جمال التدلاوي
قفزة
وضع الفزاعة في حقله؛ وألبسها لباس المهرج…. ماتت من الضحك الطيور.
لب الحكاية
يجلسان كل في زاويته، بينهما مساحة أشواق وحواجز.. ينظران إلى بعضهما، ويتساءلان: هي: متى ستقبل علي؟ هو: هل ستقبلين بي؟ ينظران إلى بعضهما، وفي نظراتهما انكسار، ينهضان، يسيران، كل في اتجاه.. خلفهما رغبات مجهضة، وأمامهما خطط بديلة…
حظ
يكتب قصائد حب بدمه.. يوزعها على كل النساء من دون تمييز.. يعود إلى منزله، مساء، ليجد علبة بريده فارغة كصبح أعمى.. يعاود، صباحا، الكرة؛ فقد تسلم الجرة… إلى أن فرغ مداد دواته.
اشتباك
أردت أن أعدو بسرعة إلى الأمام، وأقفز بنجاح إلى الضفة الأخرى متجاوزا الفجوة العميقة التي تنتطر بفم شره الساقطين… تراجعت إلى الخلف، وحين هممت، وجدت أياد قوية تمسك بي وتعيقني.. بذلت جهدا خرافيا للتخلص منها إلى أن شبت، وتقوس ظهري، وخارت قواي… صرت يدا إضافية.
حزم
أطل من نافذته صباحا؛ مازالت السماء ملبدة بالحزن؛ غابت الشمس عن قلبه… قرر تأجيل الانتحار… لن يسمح لجسده النقي أن يلتهمه الوباء.
عناد
كل صباح؛ يرسم على الجدار شمسا، وبحرا: يجلس على هامش الحياة، يستمتع بالدفء، وبمشاكسة الموج.. في كل ليل؛ تأتي يد الظلام، تمحو كل شيء، تطفئ الأنوار، وتغلق الأبواب جميعها.
سبل
كنا صديقين حميمن… جمعنا الصبا، والطموح، والأحلام… وفرقتنا السبل لمدة طويلة، ثم أعادت جمعنا… رأيته قادما فحلمت بأني طائر، فحلقت نحوه.. رآني مقبلا عليه فحلم أنه قناص، فأطلق النار.. أردى نفسه.
وريد
رسم صورتها على صدره الأيسر، ولما تأكد أن لا أحد تقدم لخطبتها، وأنها مهددة بالبوار، طلب يدها، فرحب به، وقبل به زوجا… في ليلة الدخلة، رأت صورتها على صدره لما تعرى، خرقتها بإسفين غضبها، فسلبته عطر الحياة، وبقيت إلى جانب الجثة إلى أن فاح عفنها.
تجاذب
أخدتني سنة نوم، وكنت أتابع مواهب الغناء بانتظار ظهور ابني ذي الصوت البلبلي؛ رأيتني أطوف حول الكعبة، أقاوم الحرارة والزحام، تسللت، بجهد إليها، وأمسكت بأستارها، وقبلت حجرها الأسعد، وما لبثت الجموع أن أعادتني إلى صفوفها، مغمض العينين سرت معها طائفا، إلى أن أيقظني صوت ارتطام بشع، فوجدت أناسا يباركون عودتي سالما، وفي قبضتي قطعة قماش سوداء…ويد ابني الممدودة من الشاشة تسعى إلى أخذها مني لمسح عرق الاضطراب قبل اعتلاء المنصة…
موج
وأنا عائد فرحا كصبي بالمرطبات، وجدت أنامل الشمس قد سبقنني إليها؛ هي ذات القوام الأهيف، والجسد البض، الطري والناعم، الممدد بكل بهاء على رمال الشاطئ الذهبية. أصبت بنكسة واغتراب ، وزاد لهيب عطشي؛ بعد أن حمصته، ففازت بمسابقة أجمل جسد ممشوق ومشرق تتهافت عليه أغلفة المجلات.
قسوة
من منكم يعرف أمي؟ كان يطرح السؤال بلهفة المتعطش الحيران على سكان مدينته كلهم؛ منهم من يتجنبه، ومنهم من ينظر إليه بلا مبلاة، ومنهم من يجيبه بالنفي. شعر بغضب شديد يجتاح كيانه كله؛ قرر أن ينزل عقابه الماحق بهم: قتل الأمهات جميعهن…
تخاطر
ياه، كم هورائع هذا العالم، بقوانينه الخاصة والغامضة! فرسالتك التي وصلتني اليوم بالبريد المضمون وقرأتها دفعة واحدة، وكدت أقع أرضا من الضحك لأنها تعبر عن رغبتك في انفصالنا، فحياتنا الجميلة قد صارت لا تطاق برتابتها اللذيذة؛ هي رسالتي نفسها التي بعثت لك بها بالبريد المضمون؛ والأكيد أنها وصلتك اليوم أيضا. كل ما أرجوه ألا تقعي أرضا من كثرة الدموع…
خوارزميات
في مكان ما من هذا العالم الشاسع، تتحرك العارضة فوق بساط أحمر، تبرز مفاتنها في مسابقة أجمل جسد… في مكان آخر من العالم نفسه، يتابع رجل تضاريس الحسناء بلهات مكتوم، يستدرجها إلى فراشه، ويمارس معها الحب. مازالت الكاعب في مكانها لم تبرحه، تمارس حياتها العادية غير عابئة بما يجري في كل الضفاف.
سماء…
عاصفة من التصفيقات الحارة أعقبت الخطبة العصماء لسيادة الرئيس رفعت من حرارة الحفل؛ سرعان ما تلبدت السماء بسحب سوداء تلتها أمطار طوفانية.
سقف
كتب على باب منزله وبالبنط العريض: “لا تطرقوا الباب رجاء” وتركه مواربا. الغريب أن لا أحد طرقه، ولا تجشم عناء الدخول. والحق إنه لم يكن هناك لا باب ولا منزل! كل ما في الأمر أن الرجل كان يعيش في منزل من خياله.
برزخ
في لحظة غضب جمع قبضة يده وضرب بها الهواء؛ فتناثرت صورةالزعيم… غاض منسوب فرحه سريعا؛ فقام يجمع المتنافر حتى اكتملت الصورة ووضعها في قلبه.
حائط…
يعدو طفل في عمر الورد، وفي لحظة يميل بجذعه إلى الخلف، كما يده اليمنى، وبكل قوة الكره يلقي بحجر… في الضفة الأخرى، وخلف السياج بالضبط، ينهض برج مراقبه، ومنه يصوب قناص بندقيته إلى الهدف بدقة، ثم يضغط على الزناد.. يسقط الطفل على الأرض ثم ينهض.. يضغط على الزناد يسقط الطفل على الأرض ثم.. يسقط القناص غضبه
……………………
*قاص من المغرب.