناص قرآني يبدأ من السطر الثالث في المجموعة “كن فيكون”، وهو تناص مع الآية القرآنية “إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون”، وهذا ما يمكن اعتباره تناص الحالة، وهو تناص في إدراك حالة الخلق، فإذا كان الخلق ذو التناول الديني يستلزم زمنًا ذا طبيعة خاصة، وهو اللازم طبقًا للمفهوم الديني، الذي يتجلى بوضوح في مفهوم التصوف للحظة الخلق، وهو انعدام الزمن، فإننا هنا نجد الذات الشاعرة في النص تشير إلى الزمن بمفهوم موازٍ لذلك، فيقول في النص الأول، وعنوانه: (آثار النداء):(حينها حملتنا اللغة ذات أمسية لم أعد أذكرها/ حيث الزمن بلا معنى/ مجرد تقريبات بشرية لمحيط هادر من اللحظات).

وكذلك في النص الثاني، وعنوانه: (حكمة الألم)، إذ يقول: (تقول لي عيناك بعد شتاء عاصف: كل شيء هالك إلا وجهي/ يقول لي الألم: لن تجد صدرًا حانيًا مثل صدري)، وفيه تناص مع الآية القرآنية/ من سورة القصص: (كل شيء هالك إلا وجهه). وهكذا: في النص السادس، وعنوانه: (الباب الوحيد)، يقول: (بعد مجاهدات طويلة من البكاء والنداء/ فخلعت نعلي/ وتمنيت أن أظل فيه/ عشر سنوات متتابعة)، فهنا تناص مع قصة موسى النبي، وقصته مع النبي شعيب، وكذلك في النص السابع، وعنوانه: (سنديانة قريبة) حيث يقول: (كيف مررت -هكذا- ببساطة/ فوقع كل شيء/ انشق قمر وتصدعت أرض)، وفيه تناص مباشر مع سورة الانشقاق، وغير مباشر مع الزلزلة.

وهناك أيضًا التناص مع الأحاديث القدسية؛ يقول في النص الأول، وعنوانه: (آثار النداء): (يكفي أن ألاحظ اتجاه النظرة/ أن اتبع الرائحة/ أن أرى ما لا عين رأت/ عندئذ سأكون قادرًا على ترتيب المكان)، وكذلك في النص الرابع، وعنوانه: (قريبًا من ماء البئر)، إذ يقول: (لم يكن في يدي سواك/ سوى هذه النعمة البيضاء/ النعمة التي لم ترها عين/ ولم تخطر على قلب بشر) وهما موضعان للتناص مع الحديث القدسي: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.)، وكذلك في النص الرابع (قريبًا من ماء البئر)، حيث يقول: (تأكد إذن/ أن هذه فرصتك الأخيرة/ لكي تجرب -مرة واحدة- أن تكون بلا فكرة/ تحميك من عماء الطبيعة) وفيها تناص على مستوى المفردة مع الحديث الشريف: (أين كان ربنا تبارك وتعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: كان في عماء، ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق العرش ثم استوى عليه.)

هناك أيضًا تناص مع مقولات شهيرة مثلما نجد مع مقولة الفيلسوف الفرنسي سارتر في مقولته الفلسفية: (الجحيم هو الآخرون)، التي يعنى بها تأثير الآخرون السلبي على عوالمنا، نجد في النص الحادي عشر، وعنوانه (الهؤلاء) -وفيه تناص مع رواية الهؤلاء لمجيد طوبيا-يقول: (الجحيم ليس أن نمضي سريعًا،/ قبل أن نرى مواضع أقدامنا/ وقبل أن ننتبه إلى الجسد القاتم/ الملقى على قارعة الطريق/ وليس امرأة تخون -دائمًا- عشاقها/ بل جماعة لا ندري من أين أتت/ لكنها تصنع كل ليلة/ أمام أعيننا جميعًا/ تلًا كبيرًا). وهكذا أيضًا مع مسرحية (أنظر خلفك في غضب) لجون أوزبرون، والخرتيت ليوجين يونسكو.

المتاهة كحالة تساؤلية

إن التساؤل في المجموعة -وفي معظم الشعر- يعبر عن قلق الشاعر إزاء مكونات الوجود، والتساؤل في حد ذاته يعد عاملًا محفزًا لتلقي النصوص، وهنا يعمل التساؤل في صوره المتعددة (القطبية-المعلوماتية-المعرفية..) فاعلًا في النص، وقادراً على محاكاة الحدث الشعري، وبذلك يعمل على تحوّل النسق الشعري إلى منظومة متجددة من الرؤى والدلالات المفتوحة.

في النص الثاني، وعنوانه (حكمة الألم) ينتهي النص بالسطر الشعري التالي: (فما الذي يغريك -هكذا دائمًا- في لعبة الحياة) فيما يظهر أن هذا هو الأساس الرئيس للتساؤل القائم في نصوص المجموعة؛ وقفة مع الحياة. ونجد أننا بصدد نصوص نثرية مفعمة بالتساؤلات، وقد تأتي متتالية مثلما حدث في النص الثاني، وعنوانه (كف رحيمة)، يقول: (كأن حرابًا كثيرة مجهولة سوف تشرع فى وجهى/ ماذا علي إذن أن أفعل؟/ أتلاشى مثل قطعة ثلج؟/ أموت في صمت؟/ أنحنى أمام جلال لا أراه؟ أم هل أظل هكذا
تائه وذاهلًا عن كل شيء/ ولا أرى سوى يد واهنة.. معروقة./ تبحث في الضوء الشحيح وحدها/ عن كف رحيمة/ تزيح كل ذلك الظلام).

وهذه التساؤلات تجيء كمحاولات للخروج من الاعتيادي في تناول المشكل الوجودي عمومًا، وهي أيضًا وسيلة لإعمال التفكيك فيما ثبت من حلول تقليدية، كما أن طرح التساؤلات -بهذا النمط- وتركها مفتوحة ينفي عن النصوص فكرتي: رفض التوصيل، وتجاهل المتلقي، اللتان تتهم بهما قصيدة النثر غالبًا؛ فالتوصيل هنا قائم على تفعيل ذاتية التلقي وليس آتيًا من الخارج بصورة جاهزة، كما إن المتلقي مطالب بصورة غير مباشرة بالتواصل مع النص عبر إجابة هذه التساؤلات المتعددة، أو على الأقل اختيار أحد الطرق المتعددة الماثلة في مبدأ الاحتمالات، وليس تحويله إلى يقين، وإنما زيادة احتماله في تلقيه للنص. وهذا بالضبط ما يتناسب مع فكرة حل المتاهة باعتباره معضلة تقوم على ترجيح الاحتمالات.

المتاهة والاعتراضية:

إذا قلنا أن الجملة الاعتراضية: هي الجملة التي تعترض بين شيئين متلازمين، لتقوية الكلام، أو توضيحه، أو تحسينه. فإننا بصدد عدد من الجمل الاعتراضية الواردة في نصوص هذه المجموعة يبلغ عددها قرابة الأربعين، وهي ليست مجرد جمل مقحمة بين ركني الجملة، أو بين وحدتين اسنادتين، إنما هي مترابطة مع الجملة الأصلية، وغير معزولة عن معنى التركيب الإسنادي المعترضة بين أجزائه.

ففي النص الثاني، وعنوانه (حكمة الألم) تأتي الجملة الاعتراضية في السطر الشعري هكذا: (فما الذي يغريك -هكذا دائمًا- في لعبة الحياة) توضح الفرق الكبير بين الجملة الأصلية وتأثير دخول جملة الاعتراض عليها؛ فالحملة الأصلية حالة واحدة، وبعد إدخال جملة الاعتراض أصبحت حالة متكررة، وهي بذلك جملة اعتراضية ضمن المتن وليست هامشية.

وفي النص الثالث، وعنوانه: (سدرة المنتهى) تقابلنا الجملة الاعتراضية (الطريق الذي ربما ينتهي -دون أن أنتبه، بعد هذا الحنين الطويل– إلى سدرة المنتهى) فإضافة جملة (دون أن أنتبه) يعطي تعزيزًا لمبدأ الاحتمالية الذي حملته مفردة ربما، كما أن حال الطريق يمكن تخييله عبر نعته بالطويل التي وصفت الحنين، وهي أيضًا بذلك جملة اعتراضية ضمن المتن وليست هامشية يمكن اسقاطها.

وفي النص الخامس، وعنوانه: (داء الشجرة)، يقول: (أعضاءها -أقصد أغصانها- التي تنوء بالثمر؟)، وهي هنا للتفسير وإيضاح الرؤية، وقد تبدو أنها لترجيح اليقين، لولا أن نظرنا إلى النص ككل فالتساؤلات كلها تصب في ربما والاحتمالات.

وعلى ذلك فإن وجود هذه الجمل الاعتراضية، فبالإضافة إلى أنه يشكل في بنية القصيدة العوارض التي قد نجدها في المتاهة -فقط-بشكل كتابي، يعطي معانٍ إضافية إلى أحوال الأسطر الشعرية الأصيلة، كما أن وجود الجمل الاعتراضية -وبهذه الكثافة-يعمل على إثارة الانتباه إلى شعرية المعرفة، فالجدران التي تعترضنا في المتاهات يقابلها في الحياة معارف تعترضنا، ولاتنتهي.

 

مقالات من نفس القسم