قصة زواج: موت الحب على الطريقة الأمريكية

قصة زواج
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد العبادي

لغز سهل: قد يبدو أمر ترشح مثل هذا الفيلم لهذا القدر من الجوائز لغزا.. خصوصا مع ترشيحه لجائزة أحسن فيلم رغم عدم ترشحه لأي من جوائز التقنية الكبرى (الإخراج، التصوير، المونتاج…) لكنه بالتأكيد ليس لغزا بالنسبة للمتابع الفطن لخط سير جوائز الأوسكار، أو لنقل أنه أصبح لغزا معتادا.

فلا يخلو موسم من مواسم الجوائز من فيلم “أمريكي” الطابع والموضوع.. وهي المهمة التي قام بها “قصة زواج” في هذا الموسم.

فمنذ سنوات طويلة انعكست العديد من العوامل غير الفنية على نتائج وترشيحات الأوسكار والجوائز المختلفة، وإن كان قد ظهر في السنوات الأخيرة سيطرة عامل “الصوابية السياسية” “Political Correctness” فلدينا عوامل أخرى أقدم بكثير أثبتت سيطرتها على اتجاهات الأوسكار عبر عقود طويلة.

من أهم هذه العوامل: الذائقة الأمريكية.. بمعنى آخر: الميل لكل ما هو “أمريكي” الصبغة، سواء كان الموضوع مرتبطا بالمجتمع الأمريكي.. السياسة الأمريكية.. التاريخ الأمريكي… أو أي انعكاس أمريكي آخر.

قصة زواج؟.. قصة طلاق: الحقيقة أن اسم الفيلم هو على العكس من موضوعه.. هو بشكل ما يتحدث عن “الزواج الأمريكي” لكن بشكل أكبر يتحدث عن “الطلاق الأمريكي” وما يرتبط به من مصاعب قانونية واجتماعية وجدل في المحاكم.. يخوض “شارلي” (آدم درايفر) و”نيكول” (سكارليت جوهانسن) رحلة طلاقهما عبر الجدالات العاطفية والاجتماعية.. عبر قاعات المحاكم ومكاتب المحامين.. يتعامل كل منهما بأنانية وتمسك برأيه وحياته.. لكن في نفس الوقت تبدو من التفاصيل أن الحب بينهما لازال دافئا تحت سطح الخلافات والأنانية.

موت قصة حب: نقطة تميز السيناريو هي عرضه لهذه التفاصيل الصغيرة التي تنقل لنا لمحات من الحب والعاطفة بين الطرفين.. يعرض لنا سيناريو “نواه باومباخ” الأنفاس الأخيرة لقصة الحب التي كانت مشتعلة يوما بين الطرفين.. تظهر لنا هذه التفاصيل تلميحا في معظم مناطق الفيلم وتصريحا في مشاهد محدودة.. تحديدا في المشهد الافتتاحي ومشهد المشادة بين الزوجين.

لكن هل نجح السيناريو في التعبير عن حالة “موت الحب”.. للأسف انعكس موضوع الفيلم سلبيا على السيناريو.. بل ربما على حالة الفيلم ككل.. فبدا السيناريو يعاني من حالة من “الموات”.. سيناريو مليء بحوارات طويلة فارغة.. شخصيات سلبية أو مصطنعة وفاقدة للروح…

أما تنفيذ السيناريو فلم يحسن من الوضع.. صيغ السيناريو في صورة باهتة وإيقاع ممل.. لم يأت “باومباخ” كمخرج بجديد، فمن الصعب أن تجد في الفيلم كادرا مميزا أو صورة لافتة.. حاول المخرج أن يصنع حالة “مسرحية” داخل الفيلم عبر تصميم مواقع التصوير والكادرات.. خصوصا في موقع بيت أم نيكول وشقة شارلي المستأجرة. لكن هذه “المسرحة” لم تكن ابتكارا بناءً.. بل هي أقرب لارتكاس لعصور السينما البدائية حين كانت الأفلام السينمائية أقرب لمجرد مسرحيات مصورة.

نجوم الأدوار الصغيرة: في منطقة التمثيل شهد الفيلم تألق ملفت لأصحاب الأدوار المساعدة.. توج ذلك بفوز “لورا ديرن” بأوسكار أحسن ممثلة مساعدة عن دور “نورا” محامية “نيكول”.. بالإضافة إلى الأداء المميز لـ”آلان آلدا” و”راي ليوتا”.. محاميا “شارلي”…

في دوري البطولة يمكن وضع علامة استفهام كبيرة أمام ترشيح “درايفر” و”جوهانسن” للأوسكار.. رغم وجود أدوار أخرى أكثر تميزا هذا العام.. الحقيقة أن مساحات التميز في أداء البطلين تظهر في مشاهد معدودة مدى طول الفيلم.. تحديدا المشهد الافتتاحي ومشهد المشادة.. وقد نضيف لـ”آدم درايفر” مشهد “الغناء” ومشهد مقابلة الخبيرة الأسرية.. أما في المساحة الأكبر من الفيلم فلا نجد إلا أداء اعتياديا،قد نصفه بالأداء التلفزيوني.. فصار لدينا فيلم “سينمائي” صنع في مواقع تصوير “مسرحية” يمثل فيه الممثلون بأداء “تلفزيوني”!!

حاول “نواه باومباخ” في قصته عن الطلاق أن يصنع فيلما عن موت الحب.. لكن للأسف تسرب الموات داخل تفاصيل الفيلم.. كما تسرب لعلاقة شارلي ونيكول.. فرغم نجاحه الجماهيري وعلى مستوى الجوائز.. يظل “قصة زواج” تجربة سينمائية “أمريكية” تفتقر إلى الحياة.

مقالات من نفس القسم