عادل الحنظل
1
سأبحَثُ عن أرضٍ أخرى
يا بلَدي
لا أسمَعُ فيها صَوتَ نُواحٍ
على الأحياء
2
قدَماي
لن تعبرا حدودَ الوطن.. معاً
تجنّسَتْ إحداهُما مع الغُرباء
واستأصلوا من الأخرى
كاملَ الجنسية
3
ارتَحِلْ، قدرَ ما تشاء
فأنتَ.. لمّا لم تجد في نهايةِ الطَواف
مربَطَ الحَبل
تَمَسّكتَ بالنوايا..
كعابثٍ بالرَمل
4
أعودُ مراراً
مراراً..
بلا كلَل
إلى نَخلةٍ أرضَعَتني
بلا فِطام
5
لم تكفِني الأعوام
لأمخرَ المُحيطَ الذي في داخلي
أخفيتُ أيضا.. جميعَ اكتشافاتي
لأبسطَ الخرائطَ القديمة
في كلّ عيد
6
عندما صارَ الوطنُ سجناً
لم أجدْ سجيناً معي
كان جميعُ الناسِ..
سجّانين
7
في باب سليمان*
آثارُ أقدامي على ضِفةِ النَهر
الطينُ يحفظُ الذكرى
لكنّهُ ظامئ
رحَلنا عنهُ..
أنا.. والماء
8
كرامِقِ السرابْ
أستعذبُ أحلامَ اليَقَظة
لمْ يعُدْ عندي منَ الأيّام
ما يُغري..
لأَبتَغيها
9
أمقتُ الخريفَ في هذهِ البِلاد
يُرغمُني ..
أمشي على ألوانيَ الأثيرة
وبقايا ..
أرواحِ الشَجَر
10
دِلّوني على عينٍ تُصيب
فثمّةَ ماردٌ في داخلي
ليسَ مثلي
يُخيفُهُ الحَسَد
11
كان جَميلاً
قبلَ أن يأكلَ مِلحَهُ النَمل
وطَني
12
يتيمُ هذا الزَمان
حتى الرُفوف
عَجَزتْ عن لمِّ شَملهِ ..
الكتاب
13
أحِبُّ الليل
يجعَلُ الظلامُ سَمعي..
حَصيناً
بلا خداعِ الضَوء
14
ألجأُ الى المرآة
في وحدتي
ألومُ الغريبَ الشاخصَ فيها
كجِذعٍ أجدَبْ
فيَسكُت
15
ليسَ النِسيانُ عادَتي
أبحَثُ عنهُ يائِساً
لأجعلَ يَومي
لا يُشبِهُ الأمس
16
أجلسُ كثيرا
خلفَ زجاج شُرفتي السَميك
أرمقُ امرأةً.. في شُرفةٍ أخرى
تنظرُ نحوي
لا ترى سوى انعكاسِ صورَتِها
ما أجملَ الوهم!
17
كالبَحر
أغضبُ إن تمادتْ فوقيَ الريح
لكنّي لا أنساها
كالبَحر
إنْ ذهَبَتْ
18
لا تُظهِرُ الكامرا وجهي
كما أشاء
ظنَنتُ المُصوّرَ فاشلاً
حتى ..
أصدَقَتني المرآة
19
لم تُشحْ بصَرَها..
عني
تبحثُ في عينيّ الذاويتين
عن دولاراتٍ..
تائِهة
20
في ذُهول
ينظرونَ نَحوي
تحتَ ضِياءِ الحانةِ الأحمر
أنا الوحيد الذي أتلو على الخَمر
سيرةً بالية
**
21
لم أبكِ قطّ على المَوتىٰ
لكنّ عنادَ عينيَّ امَّحىٰ
علىٰ مَيّتٍ.. لا يُدفَنْ
اسمُهُ العِراق
**
22
النَخلَةُ والنَهر
وتَراتيلَ البَلابل
أبقَياني أسيراً
لمّا أقَمتُ طليقاً
في بلادٍ
لا نخلَ فيها..
ولا بلابل
**
……………………….
* باب سليمان هي القرية التي ولِدتُ فيها وتقع جنوب مدينة البصرة