عبد الرحيم التدلاوي
انتظار
خرج من القمقم، متأملا وجوها عابسة تنظر إليه، تترقب منه المطر. أحس برجفات قلبه، انضم إلى الجمع وبدأ ينتظر أن يخرج القمقم مخلوقا أقدر على إحضار الغيث.
**
ثغر
المرأة التي تتهادى أمامي بغنج، وعطر فواح، هي زوجة جاري..
جاري الذي التحق بالحدود لحراسة الوطن..
لم يأمني عليها؛ ولم يفوض زمام أمرها لي..
لكني، واعترافا بعمله الجليل؛ قمت بالمهمة.
**
فرح
يقذف في ذهنه الكرة بفنية عالية ويسجل الهدف القاتل لخصمه برجله اليسرى التي بترتها عبوة ناسفة.
**
حد
ليختبر معاناة صديقه.. جلس على كرسيه المتحرك..
لم ينتبه للحافة.
**
غل
خرج غاضبا وبدأ يطلق بعشوائية النار من رشاشه المتجهم..
لم يكن يهمه سقوط قتلى، كل همه أن يخرس صوت وحدته اللعين.
**
صعقة
وقف الممثل المبتدئ أمام المرآة، يتدرب على قبلة سينمائية مع ممثلة شهيرة. لمح ظلها في غرفته الضيقة، فالتفت ليجدها تقف أمامه، بلا زينة. صعق لمرآها… تحولت قبلة التمثيل صرخة.
**
نعيب
عزاني في نفسي وانصرف تاركا إياي في ذهول…
بفضول بقيت أفكر في مرامي التعزية إلى أن نسيت الحياة.
**
انصهار
ظل يرقص على الحائط، يهمس باسمي، إلى أن أصبحت أنا الظل.. شعرت بأني ضائع في عتمة الخوف.
**
صرخة صامتة.
ذاك الذي تراه هناك، ذاك الرجل المنطوي على نفسه، أتعرف ما به؟ بم يحس؟ أم أنك تنتقده لأنه رث الثياب!
إنه غير معني بالعالم، غير معني بالاكتئاب.. غير معني بك..
يكفيه أنه سيقدم، الآن، على الانتحار، وأمام ناظريك، حتى تشعر بالمتعة..
ها قد حلق من عل.. كالصقر..
ها قد حملك معه إلى الهاوية.
**
انهمار..
وأنت مضطجع على ظهرك تراقب النجوم في هذا الليل الساحر؛ لا تنس أنك في طفولتك كنت تريد أن تصبح رائد فضاء؛ لكن اباك حملك إلى الحقل ودعاك إلي تنميته. ها أنت اليوم تنظر إلى حقلك الممتد شساعة من سيارتك الفاخرة.. تتابع حركة الفلاحين يحرثونه ليلد لك المزيد من الثروة.. أنت سعيد بها تتضخم في حساباتك البنكيةا؛ شئ واحد ينغص عليك تلك السعادة؛ هو شيء قادم من أصقاع الطفولة يلازمك كظلك ولا تستطيع له قهرا..
**
الثعلب والديك الصاهل
هو: يتباهى بفحولته، مهووس بالجنس، يسقي الراقصات بنهر ماله.. القادم من الآبار السوداء..
هم: يبيعونه الخمرة والنسوان، يشبعون ظمأه الصحراوي..
في الخلف، يدسون أعينهم..
ويمسكون بالرقاب.
**
عناق
كانت تتابع بحذر ممزوج بالخوف الصراع الدموي بين زوجها وعشيقها.. وكانت مترددة في اتخاذ القرار..
لما سال الدم أنهارا، حملت، بسرعة ودون تردد، عصا غليظة، طويلة، ومدببة وقصمت بها ظهر الخيانة.
**
طلقة
انطلقت الرصاصة في مهمة محددة؛ احتمت بظهره فتصدى لها بانحناءة شجاعة…
أصابت الرأس الخلفي.
**
تطويع 1
وبعد محاولات فاشلة؛ تمكن الجراح من إخراج المسدس الذي يسكن أحلامه…
من يومها وهو يعيش في انسجام مع جلاده.
**
تطويع 2
وبعد محاولات فاشلة؛ تمكن الجراح من إخراج المسدس الذي يسكن أحلامه…
منح عصا ويلة يتوكأ عليها ويهش بها على أغنامه.
