كاميلا شمسي: أطمح لأن تكون كل رواية أكتبها هي الأجمل

69.jpg
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إيهاب الملاح

تمثل الروائية الباكستانية كاملة (أو كاميلا) شمسي، المولودة بكراتشي الباكستان عام 1973، ظاهرة روائية فريد في المشهد الأدبي العالمي، إذ بمجرد صدور روايتها الأولى «في المدينة بجوار البحر» حققت نجاحا كبيرا ولفتت إليها الأنظار بشدة، ورسختْ ذلك النجاحَ الكبيرَ بصدور رواياتها التالية التي حصدت عديدا من الجوائز على المستوى العالمي، وترجمت إلى لغات كثيرة، واستحقت عن جدارة تلك المكانة التي تحتلها الآن بعد أن تميزت كروائية نشأت في أقاصي الجنوب الآسيوي، في التقاط المتغيرات التاريخية والاجتماعية والحضارية في المجتمعات الآسيوية العريقة ذات الخصوصية الحضارية كالهند والباكستان واليابان وغيرها، ورصد أثرها في الجغرافيا والسياسة والعمران البشري، ولعل هذا ما يفسر سر الإقبال الكبير على ترجمة روايات شمسي إلى لغات عديدة..

 

إيهاب الملاح

تمثل الروائية الباكستانية كاملة (أو كاميلا) شمسي، المولودة بكراتشي الباكستان عام 1973، ظاهرة روائية فريد في المشهد الأدبي العالمي، إذ بمجرد صدور روايتها الأولى «في المدينة بجوار البحر» حققت نجاحا كبيرا ولفتت إليها الأنظار بشدة، ورسختْ ذلك النجاحَ الكبيرَ بصدور رواياتها التالية التي حصدت عديدا من الجوائز على المستوى العالمي، وترجمت إلى لغات كثيرة، واستحقت عن جدارة تلك المكانة التي تحتلها الآن بعد أن تميزت كروائية نشأت في أقاصي الجنوب الآسيوي، في التقاط المتغيرات التاريخية والاجتماعية والحضارية في المجتمعات الآسيوية العريقة ذات الخصوصية الحضارية كالهند والباكستان واليابان وغيرها، ورصد أثرها في الجغرافيا والسياسة والعمران البشري، ولعل هذا ما يفسر سر الإقبال الكبير على ترجمة روايات شمسي إلى لغات عديدة..

وبمناسبة صدور الترجمة العربية لروايتها الخامسة «الظلال المحترقة»، الصادرة منذ أيام قليلة عن (دار بلومزبري ـ مؤسسة قطر للنشر)، وهي الأولى لكاملة شمسي التي تترجم إلى اللغة العربية، كان لنا هذا الحوار المهم مع الروائية العالمية، تكشف فيه عن أفكار شديدة الخصوبة والحيوية حول أعمالها وتجربتها الروائية بشكل عام، وكذلك عن سعادتها بترجمة أحد أعمالها إلى اللغة العربية، لينضم قراء العربية إلى الملايين من جمهورها في اللغات الأخرى..

 

(كاملة/ كاميلا) شمسي، ولدت بباكستان عام 1973، وهي مقيمة في لندن منذ فترة طويلة. مؤلفة روايتي «In the City by the See»، «في المدينة بجوار البحر»، و«Kartography»..

وقد اختيرت الروايتان ضمن القائمة القصيرة لجائزة (John Llewellyn) وكذلك أيضا مع روايتيها الأخريين «الملح والزعفران»، و«أشعار متكسرة». وحصلت كاملة على جائزة رئيس الوزراء للأدب عام 1999، وعلى جائزة “Patras Bokhari” في عام 2004 اللتين تمنحهما أكاديمية باكستان للأدب.

 

أما آخر أعمالها الروائية، وأشهرها، فهي رواية «الظلال المحترقة»، وهي رواية ملحمية طويلة تهتز لها المشاعر بشدة، وعمل أدبي من طراز رفيع، قلّ أن يقرأ القارئ العربي مثله، بحسب ناشر الرواية، فيما وصفتها صحيفة (الديلي تيلجراف) بـ”رواية تاريخية لزمننا الحاضر”.

رواية «الظلال المحترقة»، تم اختيارها ضمن القائمة القصيرة لجائزة أوراناج الأدبية Orange” 2009“، وبيعت حقوق النشر لأكثر من عشرين دولة، باعت أكثر من 22 مليون نسخة، ونشرت بخمس وخمسين لغة مختلفة…

 

 

على الرغم من أن جذورك باكستانية، إلا أن روايةBurnt Shadows  والتي ترجمتها (دار بلومزبري ـ مؤسسة قطر) مؤخرا تحت عنوان «الظلال المحترقة»، أحداثها الرئيسية لم تقع في باكستان. ما الذي دفعك لسبر مأساة ناجازاكي إحدى أكبر مآسي حروب العالم؟

 – عندما انتهيت من كتابة رواية «أشعار متكسرة»، استغرق الأمر مني 18 شهراً قبل الشروع في روايتي التالية. لقد أردتُ الاستفادة التامة من ذلك الوقت لأفرغ ذهني من كل العادات القديمة التي درجتُ عليها في كتاباتي حتى أقوم بفعل شيء مختلف تماما في كتابي القادم. أردتها أن تكون روايةً مختلفة..

 

ما الذي أثار حفيظتك الروائية واستفز حسك الإنساني لتناول مأساة ناجازاكي؟

 – لقد تم قصف هيروشيما بالقنابل في 6 أغسطس 1945. لقد بدا لي هناك أن شيئا مروعا فيما يتعلق بقدرة حكومة ما في إلقاء قنبلة نووية على شعبٍ من الشعوب، ورؤية الدمار الذي سببته، وبعد ثلاثة أيام لاحقة من إلقائها على هيروشيما، للقيام بهذا الفعل مرة أخرى. لا يمكن تصديق هذا الأمر.

 إن هذا الأمر يجعلك تدرك أنه لا يوجد فعل خاص بالتدمير يجعل الشعوب والجيوش تتوقف وتقول “لن يحدث هذا مرة أخرى أبداً”. وحقيقة أن هناك دليلا يؤكد أن الأمريكان كانوا يدركون أن اليابانيين على وشك الاستسلام، قبل أن يقوموا بإلقاء القنبلة الأولى بشكل خاص أمر تقشعر له الأبدان.

 

بالتأكيد كانت هناك دراسة تاريخية واستقصائية خاصة من أجل كتابة الجزء الأول من «الظلال المحترقة» والذي تدور أحداثه في ناجازاكي؟ كيف اشتغلت على هذا الجانب من الرواية؟

 – لقد اتخذت بحوثي عدة محاور – قراءة كل شيء وقع بين يدي (قرأت كل ما وقع تحت يدي من كتب ودراسات ومواد) حول مدينة ناجازاكي ما قبل الحرب، وذلك من خلال الإنترنت وكذلك المكتبات العامة؛ وأيضاً مشاهدة الأفلام التي تم إنتاجها في يابان ما قبل الحرب؛ فضلا عن قراءة المقابلات مع الأشخاص الذين نجوا من القنبلة؛ والاطلاع على خرائط وصور قديمة. لم أترك شيئا إلا وقرأته.

 

ما الرسالة التي قصدتِ إيصالها في «الظلال المحترقة»؟ وهل ترين أنك نجحت في ذلك أم لا؟

– لكل كاتب نفس الهدف أو الرسالة تقريبا – أن يكتب أجمل ما بوسعه: أن تكون روايته هي الأجمل. لا أبدأ كتابي بأجندة أو رسالة خاصة. إنني أقوم ببساطة بوضع الشخصيات في مواقف معينة، ومن ثم أرى إلى أين تقودني قصصهم وحياتهم. إنها مسألة في غاية السهولة والبديهية، ومليئة بالمفاجآت بالنسبة لي. عندما شرعتُ في الكتابة لم يكن لديّ أدنى فكرة إلى أين سأصل.. أو كيف ستكون النهايات..

 

مفاجآت من أي نوع؟ أو مثل ماذا؟

– حسنا، كل شيء تقريباً كان مفاجأة. لم أفكر بأن الرواية ستنتهي أحداثها في أفغانستان ونيويورك سنة 2002، أو معسكرات المجاهدين في ثمانينيات القرن الماضي أو أن شخصيتين ستلتقيان مرة أخرى بعد 50 سنة. لم أعتقد أن الرواية ستنتهي بهذا الشكل الذي انتهت عليه، أو أنني سأقوم بقتل بعض الشخصيات. عندما تبدأ من غير خطة هنالك مفاجآت عند كل منعطف. وهذا جميل..

لقد قمتُ بعمل الحبكة بالكامل تقريباً بينما كنت أمضي في كتابة القصة، بداية بفكرة صغيرة جداً عن الكتاب أو الشخصية. وحتى تلك الأفكار الأولية القليلة يتم التخلي عنها في مسار الرواية. أجد أن عملية الكتابة نفسها هي ما يجعل ذهني يقوم بإنتاج تلك الأفكار المتعلقة بالحبكة والشخصيات.

 

هل تعتقدين أن أسلوب الكتابة لديك قد تغير (أو نضج) مع «الظلال المحترقة» وهي الخامسة بعد أربعة أعمال ناجحة ومتميزة؟

– أعتقد أن أسلوبي في الكتابة يتغير مع كل كتاب. و«الظلال المحترقة» ليست استثناءً. إن الفصل الأول في نجازاكي، كما أعتقد، هو الجزء الأكثر دراماتيكية في الرواية، حيث تدور أحداث الفصل الأول بكامله خلال أربع ساعات، تبدأ من بداية إطلاق صفارات إنذار الغارة الجوية في 9 أغسطس وتنتهي بمجرد إلقاء القنبلة النووية.

أدركتُ أن الفصل سيكون موجزا جدا، لكنني أردتُ له أن يقوم بإيصال شيء عن العالم الذي كان على وشك أن يمّحي، والعلاقات بين الشخصيات التي عاشت فيها والتي كانت هي الأخرى على وشك أن يتم طمسها تماما من على وجه الأرض.

وحتى أتمكن من القيام بهذين الشيئين معاً في أقل من 20 صفحة، كان عليَّ أن أجد بشكل محدد أسلوباً مركزاً من الكتابة.

 

كثير من شخصياتك الروائية، على سبيل المثال، أولئك في رواية Kartography، تنتمي إلى طبقة الأثرياء في كراتشي. هل السبب أنك تجدين راحة أكبر في الكتابة عنهم، أو لأنك تريدين أن تعكسي صورة إيجابية للغرب عن باكستان؟

 – عكس صورة إيجابية للغرب عن باكستان هو أمر خاص بشركات العلاقات العامة أو مسألة من اهتمام الدبلوماسي، وليس الروائي. إن الجمهور الأول بالنسبة لي هو نفسي. قد يبدو الأمر شيئاً من الأنانية، لكن إذا كنت ستقضي سنتين من عمرك في كتابة رواية، يجب أن تكون عن قصص ترغب في سبرها واكتشافها لذاتك وشخصيات تريد أن تعرف عنها أكثر لأجلك أنت وليس لأي شخص آخر.

 لذا فإن جمهور القراء، غربيين كانوا أم من الشرق، ليسوا الأساس عندما أكتب. لقد حشدت الروايات الأربع الأولى شخصيات ترعرعوا وعاشوا بشكل أساسي في العالم الذي نشأتُ فيه. ولم يكن الأمر كذلك في روايتي الظلال المحترقة – ذلك القسم الذي تدور أحداثه في كراتشي لم تحدث في دفينس أو كليفتون  (Defence, Clifton)لأنني أردتُ الابتعاد عن ما أعرفه جيداً والبحث في عوالم أخرى.

 

في محاولةٍ للاقتراب أكثر من القارئ العربي الذي يتعرف على كاملة شمسي للمرة الأولى.. بمن تأثرتِ من الكُتاب عموما في مسيرتك الكتابية؟

– إنني أرى أحيانا أنه من الصعب تحديد بمن تأثرت ككاتبة – هنالك كتّاب كثر أعجبتُ بهم، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن أي شيء من كتابتي تعكس تأثري بهم.

ولكن بالتأكيد فالأكثر تأثيرا عليّ هو الشاعر الكشميري أغا شاهد علي، والذي كان أستاذي في الجامعة، وفي النفس الوقت صديق عزيز عليّ. يمكنني التحدث بشكل أكثر تحديداً عن أشياء تعلمتها منه؛ لأنه من السهل بما يكفي التحدث عن الأساتذة والمعليين الذين تتأثر بهم.

 ولكن عندما تقرأ كتاباً فأنت فقط تقوم بامتصاص أجزاء مختلفة من الكتاب من خلال مسام بشرتك، وأعتقد أنك تظل غير مدرك لذلك بشكل كبير.

