قصيدتان

فتحي مهذب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فتحي مهذب

حليب الهاوية

قبل أن أرضع الهاوية
وأملأ جرني بدموع الأرامل
تركت غصونك تفكر.
أوراقك تتدافع كالهواجس.
ستأتي أمطار السنة القادمة
مليئة بالنساء والذهب.
ستكون القوارب جاهزة
سيكون الضوء بطول خمسين ذراعا
والشرفة ملأى بقمح التفكير .
تركت الفراشة تئز
كان حليبها دافئا مثل مكعبات الضوء.
نصوصك المفترسة تهاجم ديك المخيلة.
الذئب يمضغ قبعة المزارع
وأخي يغسل تابوته بماء العادة السرية
يفرك ساعاته الحرجة في المبغى..
كتفاي من قش ونميمة
والجثة من رخام أحمر.
في أغسطس تجن ذئبة الميتافيزيقا.
أطلق السماء وأتزوج الأرض.
ويصفق لي جبرائيل بجناحين من البرونز.
جرعتي من الأوكسجبن لا تكفي
لإيقاظ سمكة السهو
في أغسطس
تلبسين وجه الله
ترقد السماء على سريرك
مرصعة بالفهود والموسيقى
يسقط نرسيس في البحيرة
أسقط في قاع المرآة
يسقط البهلول في التجربة
ظلك ثعلب نائم تحت شجرة الأكاسيا.
في أغسطس ينضج لوز عربات الأموات
أنتظر شجرتي الحزينة لنفرغ دموع العائلة
أنتظر سلالا من العيون الثاقبة
العميان يملأون الرقعة.
أنتظر اللاشيء
أنتظر بريد نعامة الهواجس
دموع مسدس الفارس الشركسي
في أغسطس يهبط ديكارت
من شرفة رأسي
الكوجيتو حصانه الوحيد
والكلمات غابته الكثيفة.
بيتنا رماد وصلواتنا طيور نافقة
ولولا نبيذ نهديك لانتحر العازف
في الكازينو .

**

الحمى 

– لا أدري أين تذهب في النهار

قال جارنا الكفيف :
رأيتها تجري وراء جنازة لذيذة بطعم الفراولة
نسيت قداحتها الأبدية في كفن الميت
ألبوم ضحاياها في التابوت الأشيب.

وقال الراعي: رأيتها ترضع تنينا مسنا
تملأ أكياسا من اللهب الخالص
ثم تختفي في جحر مهجور

قال النادل: رأيتها تطارد الغرسونة التي شربت حد المحو
يا للغرابة.. الحمى تجري وراء الغرسونة
مدججة بمترين من الرماد اليومي
الغرسونة ابتلعتها الحمى
كما لو أنها أفعى بوا.

قال المهرج: رأيتها تمشي على حبل غسيل الموتى
بسيقان رشيقة للغاية
وتلوح لطيور الهواجس
بيد متشققة

قال القس: رأيتها تطرق باب الكنيسة
وقاربها مليء بسمك نافق
المصلون عالقون في السقف
والمسيح يحمل صليبه المضيء
ويقول: اخرجي أيتها الفاجرة من سم الخياط

قال اللص: هذه العاهرة سرقت شياه مخيلتي ليلة أمس
لا أدري أين تذهب في النهار
لماذا قتلت سائق الباص
في مفترق قوس قزح..
فروك ناعم كجلد الأفعى
وعيناك غابتان منذورتان لحريق هائل.

قال الأصم: سمعت زئيرها في قلعة رأسي
ورأيت حراسها البراغماتيين
يفتحون النار على الرهائن.

قال الميت: سأقاضيك أيتها الحمى
سأفرغ صفيرك من عظامي
سيحاكمك توت عنخ أمون.

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم