مؤمن سمير
أشيلُكِ.. أقصدُ تطيرينَ تسبقيني للمقعدِ الواسعِ الضيِّقِ، تسجنينَ بيدكِ الساقَ كَيْلا تَسُدَّ السماءَ وتقولينَ دعها تسقطُ علينا، تدهكنا وتَعْجِنَّا سويا.. ينفتحَ المعبدُ وينتشرَ الكهنةُ حاملينَ بخورهم القاني يقودكِ في الصورِ وفي أرغفة الجوعى وفي احتراقِ البحيراتِ المقدسةِ.. أعدو للأتونِ وخلفي الجيوشُ والمعبودات والتماسيحُ لكنَّ قلبي حاقدٌ على قوانين الجذبِ.. لا أجدني رغم أني أذكرُ آخرَ دهرٍ دستي عليهِ عَبْري.. أجمعُ اللحم المتساقطَ، العَظمَ الهاربَ، الماءَ الذي يُخَبِّي بَصَّاتَكِ قبلَ الموتِ.. وأغرسهم جميعاً على بابِ البيتِ.. أسقي وأُقَلِّب الطينَ وأنا أغمغمُ : بيتٌ متعالٍ، لا يعطي فاكهة المَوْسمِ إلا للأقرباءِ، يدخلونَ ويخرجونَ عليهِ في الأعيادِ، يرقصونَ عرايا تحتَ النافذةِ..بسلالهم الملأى بالتوتِ..، والملفوفةِ بالحليب..
*
قمتُ في الصبحِ وكانت ذراعُكِ تُطِلُّ من رأسي وساقكِ تَلِفُّ بلاداً وتعودُ تَقُصُّ.. عيونكِ بكسلها تتفتحُ وتقولين أتوقُ أن أنغلقَ اللحظةَ.. سنواتٌ والمقصُ مفتوحٌ على سِكَّتِهِ، فلترحم سيدتكَ كيلا تقضمُ كبدكَ تلحسُ دمكَ تدوسكَ في المرآةِ.. أُغلقُ عيني و أبتهلُ.. مسامي امتلأت بالشهيقِ و بالهاربِينَ من نزيفِ الغابةِ والأمطارِ التي تنشفُ تحتكِ ثم تَشُمُّ النَدى.. يُغرقني ماؤكِ العذبُ المالحُ حتى أذنيَّ.. أطفو و أغطسُ.. نَفَسي يغيبُ.. شدوني مني.. أوحشَتْنِي الربةُ وأنا فيها.. تستحضرينَ الأمومةَ عندما تُدَلِّينَ ثعبانكِ.. أتعلقُ بهِ و أصعدُ.. ألهثُ بردانُ يا أمُّ.. أرتعدُ فيأتي الأبُ من عضوكِ حاملاً صليبهُ ويربتُ على عَظْمي.. يقرأ على رأسي فأغفو وعلى مروجي ترعى ذئابٌ، وتلوحُ أسطورة..
*
يقولُ عضوكِ
أُمسِكُ بكَ الآنَ
وأحتمي منكَ يا شقيقُ،
ومن الهالةِ و الأظافرِ..
ثم أهيئُ الخنادقَ
للركض..
وللقتلِ قبلَ المنحدر
.. وعلى الحافةِ
.. يعزفُ ويُرنِّمُ..،
يلقي خطبةَ الحربِ
ويرسمُ الشهقةَ
للساقطِ في البركَةِ، ثَمِلاً..
يمسحُ بالزيتِ
صليبَهُ..
ثم يلحسُ،
كي يثورَ الديكُ..
*
قبل الدوَّامةِ،
ينجيني باطنُ
قدمِك
آكلُهُ ويأكلني..
*
أُشْفَى مني
لما تَمُرِّينَ علينَا
بالريقِ السافلِ..
*
.. و لما أشرتُ للبئرِ
طالت غربتي
وغَادَرَني لساني..
——————————————————-
= الديوان صادر عن دار “أروقة”. مصر 2020 =