 

من هم الروائيون الذين تأثرت بهم في تكوينك حتى صرتِ كاتبة؟

– لقد كتبتُ كتابي الأول عندما كنت في الحادية عشرة من عمري، لذا فإنهم الكتّاب الذين أحببتهم عندما كنت طفلة – كريس ستابلز لويس وجيمس ماثيو باريز.

 

وأي من شخصياتك الأهم الأكثر شبها بك في أعمالك الروائية؟

– ربما تكون شخصية حسن. إنه صبي في الحادية عشرة من عمره فــــي رواية «في المدينة بجوار البحر»، ويفترض في الروايات الأولى أن تكون الأقرب إلى السيرة الذاتية، (أليس كذلك؟!) ويشاركني حسن في الميل لقضاء الكثير من الوقت غارقاً في خياله. وهو طفل ناضج جداً قبل أوانه بطريقة أعتقد بأنني كنتُ هكذا في نفس عمره. ليس مصادفة أن عمره 11 عاماً، وقد بدأتُ الكتابة في سن الحادية عشرة. أشعر بأنه يمثل الشخص الذي كنته عندما بدأتُ أفكر في نفسي ككاتبة.

 

أثناء عملية الكتابة، هل تنسجين خيوط شخصياتك الروائية من وحي شخصيات أخرى تعرفينها، أو عايشتِ معظمها حولك في الواقع؟

 – لا، ليس بالضرورة.

 

صرنا نسمع مؤخرا عن عدد من الروايات عن مؤلفين باكستانيين. في رأيك، ما الذي أدى لحدوث هذه الطفرة في ظهور هؤلاء الكتاب؟

– حسنا، لطالما كان هناك عدد من الكتاب الباكستانيين الرائعين أمثال محسن، ونديم أسلم، وعامر حسين، وعظمة أسلم خان، موجودين قبل عقد من الزمان أو أكثر؟

ولكن مؤخرا ازداد عدد الإصدارات للكتاب الباكستانيين وعنهم كذلك. هنالك عدة عوامل لهذا – لقد خضع الكثير من الكتاب الناشرين لدورات في الكتابة الخلاقة في إنجلترا وأمريكا؛ لم تكن هذه الدورات متاحة منذ جيل مضى، وربما تخدم إلى حدٍّ ما ومساعدة الكتّاب في تلك الدفعة الأولى، تلك اللحظة الصعبة حقيقةً للشروع في كتابة رواية أو قصة للمرة الأولى.

كذلك، عندما يكون لديك مجموعة من الناس يبلون بلاءً حسناً في مسألة من المسائل فمن المرجح أن هذا الأمر يجعل أشخاصاً آخرين ينظرون إليهم ويقولون، لأحاول القيام بذلك، لذا أعتقد أن النجاح المتنامي للكتاب الباكستانيين قد يكون حافزاً للآخرين.

وأخيرا، فإن الناشرين في مختلف أنحاء العالم مهتمون في الوقت الحالي بكتابات من باكستان وعنها، لذا فربما يولون هذا الأمر مزيدا من الاهتمام ويراقبونه عن كثب. أعتقد أن كل هذه الأسباب هي وراء تزايد الإنتاج الأدبي في الباكستان.

 

كيف ترين (أو تقارنين إن جاز التعبير) اسمك وسط حشد من الأسماء المعروفة في المشهد الروائي الباكستاني بشكل عام، على سبيل المثال، مع محمد حنيف، أو دانيال معين الدين، أو محسن حميد أو حتى بنّة شاه؟

– لا أقارن نفسي بأحد. الكاتب الوحيد الذي أقارن نفسي به هو ذاتي – وبذلك أعني أنني أحتاج إلى الشعور بأنني أتطور ككاتبة، أتعلم المزيد عن هذه الحرفة، وأتوسع في طموحاتي. وللقيام بذلك، فإنني أرجع إلى عملي السابق لأرى كيف أنني تغيرت ككاتبة.

 

ما المشروع الكتابي التالي لكاملة شمسي؟ رواية أخرى؟ أو ربما حتى نص سينمائي؟

– أنا روائية، لذا فإن القادم بالنسبة لي هو رواية أخرى!

 

هل لديك أي تصور أو ملامح عنها يمكن الحديث بشأنها؟

 – لا. ستجد النور في أي لحظة، وسأخبرك عنها بالتأكيد حال ظهورها..

 

مقالات من نفس القسم