**
سقطة
بعد تفكير عميق، ومراجعة لمساره الحافل، بدأ يفكر في التنحي عن الحكم حتى يذكره التاريخ بالعادل.
فجأة، دوى صوت الرصاص، وصرخات تعالت من كل حدب وصوب.
هب من نومه مذعوراً، كان مجرد كابوس…
قرر بشكل حاسم مراجعة خوارزمييات نومه…
**
صفعة
طول الطريق وهو يحدث نفسه: هل كان ذا قيمة في حياته ؟ هل ستتوقف الحياة بعد رحيله؟ لما أنزل من المحمل، لم يمش في جنازته سوى خادمه المطيع..
وقبل أن يهيل عليه التراب، همس له: الحياة من دونك حرية.
**
وليمة، قصة قصيرة جدا
صياد عجوز ،
وجه مجعد كبومة،
بحر هائج كناقة عشماء،
صنارة قديمة ومثقوبة،
انتظار طويل كليل امرئ القيس،
هزة قوية كهزة الحوز.
سمكة قرش عملاقة مسالمة،
ابتسامة عريضة كتفاحة غواية،
لا جوع بعد اليوم.
**
ريشة
همس الريحِ ينذر بالعاصفة..
أصبحت ورقة يرقص بها الخوف في الهواء.
**
أكلة التفاح
طويت، وأنا حزين، رغبتي في أن أكون فنانا كوميديا يضحك الناس ويروح عن أنفسهم، وتواريت حتى صرت شبحا..
ساد المدينة رعب فادح، كان من نتائجه:
الإكتئاب الحاد.
كثرة الانتحارات.
استفحال الطلاق.
…
كان لزاما علي أن أغادر إلى أرض قاحلة، هناك أقمت، وبدي حفرت الأرض فتفجرت منها الينابيع، اخضرت الأرض وأينعت..
قدم الناس إلي متبركين..نهلوا من العيون ، فاطمأنوا…
حينها عاد إلى نفسي حلمها القديم…
**
من الحياة..
ورغم أنه مقتنع بأنها عورة، فقد طالب بشهادتها حتى يحرر رقبته ..
لما أدلت بدلوها… وجد نفسه قد تحرر…
**
قسم
أقسمت بالليث الذي يسكنني أن الغزلان ستمرح في المروج الخضراء آمنة مطمئنة..
لكن الطوى غدار والقسم سيف بتار..
استدرت حول نفسي أواسيها، ولكي أسكت جوعها.
بدأت بذيل الحكاية.
**
رشق
كان يهوى رشق الحجر بطوب قلبه؛
سريعا
تفجرت من قلب الحجر الأمنيات.
**
شياطين
1_
أخبروه أن شعراء الغزل محظوظون مع النساء… حفظ ألف بيت ونسيها.. لما أراد ان ينشد تمتم فتحلقت حوله الإناث…
**
2_
منذ أن قرأ في استطلاعات الرأي أن الفتيات يهمن بعريض المنكبين ضامر البطن وهو لا يغادر صالة كمال الاجسام؛ لما استوى؛ كن قد غيرن الباراميتر.
**
3_
كان يقتل بوحشية؛ وأمام الكاميرا كان يطلق الدموع نادما…
مرات ومرات ومرات..
**
أمواج في ثلاث صور
1_
على السرير، يستلقيان كل مع كتابه المفضل يطالعه باندماج. هي غارقة في رومانسية سلسلة عبير، و هو سارح في متاهات المغامرات والجاسوسية.
تظلم الغرفة، فيغشاهما الوسن. هي تراه فارسا نبيلا يحملها إلى عوالم عذراء و هو يراها جاسوسة تحاكي الفرص لتدس له السم. ينتفضان بسرعة إلى واقعهما، تبتسم هي ويعبس هو، ثم ينهضان لتتشابك أحضانهما على طاولة الإفطار.
**
2_
على السرير يستلقيان، في يد كل منهما كتاب، يطالعه باستغراق.
كتابهاا من سلسة عبير.
كتابه من سلسة المغامرات والجاسوسية.
يطفئان النور، ويخلدان للنوم.
هي تراه فارسا نبيلا، يحملها على بساط الريح إلى عوالم عذراء.
هو يراها جاسوسة تتحين به الفرص لتدس له السم فتقضي عليه.
ينتفضان، يطرحان الحلم عنهما. ينظر كل منهما للآخر.
هي تبتسم.
