عن قصة “الغراب” لمبارك السعداني.. محاولة فهم أولى

المصطفى السهلي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

المصطفى السهلي

لقراءة قصة الغراب: اضغط هنا

مدخل:

منذ وُجِد الإنسان وُجِد القتل، فكان أبشع فعل دالّ على رفضه للاختلاف، وخضوعه لمشاعر الغيرة والحسد والحقد، وسعيه إلى نبذ الآخر وإقصائه، كأن الآخر فعلا هو الجحيم، كما قال سارتر.

ومنذ جريمة قابيل ضد أخيه هابيل ظل تاريخ البشرية سلسلة متلاحقة من جرائم القتل، لا تكاد تتوقف إلا لتُستأنَف. بل إننا عرفنا، عبر تاريخنا الذي اقترن بتاريخ الجريمة، أنواعا مختلفة من القتل، بأسماء متعددة، والمسمّى واحد. فظهَر القتل العمد، والقتل الخطأ، والقتل الاضطراري، والقتل الرحيم… ناهيك بالحروب المدمِّرة التي تأتي على الأخضر واليابس، وتقضي على الجاني والبريء على حد سواء.

تشتغل قصة “الغراب” للأستاذ مبارك السعداني على موضوعة القتل. فالعنوان، بما هو عتبة أولى للنص، يحيل في الموروث الديني والشعبي على الموت. لذلك يتشاءم البعض من الغراب ونغيقه، وتنقبض نفوس البعض الآخر عند رؤيته، وتنفر من سواد لونه.  وهو يحيل كذلك على خاصيتي المكر والذكاء، إذ أثبتت بعض الدراسات الحديثة أنه أذكى الطيور. كما أن العرب كانت تسمي الرجل الذكي، منذ القديم، غرابا.  

أولا: المتن الحكائي:

المقصود به الحكاية، كما وقعت فعلا، أو كما تخيلها الكاتب. ويَعتبر الشكلانيون الروس أن المتن الحكائي “يثير في الذهن واقعا ما، وأحداثا قد تكون وقعت، وشخصيات روائية تختلط، من هذه الوجهة، بشخصيات الحياة الفعلية.”[1] فالمتن الحكائي، بهذا المفهوم، لا يعدو أن يكون القصة بمكوناتها المعروفة، من حدث، وشخصيات، وزمان، ومكان، تتصل في ما بينها، وتتداخل، وتتكامل لتشكل الحكاية.

تنفتح القصة التي نحن بصددها، بإحالة على حكاية الغراب، وهو يواري جثة أخيه في التراب، كما روتها الجدة لحفيدها، محاوِلةً بذلك أن تغرس في نفسه اقتناعا راسخا بأن أباه مات مسموما من قِبَل شقيقه. ثم نكتشف عبر تداخل الأحداث، وتشابك السرد أننا إزاء عدد من الجرائم المتتالية، انعكست آثارها على الجدة، حتى غدت مسكونة بشبحها، وصار كل موت لديها، ولو كان طبيعيا، يخفي وراءه جريمة قتل.

الجريمة الأولى: مقتل والدها، وهو رجل قوي العزيمة، قال “لا” لغطرسة أبناء عمومته، فوضعوا حدا لحياته غدرا…” والباعث على قتله هو تمرّده على سلطتهم، وتحديه أعرافهم وتقاليدهم، وتَحالفُه مع أسرة أخرى منافسة لهم، فكاد له (الأعور) المعروف بجوره، وقضى عليه.

الجريمة الثانية: مقتل زوجها (الفقيه): وهي جريمة محَيِّرة، ومتعددة الأطراف. صارت لغزا تتداوله الألسن، وتتضارب بشأنه الأقاويل. ولئن عُرف مسرح الجريمة، وعدد المشاركين الفعليين في تنفيذها، فإن الباعث عليها ذهبت الأقوال في تفسيره مذاهب شتى. لقد خرج من بيته ليؤم بالناس صلاة الفجر في المسجد القريب، ولكنه لم يعد. الرجال الغرباء الثلاثة الذين تأخروا عن وقت الصلاة، ودلَّهم الفقيه على الميضأة، هم القتلة. وقد ألقوا جثته بعد تصفيته في بئر الميضأة. وهناك سيُكتَشف أمر مقتله بعد العثور على جثته المتورمة، وقد انبعثت منها رائحة كريهة. ذهب البعض إلى أن القتلة هم أعوان السلطة، قاموا بتأديب الفقيه بسبب موقفه من الاستعمار والمتعاونين معه. لكن المرجّح أن الذين قتلوا الفقيه هم “رجال أشداء من أسرة ذات شوكة” قرروا أن يعثروا عليه بأي ثمن، “ولو كان في الربع الخالي”، وأن ينتقموا لشرفهم “غسلا للعار” الذي ألحقه بهم، وفرّ هاربا من القرية التي كان “مشارطا” فيها. لكن من دلَّهُم على مكان وجوده؟

الجريمة الثالثة: هي الوشاية التي أدت إلى الجريمة الثانية. والواشي هو “ابن خال الفقيه، وهو مكمن أسراره والعارف بأحواله.” ويبدو أن دافعه إلى ذلك هو الحسد والغيرة، والدليل أنه “انتظر…  بفارغ الصبر اكتمال شهور عدة أرملة ابن عمته” ليعقد عليها، ويتبنى وليدتها التي لم تعرف أبًا لها سواه. وبالرغم من مرور عقود على تلك الجريمة، فإن وخز الضمير لم يفتأ يعذبه، والشعور بالذنب يؤرقه، فيتضايق كلما سمِع زوجه (الجدة) تخوض في أخبار الجرائم.

الجريمة الرابعة: وهي حدثت في ذهن الجدة فقط. فقد مات صهرها (زوج ابنتها) ميتة طبيعية، ولكنها “تصرُّ أنه مات مسموما”، وتسعى جاهدة، وبحماس كبير، إلى إقناع حفيدها بجديةِ طرحها، بينما ترفض ابنتها ذلك، وترى أن ما “تحكيه والدتها لابنها من أخبار عن أبيه جمعتها بناء على احتمالات وتلفيقات من مصادر معادية”. ولأن الجدة تتشبث بروايتها، وتدأب على شحن ذهن حفيدها بها، فإن الابنة لم تُخْفِ ضجرها من ذلك، وحاولت وضع حد لتأليب الجدة لحفيدها ضد أهل والده: “مَنْ (تُسَوّدين قلبه عليه) هو شقيق والده، ومن المستبعد أن يسيء إلى دمه”.

إن القناعة الراسخة لدى الجدة بأن كل موت لا يمكن إلا أن يكون قتلا، تحوّلت إلى عقدة نفسية، لا تكتفي بأن تعاني منها وحدها، ولكنها تحاول أن تنقلها إلى عقبها، ممثلا في حفيدها، الذي عليه كذلك أن يطالب بدم والده المهدور غدرا. ولا شك أن التركيبة النفسية للجدة التي عايشت جريمتين ذهب ضحيتهما أقرب الناس إليها: والدها، ثم زوجها، ستؤثر على حياتها، وعلاقاتها، ونظرتها إلى الحياة، وإلى الناس. وسيصبح الكل في نظرها إما قاتلا، أو مقتولا، وسيكون الجميع في النتيجة إما واترا، أو موتورا. وتأتي قصة الغراب، التي لا تَذكُر بالضبط المصدر الذي سمعَتْه منه (هل هو أمها، أم أبوها، أم زوجها؟)، لتُعمِّق جرح الإحساس بثقل الجريمة في شعورها الباطن. ومن فرط هذا الثقل الشديد أصبحت الحكاية فعلا حقيقيا تعاينه شخصيا بأمِّ عينيها: “بعينيَّ، اللتين سيلتهمهما دود الأرض، رأيت غرابا يواري جثة أخيه النافق عند ضفة الوادي أسفل الجبل ثم تستدرك بعد ذلك في لحظات صفو ذهني، لتُقِرّ أن الحكاية أخذتها سماعا فقط. ولكن ممن؟ “في الحقيقة، حكاية الغراب لم أعشها عيانا، ربما سمعتها من أمي… ولربما سمعتُ حكاية الغراب من أبي… وقد أكون سمعت خبر الغراب من الفقيه عمّار زوجي…” والقاسم المشترك بين المصادر الثلاثة هو علاقتها بالجريمة. فالأم كانت شاهدة على مقتل زوجها، من قِبَل بني عمومته، كما تحكي ذلك لبناتها وابنيها. والأب نفسه هو ضحية تلك الجريمة، ثم الزوج الفقيه الذي ذهب ضحية جريمة أخرى.

