فتاة الاستعراض

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد عبد السلام السنوسي

كانت صالة استقبال المتقدمات للوظيفة أشبه بحديقةٍ غرست في كل زاوية فيها زهرة ملوّنة فوّاحة، فالفتيات الشقراوات كنورات العبّاد برؤوسهنّ الفاقعة، والخمريّات كالورود القانية، والبيضاوات كالأقحوان، أدارت بصرها تبحث عن مقعد شاغر فلم تجد، قالت لها الموظفة المسؤولة: هناك مكان بجانب دورة المياه، اجلسي حتى يأتي دورك.

قلّبت لجنة التوظيف أوراقها متعجلة قبل أن يقول لها الرئيس: مؤهلاتك رائعة لكنها لا تناسب هذه الوظيفة، نحتاج هنا قطة بريّة متوحشة، قبل أن تغلق الباب سمعته يضحك قائلًا: خنفساء سوداء.

في طريق العودة إلى المنزل توقفت قليلًا أمام باب السيرك، طالعت الملصق الإعلاني للساحر وبجواره مساعدته الحسناء ترتدي بذلتها الحمراء الجلدية، هاتفوها: عودي سريعًا هناك خاطب ينتظر رؤيتك.

على باب الدار انتظرتها الأم بملابس جديدة، هامسة نصيحتها المعهودة: الملابس الفاتحة سَتُفتّح بشرتك. في صحن الدار لملمت أم الخاطب وأخواته الكلام المتناثر متعجلين الذهاب، قالت أخته الكبيرة: الزواج نصيب.

أشاح أبوها بوجهه دافنًا رأسه في الجريدة، بينما رددت أمها الخاتمة المكررة في مثل هذا الموقف: يا ربي حتى الخنفساء السوداء تتزوج وإلّا من أين تأتي كل هذه الخنافس؟، في أي جحر أجد خنفسًا يشبهها؟

أثارت كلمات الأم شهية أخواتها للضحك، ضحكت لهم قبل أن تغادر إلى السيرك من جديد. هل تبحثون عن مساعِدة للساحر؟ – سألت صاحب السيرك – أجابها: لا، لكن نحتاج إلى متطوعة للاستعراض الجديد. قالت: سأصعد إلى خشبة المسرح. أليس كذلك؟، هزَّ رأسه بالموافقة.

قال الساحر: ستجلسين في الصندوق الخشبي، ثم أقطعك نصفين بالمنشار الكهربائي، هل أنت خائفة؟ أجابته: هل سيصفقون؟

عندما شاهدها صاحب السيرك في السترة الحمراء الجلدية قال: تشبيهين قطعة فحم تحترق، كان يجب أن نغيّر اللون الأحمر بلون آخر يفتّح بشرتك قليلًا.

قادها الساحر إلى منتصف خشبة المسرح، تحمَّس الحضور، صعدت إلى الصندوق الخشبي، لم يظهر من جسدها سوى ساقيها المهزولتَيْن بلونهما الحَالِكِ حبيستَيْ جوربٍ كشبكة الصيّاد وبُؤبؤيْ عينيها المتعلقَيْن بأكُفِّ الجمهور.

ارتفع صوت المنشار الكهربائي، وتصاعد الشرر، كان الجمهور يهتف راغبًا في المزيد من الإثارة، فمضى الساحر يشق الصندوق ويشق جسدها معه، كتمت صراخها لتسمع تصفيق الجمهور، لم يكن هناك تصفيق، كانت فقط صيحاتهم تحرض الساحر أن يكمل الذبح للنهاية.

………….

لسماع القصة.. اضغط هنا

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون