فقه الغضب … محاولة للتعبير عن صوت جيل مهزوم

فقه الغضب ... محاولة للتعبير عن صوت جيل مهزوم
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أحمد مسعد

 

فقه الغضب هو عنوان لديوان الشعر الذي نشرته دار النسيم للشاعر والمسرحي الشاب المتميز "يوسف مسلم" .... عبر الشاعر في ديوانه عن حالة جيل كامل .. واجه نفسه على الورق وتصارع معها وجلدها بعنف ليحملها جزء كبير من الفشل الذي مر به الجيل وكأنه كان يقصد أن يدلل على أن أول خطوات الثورة الحقة هي تحمل المسئولية كاملة دون مواربة لنستطيع أن نتغلب على أخطاء التجارب السابقة ..

فقه الغضب لم يكن عنوانا لأحد قصائد الديوان .. ولكنه أسم اختاره الكاتب ليعبر عن الحالة العامة للديوان والتى يظن القارئ قبل أن يخوض غمار تجربة قراءة هذا الديوان أنه مجرد صرخة غاضبة ولكن المتأمل ببعض الدقة لقصائد يوسف يستطيع أن يجزم بحق أن الديون هو عبارة عن محاولة من الشاعر لتأسيس قواعد ثورة على أساس صحيح

اللغة عند الشاعر ثرية نابضة تنساب بسلاسة بين سطور القصيدة ... ولا يمكن أن نغفل تأثر الشاعر الواضح فى الكثير من صورة بكبار شعراء قصيدة النثر مثل محمود درويش مثلا ولكن تتجلى عبقرية يوسف فى انه لا ينقل عن الشعراء ولكنه واضح جليا أن تأثره ناتج عن عمليه تبحر وتعمق في تجاربهم الشعرية وهضم تام لتراكيب صورهم قبل أن يخرجها بطريقته الخاصة فى قصائد ديوانه

قصائد الديوان جاءت متصلة منفصلة يربط بينها جميعا رابط تستشعره بين السطور ...  كأنك أمام مشاهد فيلم سينمائي متقطع أو فصول مسرحية ... أجاد الشاعر فيها استخدام تقنيات السرد وتجول في عدة رحلات بين الداخل النفسى والخارج المؤثر فيه

حاول الشاعر فيها أن يكسر قوالب وتابوهات كثيرة فى صلب الوعى المجتمعى من أجل أن يقف على أوجه الخلل ويطرح التحديات التى تواجه جيله فى الوطن الكبير الذى نحياه

فنراه يقول :

صديقي الدمشقي

الذي قاسمته الموسيقى والوجع والكحول

هو الآن يقاسمني افتقاد الوطن في غربتنا الونوسية

فنقول لأشباحنا الحبيسة في أدراج المكاتب :

تصبحون على وجع

ورغم أن القارئ لسطور قصائد يوسف يمكن أن يصنف الكاتب على أنه لا ديني مثلا أو غير مؤمن لكن المتعمق فى تجربة يوسف الشعرية يتأكد أن الشاعر يمتلك حالة دينية خاصة به كغيره من الباحثين عن الحقيقة والمشغولين بالهم البشرى وتظهر تلك الحالة جليه في التأثر القرآني الواضح في بعض سطور الديوان 

الخلفية المسرحية للشاعر جعلته يقدم قصائد ديوانه غنية بالحركة و حتى في قصائده التي يمكن أن تصنف أنها ذاتيه تشعر فيها أنك أمام مونودراما مسرحيه يقدمها البطل أمام مرآة.

تنوعت قصائد الديوان بين الطول والقصر، فكان الشاعر في قصائده الطويلة يضرب بسكينه الحادة في مناطق الجرح الإنساني وفى قصائده القصيرة يضرب بطلقات مسدسه في الرأس مباشرة ...

فقه الغضب هو ديوان مميز لشاعر يمتلك أدواته ويبشر بمولد شاعر من العيار الثقيل .. ديوان يحتاج أن يقرأ أكثر من مرة لتستطيع أن تقف على الأساسيات التي وضعها الشاعر لثورة جيل غاضب .

ومن الديوان أيضا :
صديقي

الذي أرهقته بالشعر والبراندى ثلاث سنوات

يقول لي : إن الجسر ممتد إلى مرسيليا

هل أصبح كل أصدقائي شعراء

يشكلون من الفوضى قصائد أكثر فوضوية

سيأتينى الله بعد دقائق ليقيم علي الحد

يجب أن أهرب

مقالات من نفس القسم