إن مدار المتن الحكائي كله حول شخصية الجدة، وتركيبتها النفسية المتأثرة بفعل القتل، وتأثير ذلك على علاقاتها بالشخوص في القصة. ولعلّ مردّ هذا الإحساس المتوتر في شخصية الجدة، إلى ما أحدثته الجريمتان من تأثير عميق على حياتها. فهي تحكي عن علاقتها بالضحيتين بنوستالجيا كبيرة، لا تخلو من رومانسية هادئة، وارتباط عاطفي متين، قبل أن يزعزعها القتل؛ فتقول عن أبيها: “أبي وهو يدثرني، أنا صغيرته الأثيرة، بجناح (سلهامه) الدافئ…”، وتحكي عن علاقتها بزوجها: “كان كل ليلة يحملني على صهوة حصان أبيض، يجوب بي عوالم مدهشة أبطالُها أنبياء وصُلاّح وفرسان يحاربون الأشرار.” ففقدانها لهذين الشخصين الوازنين في حياتها، لا يمكن إلا أن يُربِك وجودها، ويغيّر رؤيتها للناس من حولها؛ لأن قتلهما أصابها هي الأخرى في مقتل. فلا غرو أن ترى كل شيء بمنظار أسود، وأن يظل لفعل القتل امتداد في تفكيرها طول حياتها. ولسنا نبالغ إن قلنا إنها ضحية جريمة خامسة، معنوية، ظلت تدفع ثمنها من حياتها، وتعاني من آثارها، نفسيا، وعقليا.   

ثانيا: المبنى الحكائي:

إذا كان المتن الحكائي هو القصة بعناصرها المختلفة، فإن مدلول المبنى الحكائي، أو بنية الحكي، هو الكيفية التي قدّم بها الكاتب تلك الحكاية. فقد يكون الحدث واحدا، لكن طريقة سرده، وتقديمه للقارئ تختلف من كاتب لآخر. ومن ثم تكتسب كل قصة أهميتها لا من الحدث الذي دارت حوله، ولكن من الكيفية التي ميّزت هذا القاص عن ذاك، في بنائه للحكاية، ووصفه للشخصيات والفضاء، وطريقة سرده للأحداث، وقدرته على تشكيل علاقات متداخلة، ومتكاملة بين تلك العناصر كلها. وكثيرا ما تظهر حنكة القاص ومهارته في تحويل حدث عادي، أو أحيانا تافه تماما، إلى موضوع جيد للحكي، مثير لانتباه القارئ، إذا اعتمد في كتابته طريقة ناجحة في السرد، والوصف، تُقدِّم الحدث للمتلقي بشكل مثير، وجذاب. ذلك أنه “ليست الأحداث التي يتمّ نقلها هي التي تهمّ، وإنما الكيفية التي بها أطلعَنا السارد على تلك الأحداث.”[2] يهمّنا هذا الرأي النقدي عند قراءتنا لقصة “الغراب”، للقاص الأستاذ مبارك السعداني. فالأحداث التي اشتمل عليها المتن الحكائي، تقع كل يوم، وفي كل مكان، ولكن تشكيلها في هذه القصة، يعطيها قيمة خاصة، وميزة تنفرد بها، أو تكاد، بين الأعمال التي تناولت موضوعة القتل.

1 –السرد:

يتناوب على السرد في هذه القصة، بشكل متداخل، ساردان:

أ – الجدة: وهي تحكي بضمير المتكلم المفرد(أنا)، وذلك في المقطعين التاليين:

  • المقطع الأول: من: “بعينيّ اللتين… حتى: أسفل الجبل.”
  • المقطع الثاني: من: “في الحقيقة، حكاية الغراب لم أعشها عيانا… حتى: شوهد الفقيه وهو يتقدمهم إلى الميضأة

ب – السارد بضمير الغائب (هو): وذلك في مقطعين اثنين:

  • المقطع الأول: من: “قالت الجدة وهي تحدث حفيدها عن والده… حتى: وأعمت غشاوة الحقد عيونهم...”
  • المقطع الثاني: من: “دُفِن الفقيه، وترك في أحشاء زوجته علقة ما فتئت تنمو… حتى آخر القصة.”

