في حياة أخرى سأقع في الحب

نهى محمود
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 نهى محمود

أحلم بدقات قلب سعيدة، بصوت موسيقى تعتصر قلبي من شجنها، ودموع تسيل على وجنتيّ لحظة أن ألقاه.

ربما ألقاه في حديقة كبيرة ممتلئة بزهور ملونة كتلك التي رأيتها في نسخة من فيلم سبايدر مان وهو ينتظر طائرة الإنقاذ.. ربما ألقاه في سوق شعبي من تلك الأماكن الذي تنفلت فيها ضحكتي بلا سبب، بهجة لرؤية الباعة والعابرين والخضروات الملونة التي تحرك شيئا كبيرا من الفرح في روحي.

ربما ألقاه في حلمي السري، حيث نمشي بلا نهاية في شوارع يمسك الليل فوقها بمعطف من الحنان والتفهم، ورائحة هواء سبتمبر المحملة بالراحة والتعويض لما مر بالبشر من قسوة فيما سبقه من شهور باردة تملؤها الوحدة أو مضيئة بالحرارة والحر فتكشف هشاشتنا ورهابنا من الضوء.

ألقاه في طقس حنون تحمل نسماته رسائل هامسة للمعذبين.

هذه المرة لن أحتاج أن أخبره بشيء، ستتلاقى عيوننا وتتجمد اللحظة، ستعبر الحكايات دون كلمات ولا ضوضاء تكسر انسياب الموسيقى والسحر.

سأقع في الحب فورا، لكني لن أتحرك لمسافة أبعد من الوقوع في الحب، فأنا فتاة جاءت من حياة قديمة تعرف ما تؤول له الأمور كلها، تحمل ذاكرتي دفترا للتاريخ الإنساني المعذب باللهاث خلف الحب وأوهامه وأوجاعه.

سأقف عند “الوقوع في الحب” بلا خطوة زائدة.. هنا حيث يبقى الشغف والأحلام.

سأخبره أني لا أريد سوى رفيقا للمشي، وشريكا لدخول السينما لأن شكل تذكرة السينما الواحدة يصيبني بالغم.

سأفرد أمامه خريطة شوارعي السرية..

ستلمع عيناي وأنا أخبره عن مدينتي التي تستقبلي بحضن، أعود من زحام القاهرة لها.

فأجدها تقف في الصحراء تبسط كفها وتنفخ فيه من فمها نسمة هواء لي وحضن وبهجة وقعت في غرامها عند أول لقاء.

فتحت فمي من الدهشة والسعادة كطفل تذوق الشيكولاته لأول مرة، غمزت لي السماء في تلك المدينة فعدت لها وبقيت.

عندما أعود للزحام وأنظر في عيون الشوارع الأخرى التي أحبها كعشيقة، أخفض عيوني بخجل فتاة جربت قبلة عنيفة لأول مرة واستغربت كل تلك الفوضى الحسية التي اجتاحتها ثم مضت بعيدا لأنها اكتشفت أن تلك القبلة لا تشبه الأخرى في أحلامها.

شوارع المدينة الهادئة تلائمني أكثر، عندما يقبلني الرجل في الحياة الأخرى سأسمح لإبتسامتي أن تشق المسافة بين شفتينا، سأخبره دون حرج أني أرغب في مقاطعة قبلته لأن ابتسامتي حبيسة وترغب الآن في هذه اللحظة ان تتحرر.

هذا الحبيب قد يفهم ما أخفيته عمرا كاملا في حياة سابقة، أني ارغب في ابتسامة صافية تنفلت وسط القبلة، أحب أن ابتسم في وسط نومي لأني ربما رأيته في حلمي مرة أخرى، أريد أن أتشبث بيده لأتمكن من المضي داخل الحلم. في الشارع صديقي الذي طالما تمشيت فيه وحدي.

يسألني طوال السنوات التي صرنا فيها صديقين، لماذا اتمشى هنا وحيدة!

لم أرد عليه في حياتي القديمة، لكني حين أقع في الحب سأخبره سري. 

سأدعوه للشارع البعيد وأُعرّف كل منهما على الآخر، سأعرف أن الوقوع في الحب وتناغم خطوات المشي وممارسة الجنس حتى لهم جميعا نفس الإيقاع.

إيقاع حر..

مرتجل، حقيقي.

أنا ورجل سأحبه في حياة أخرى وحقيبة من القماش.. أنا أحب الحقائب القماش الملونة أو الأوف وايت لأنها رفيقة للمجذوبين ومشردي الشوارع وهؤلاء بيني وبينهم صلة دم وقرابة، شيء في خياراتنا في الحياة وتجاربنا المشتركة من الخيبة والخذلان والرغبة في الراحة وترك كل شيء.

وربما أمل في فرصة ثانية وحيل جديدة وحياة أخرى حيث أقع في الحب دون الخوف من السقوط.

  

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار