«فيلم IT».. عندما يحوِّل الخوف الوهم لحقيقة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
من الذى لا يخاف؟، حتى أقسى البشر وأعتى المجرمين لهم مخاوفهم.. الخوف صفة بشرية نتشارك فيها جميعًا، فهو استجابة فطرية لمواجهة الخطر، وأحيانًا كثيرة تكون مخاوفنا من صنع خيالنا؛ نتيجة لتأثيرات بيئية وثقافية متنوعة، وفى كل الأحوال تكون مظاهر الخوف واحدة.. تسارع معدل التنفس، وزيادة ضربات القلب، وانقباض الأوعية الدموية وتوتر العضلات، والقشعريرة والتعرق، وحالة اليقظة التى تؤدى إلى اضطراب النوم، ومع هذه التغيرات الفسيولوجية يدرك العقل الواعى عاطفة الخوف.

وفقًا للعديد من الاستطلاعات فإن المخاوف الأكثر شيوعًا على مستوى العالم هى الخوف من الشياطين والأشباح، وجود الشر القوى، الصراصير، العناكب، الثعابين، المرتفعات، المياه، الأماكن المغلقة، الأنفاق، الجسور، الإبر، الرفض الاجتماعى، الفشل، الامتحانات، والتحدث أمام الجموع.

هذه المخاوف هى الأساس الذى تقوم عليه صناعة أفلام الرعب، هذه الصناعة التى تدر مئات الملايين من الدولارات وتشهد إقبالًا كبيرًا من متابعى السينما العالمية. وقد بدأ هذا الشهر عرض واحد من أهم أفلام الرعب فى تاريخ هوليوود، وهو فيلم «IT»، وقد حقق الفيلم بعد ثلاثة أسابيع من عرضه فى مختلف أنحاء العالم إيرادات تجاوزت ٥٨٠ مليون دولار محققًا أعلى الإيرادات فى تاريخ أفلام الرعب.

يستحوذ الفيلم على اهتمام المشاهدين، كبارًا وصغارًا، على الرغم من تصنيفه فوق ١٨ سنة لأنه يركز على مخاوف الطفولة، التجاهل، الإهمال، الاستغلال الجنسى، العنف.. تلك المخاوف التى لا يستطيع كثير من الأطفال التصريح بها لكنها تبقى هاجسًا لهم يؤرق طفولتهم وخلو بالهم.

تدور أحداث الفيلم فى قرية «ديرى» الصغيرة عام ١٩٨٨، التى تشهد اختفاء مجموعة من الأطفال واحدًا تلو الآخر، مخلفين وراءهم بقايا جثثهم، بتوالى هذه الحوادث يتفتح وعى مجموعة من الأصدقاء الذين يعانى كل منهم من مخاوفه التى يكبتها ولا يعيشها سواه.. «وأنت طفل تعتقد أنك دائمًا محمى ومحاط بالعناية، حتى تدرك يومًا أن الأمر ليس حقيقيًا، إذا فتحت عينيك فسوف ترى ما يحدث حولك، إذ إنك عندما تكون طفلًا وحيدًا فإن الوحوش تراك ضعيفًا، وأنت لا تدرى كم هى أصبحت قريبة منك إلا بعد فوات الأوان».

تتحد هذه المجموعة، الذين يطلقون على أنفسهم «نادى الفاشلين»، للبحث فى هذه الحوادث، ويقودهم الطفل «بيلى»، الذى يعانى بسبب اختفاء أخيه الصغير «جورجى»، لتكشف المجموعة عن وجود مهرج يدعى «بينى وايز» وهو المسئول عن هذه الجرائم.

يعتمد المهرج فى جذبه الأطفال على مخاوفهم، وكلما كانت المخاوف حقيقية وعميقة ومؤثرة فى سلوك وردود أفعال الطفل، كلما كانت قدرته على السيطرة على الطفل أكبر.. يركز وينجح الأطفال فى مواجهته عندما يتيقنون أنه مجرد وهم وليس حقيقة.. «هذا ليس حقيقيًا بما يكفى بالنسبة لك بيلى (لتخاف)؟ أنا لست كافيًا بالنسبة لك بيلى (لتخاف)؟ لكنه كان كافيًا بالنسبة لجورجى».

يحاول المهرج أن يزعزع ثقة الأطفال فى أنفسهم وأن يوحى لهم بأن خلاصهم يكمن فى التضحية بأحدهم مقابل نجاتهم جميعًا، متبعًا سياسة فرق تسد.. «سوف آخذه، سوف آخذكم كلكم، سآكل لحومكم كما أتغذى على خوفكم، أو ستتركوننى، سآخذه بمفرده، سآخذه هو فقط، وآخذ راحتى الطويلة، وأنتم ستعيشون حتى تكبروا وتعيشوا حياة سعيدة»، لكن الأطفال يدركون الخدعة ويعرفون أن نبذهم لمخاوفهم حتى الخوف من الموت هو السبيل الوحيد لتخلصهم من هذا المهرج المقيت.

يعتبر فيلم «IT» هو الجزء الأول من سلسلة قصيرة مكونة من فيلمين، حول شخصية المهرج القاتل، الذى يقوم بدوره الممثل السويدى الأصل «بيل سكارسجارد» (٢٧ سنة) وشارك من الأطفال: جيدين ليبرهير، وصوفيا ليليس، ومن إخراج الأرجنتينى «أندريس موسشيتى»، مخرج فيلم «ماما» ٢٠١٣.

الفيلم مأخوذ عن رواية «it» لملك أدب الرعب الكاتب الأمريكى «ستيفن كينج»، الذى تتميز رواياته باستخدام عالم الوحوش وظواهر «الماورائيات»، وفى الوقت نفسه تعتمد على الدراسة النفسية العميقة لشخوص أعماله، صدرت الرواية عام ١٩٨٦ وتم تقديمها فى مسلسل تليفزيونى من جزءين عام ١٩٩٠، وقد تعمدت الشركة المنتجة أن تقدم المعالجة الجديدة من الرواية هذا العام تحقيقًا لمقولة فى الرواية، حيث المهرج الراقص يظهر كل ٢٧ عامًا.

مقالات من نفس القسم