قصائد للشاعرة السويدية تسليمة نسرين

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ترجمة: مأمون الزائدي

(1)
رسالة إلى والدتي

كيف حالك
لعدة أيام، لعدة آلاف من الأيام، لم أرك يا أماه،
لعدة آلاف من الأيام لم أسمع صوتك
ولعدة آلاف من الأيام لم أشعر بلمستك.
كنتِ هنا، لكني لم أعرف أبدًا أنك تُسمعين.
كما لو أنكِ قد خلقت لتكوني هنا طالما أنا هنا
لقد أشبعتِ احتياجاتي مثل ساحرة
عندما أجوع، وعندما أعطش
عندما أريد اللعب، وعندما انفتح وانغلق قلبي،
كنت تعرفين قبل أن أعرف.
سعيت لتحقيق كل تمنياتي
وبقيتِ في الظل.
لقد حرمني كل ملذاتي بُعدك عن عيني، وبُعدك عن ذهني
لم يعطك أحد أي شيء، ولم يحبك أحد، ولا حتى أنا.
لم اعتبرك بشراً ابداً
أكنت كذلك؟ هل كنتِ إنسانة؟
كنتِ عبدة لسعادتي
ومثل ساحرة أعطيتني أي شيء وكل شيء أردته
قرب يدي، وقرب قدمي، وقرب فمي،
لقد أعطيتني حتى قبل أن أطلب
ولم تتلقِ حتى ابتسامة واحدة.
كنت في الخلف، خارج الحفلة،
تحت شجرة، وحيدة في العتمة.
هل كنت إنسانًة يا ترى؟
كنت لا شيء سوى رهينة.
ولستِ بشرا.
كنت عاملة النظافة والطباخة، وخلف الدخان
كنت وحدكِ تقاسين كل آلامك،
تبكين بؤسكِ وحدك.
لم يكن أحد لك، ولم يكن أحد ليضمك، ولا حتى أنا.
عالجت أمراض الآخرين كالساحرة،
ولم يعالجك أحد، ولا حتى أنا.
لقد قتلتك قبل أن تعلمي أنني شرعت في قتلك.
أنت لست هنا،
شعرت فجأة بقشعريرة تعرو ظهري وداخل عروقي من أنك لست هنا.
لم تعودي هنا.
عندما كنتِ هنا، لم أكن أعلم أنك كنت هنا
عندما كنت هنا، لم أرغب أبدًا في معرفة كيف كنت.
كان افتخاري عالقاً تحت حجر غيابك الذي لا يطاق
أردتُ تحمّل نفس الألم الذي عانيتهِ مرة ولم أستطع
لم أستطع،
كيف يكون ذلك ممكنا؟
أنا لست من نوع يشبهك، أنا لست إنسانةً مثلك.

(2)
دراية

بقدر ما حسبته ذكراً،
بذاك القدر كان ليس كذلك؛
نصفه خصيّ، هو
ونصفه ذكر.
تنقضي الحياة،
وقد تجلسين او تستلقين مع رجل،
ولكن كم يمكنك التعرف على رجل حقيقي؟
الذي فكرت فيه طويلا
أعرف –
الذي أعرفه ليس شيئًا من هذا القبيل،
في الواقع، هو الشخص الذي لا أعرفه كثيرًا.
بقدر ما كنت أعتقد أنه رجل،
بذات القدر لم يكن كذلك:
نصف بهيمة، هو
ونصف رجل.

(3)
عدوان

الطبيعة البشرية هكذا
إذا جلست، فسيقولون، “لا، لا تجلس.”
وإذا وقفت، “ما بالك؟ سر!
وإن سرت “عارٌ عليك اجلس ..!
إذا استلقيت طويلا، فسيأمرونك، “قُم”.
وإذا لم تستلقِ، فدون إمهال، “استلق”.
أُضيع أيامي في القيام والجلوس.
وحتى لو متُ الآن، فسيقولون، “عِش”.
وإذا رأوني أعيش، فمن يعرف متى
يقولون: “عيب عليك. مُت!’
في خوف، أواصل العيش سراً.

(4)
حياة أخرى

تقضي النسوة فترة ما بعد الظهيرة في القرفصاء على الشرفة،
يقصعن القمل من شعور بعضهن البعض.
يقضين المساء في إطعام الصغار،
وتهدئتهم كي يناموا في وهج المصباح الزجاجي.
في بقية الليل
يعرضن ظهورهن ليصفعها ويركلها رجال البيت
أو يتمددن نصف عاريات على السرير الخشبي الصلب.
تستقبل الغربان والنساء الفجر معا.
تنفخ النسوة في الفرن لإشعال النار،
وينقرن على ظهر صينية التذرية بخمسة أصابع
وباثنين يلتقطن الحصى
لنصف حياتهن تلقط النساء الحصى من الأرز.
يتراكم كل حصى حياتهن في قلوبهن،
ولا أحد يلمسه حتى بإصبعيه.

مقالات من نفس القسم