وإذا كان تحديد بداية المقطعَيْن الأولَين لكلا الساردين متاحا، وميسّرا، فإن انتقال

الحكي من الجدة إلى السارد الآخر في المقطع الثاني ظل ملتبسا، إذ لم يكن من السهل معرفة المكان المحدّد، الذي وضَع فيه الكاتب نقطة النهاية لحكي الجدة، وأتاح للسارد الثاني استئناف الكلام. ومن المؤكّد أن ذلك لم يكن غفلة من الكاتب، بل لا شك أنه تعمّد ترك أمر التحديد لاجتهاد القارئ، وفطنته. ويبدو أن هذه التقنية تعطي الانطباع بتماهي السارديْن، وتداخل وظيفتيهما، واشتراكهما في المعلومات التي يقدمانها للقارئ.

أما القرينة التي اعتمدناها للفصل بين حدود الساردَيْن، فهي لفظة “زوجته”، في قوله: “دفن الفقيه، وترك في أحشاء زوجته علقة ما فتئت تنمو”، حيث تثبت هذه اللفظة أن السرد هنا يواصله السارد الثاني بضمير الغائب. وقد عمد الكاتب إلى استعمال بعض الإشارات الأخرى التي يمكن أن توحي بانتهاء السرد على لسان الجدة، وانتقاله إلى السارد الثاني. ومنها نقط الحذف، التي تعوِّض كلاما آخر استغنى الكاتب عن إيراده، ومنها أيضا الرجوع إلى السطر، وبدء فقرة جديدة، هي من كلام السارد الآخر.

والواضح أن هذه التقنية في السرد تُخرِج المتلقي من حالة الاسترخاء التي قد تنتابه في أثناء قراءة العمل، وتجعل حواسه كلها في حالة استنفار، لمعرفة حدود التداخل بين الضمائر، وتشابك الأحداث، وتدافُع الشخصيات، وتلاحُق الجرائم، ما ظهر منها وما بطن. وتكاد هذه الخاصية تكون سمة مميزة لكثير من نصوص الكاتب، وهو ما يجعلها، في الغالب، صعبة، عصية على الاستيعاب إذا اقتصرنا على القراءة الأولى. ويمكن الاستشهاد على ذلك بالقصص التالية: “زبد مركوم”[3]، و“جدار آيل للانقضاض”[4]، و“لا تتركني وحدي”[5].

قد يتساءل قارئ: ما الحاجة إلى سارد آخر، مادامت الجدة هي الشخصية الرئيسة في القصة، وهي التي اكتوت بالجرائم الثلاث؟ ما الذي أضافه السارد الجديد إلى القصة؟

يبدو كل تساؤل في هذا السياق مشروعا، باعتبار المتلقىي مبدعا ثانيا للنص، بعد الكاتب، من حقه أن يستفسر، ويناقش، وربما يعيد تركيب الأحداث، واستنطاق الشخصيات، للقبض على رهان القصة، وفهم أبعادها الفنية، ودلالاتها العميقة. أليست كل قراءة للنص كتابة جديدة له؟

لو سايرنا هذا القارئ في تساؤله، وجعلنا القصة كلها تُروى بضمير المتكلم، على لسان الجدة، فهل نضمن الوصول إلى الحقائق التي يبدو أنها غائبة عن إدراكها؟ وهل تمتلك الجدة من صفات المصداقية، وصفاء الذهن، وتماسك المنطق، ما يؤهلها للقيام بمَهَمّة السرد بمفردها، دون الحاجة إلى طرف ثان، يعضدها، ويملأ البياضات التي تركتها، ويصحح المغالطات التي وقعت فيها، وربما أوقعت فيها كل من يتلقى روايتها؟ فحتى ابنتها، المعنية المباشرة بقصة مقتل زوجها، “تبدو غير مطمئنة لما تحكيه والدتها لابنها من أخبار عن أبيه جمعتها بناء على احتمالات وتلفيقات من مصادر معادية”. إن الكاتب يصرّ على تقديم صورة واضحة عن ضعف ذاكرة الجدة، التي عجزت عن تحديد المصدر الصحيح الذي روى لها حكاية الغراب: هل هي أمها، أم أبوها، أم زوجها؟ إنها غير واثقة من ذاكرتها. 