هو يعبس.
ثم ينهضان بسرعة من سرير الأحلام إلى قبضة الواقع.
هي إلى مطبخها لتعد وجبة الفطور.
هو للقيام بتمارين رياضية للحفاظ على لياقته.
على طاولة الإفطار يلتحمان.
3_
على السرير يستلقيان، في يد كل منهما كتاب، يطالعه باستغراق.
كتابها من سلسة عبير.
كتابه من سلسة المغامرات والجاسوسية.
تظلم الغرفة، فيغشاهما الوسن
هي تراه فارسا نبيلا، يحملها على بساط الريح إلى عوالم عذراء.
هو يراها جاسوسة تتحين به الفرص لتدس له السم فتقضي عليه.
ينتفضان، يطرحان الحلم عنهما. ينظر كل منهما للآخر.
هي تبتسم.
هو يعبس.
ثم ينهضان بسرعة من سرير الأحلام إلى قبضة الواقع.
هي إلى مطبخها لتعد وجبة الفطور.
هو للقيام بتمارين رياضية للحفاظ على لياقته.
على طاولة الإفطار يلتحمان.
**
غوص
تخرج إلى شرفتها كلما داهما الملل، تجلس جلسة الحكماء، وتنظر إلى الأفق البعيد. تطلق سرب أحلامها، وتتابع بشغف رصاص القناصة الأهبل، يضيع في الهواء،..بعد فترة، تستعيد سربها، تطويه طي السجل للكتاب، وتعود إلى غرفة نومها، تنتظر، في حلمها العجيب والمتكرر، قدوم قناصها الأثير ..
تعد بأصابعها الطرية الأرقام:
واجد
اثنان
ثلاثة
ويبدأ العرض..
ثانية، تستعيد سربها، لا أحد يستحق..
تنام نومتها الطويلة، بلا أحلام ولا ألوان..سؤال واحد يلازمها: متى يأتي القناص؟
واحد
اثنان
ثلاثة
وتهوي في قاع الحلم لتصطاد الخيبة، تلاحقها برصاص الغضب، وحين تسقط تنتشي. ترفع ستارة الواقع، تحت انظارها، تدب في أركان العالم الحياة، فتداهما الحيوية.
**
تحليق
نظر إلى السلم وجده طويلا، ورغم أنه لا يفضي إلى أي شيء؛ فقد ارتقاه. ولما بلغ درجته العليا،
راوده النمرود..
شعر بخوف رهيب، فقص أجنحة الحلم.
**
حائط…
يعدو طفل في عمر الورد، وفي لحظة يميل بجذعه إلى الخلف، كما يده اليمنى، وبكل قوة الكره يلقي بحجر…
في الضفة الأخرى، وخلف السياج بالضبط، ينهض برج مراقبه، ومنه يصوب قناص بندقيته إلى الهدف بدقة، ثم يضغط على الزناد..
يسقط الطفل على الأرض ثم ينهض..
يضغط على الزناد
يسقط الطفل على الأرض ثم..
يسقط القناص غضبه.
**
أنغام السحر
كل شيء كان معدا بعناية:
الطاولة المزينة بالشموع.
الأطباق الشهية والمتنوعة.
الموسيقى الحالمة.
نظرت إلى غرفة النوم، كانت مرتبة بشكل مغر:
الملاءة الحمراء..
الضوء الخافت..
الصمت الراقص..
عنصر واحد لم توليه عنياة تذكر: الخنجر الذهبي القادم من الماضي الجريح.
فجأة، عم المكان ظلام ساحر، وارتفع الصوت…
**
نظم
اتخذ لنفسه مكانا معزولا خافت الإضاءة يبغي أن يشرب دون منغضات؛ ظهره إلى الزبائن، ووجهه إلى المرآة الكبيرة، منها كان يرصد كل حركة، فجأة اختلج قلبه، فالنادلة التي توزع القناني وضحكاته الفاجرة تشبه زوجته، بل هي زوجته، ركب رقم هاتفها: ألو حبيبي! قالت، أحبك كثيرا! قال. وأنا أيضا، قالت. انتظريني أنا قادم، قال. أنا بانتظارك، قالت. ولما استدار قاصدا الباب اصطدم بها وهي متوجهة للباب أيضا. نظر كل منها للآخر، خيم الوجوم عليهما وعلى المكان الدهشة، وانفلت منهما خيط الكلام