شعر: إيميلي ديكنسون
ترجمة وتقديم: نبراس الحديدي
أمضت الشاعرة الأمريكية “إيميلي ديكنسون” (1886-1830) معظم سنين حياتها في حالة من العزلة الشديدة والحداد على وفاة عدد من أفراد عائلتها ومعارفها، فاستحوذ الموت على نتاجها الشعري، حيث رفضت الزواج وامتنعت عن استقبال الزوار لتلازم بيتها لا تغادره إلا للضرورة القصوى، مكرسة نفسها للكتابة، إذ كتبت ما يقارب الألفي قصيدة، لم يُنشر منها خلال فترة حياتها سوى 11 قصيدة في بعض الصحف المحلية بأسماء مستعارة، وتركت لأختها وصية بأن تحرق كل رسائلها وأغراضها، لكن الأخت لم تنفذ الوصية فيما يتعلق بأشعارها لشدة إعجابها بما كتبته من نصوص صنفها هارولد بلووم (جامعة بيل) ضمن أهم 26 كاتباً وكاتبةً غربيين عبر التاريخ.
وفي قصيدتها “لأنني لا أستطيع أن أوقفَ الموت”، تصور إيميلي ديكنسون لقاءً وثيقاً مع الموت والخلود، حيث تستخدم تجسيداً لتصويرهما كشخصيات.
**
لأنني لم أستطع أن أوقفَ الموت
إيميلي ديكنسون
لأنني لم أستطع أن أوقفَ الموت
فإنه استوقفني بكل لطف؛
حملتنا عربة الموت لا يرافقنا
سوى الخلود.
.
بتأنٍّ كنَّا نقود العربة،
فهو لا يهوى الاستعجال
وأنا تركت خلفي
مشاغلي، وأوقات فراغي حتى
تأدُّباً أمام لطفه.
.
مررنا بالمدرسة حيث يلهو الأطفال
وحيث الواجبات المدرسية
نادراً ما تُنجز؛
مررنا بالحقول
حيث سنابل الحبوب تحدّق،
ومررنا بالشمس التي شارفت على المغيب.
.
لبرهة توقفنا
قبالة منزل بدا كأنه
مجرد انتفاخ في الأرض؛
السقف بالكاد يُرى،
والحدود حوله
ليست سوى ركام.
.
قرون طويلة هي الحيوات
غيرَ أن كل حياة منها
تبدو أقصرَ من يوم
وكما خمَّنتُ بداية
كانت رؤوس الخيل
هي الأولى في طريقها
صوب الأبدية.