وهكذا، لكيلا تذهب القصة كلها في مهبّ ريحِ ذاكرةٍ ضعيفة، ومتآكلة، وتغدوَ مجرد تخمينات، وهلوسات تسردها الجدة بحروف شك وتقليل، أسند الكاتب زمام السرد لهذا السارد الثاني، الذي يحكي بضمير الغائب، ويبدو على معرفة بتفاصيل الوقائع والأحداث، وأحوال الشخصيات، ودقائق أمورها، بل إنه يحشر أنفه في أحداث القصة، فيؤوِّل ما استعصى على الإدراك، ويرجِّح رواية على أخرى، ويحسم في الباعث على الجريمة، ويقدم من المعلومات ما لن تستطيع الجدة، بالتأكيد، تقديمه. إن تعدد الرواة في العمل السردي تمليه ضرورات فنية كثيرة، على رأسها التكامل بينهم لتثوير السرد، وتنوير سيرورة الحكي، وتنويع مصادره، وكسر رتابة السارد الواحد والوحيد، المستأثر دون غيره بالكلام، والمالك وحده لحقيقة الأحداث، والقدرة على إضاءة خلفياتها، وخصوصيات الشخصيات الفاعلة فيها. ولنا في استعانة كاتب قصة “الغراب” بسارد ثانٍ خير دليل على ذلك.

2 – اللغة:   

راكَم الأستاذ مبارك السعداني تجربة نوعية هامة في تعامله مع تكثيف اللغة، إذ نشأ في أحضان القصة القصيرة جدا، وبرع إلى حد كبير في صياغتها، ونسْجِ حبكتها السردية. وتحتل اللغة في هذا النوع الأدبي مكانة متميزة، إذ إنها “بطريقة أسلوبية بيانية رائعة تثير الإدهاش والإغراب والروعة الفنية.”[6] وقد يكون من الإنصاف التأكيد على أن جمالية الكتابة القصصية عموما لا تتحدد بنوعية الموضوعات التي تتناولها، ولكن بقدرة اللغة الموظَّفة فيها على خلق التفاعل الجيد مع المتلقي، وحفزه إلى الإعجاب بما يقرأه، “فالمادة الأساسية التي تشكل الإغراء ليس الموضوع الذي تتحدث عنه لغة النص فقط، بل اللغة نفسها.”[7] ولن يختلف اثنان حول هذه الحقيقة بتاتا، فهي معروفة منذ القدم، وأكدها الجاحظ بدوره، في قولته المأثورة: المعَاني مَطْرُوحَةٌ في الطريق يعرفها العجمي والعربي… وإنما الشأن في إقامة الوزن، وتخيُّر اللفظ…”[8] ولئن خصَّ بها الشعر في سياق كلامه، فإنها تنسحب كذلك على الأجناس الأدبية كلها، وهو أمر يكاد يُجمِع عليه منظروها، ونقادها. يَعتبر شيخ القصة القصيرة أحمد بوزفور في تعريف لها، بأنها “نص سردي ولغوي تكمن جمالياته ليس فقط في ما يسرده، بل، وأساسا، في لغته التي يسرد بها.”[9]

لا شك أن الأستاذ مبارك السعداني استحضر هذه المعطيات كلها، قبل، وخلال، وبعد كتابة قصة “الغراب”. كيف لا، وهو الذي أثمرت معرفته بهذه القاعدة الفنية، وبغيرها من القواعد الأساسية الأخرى في الكتابة السردية، مجموعته القصصية القصيرة جدا “ضحك المرايا”[10]، والتي قال ناشرها عن لغتها بأنها “تخرق اللغة الواضحة والمنطقية المباشرة”[11]، وانتهى في معرض حديثه عن لغة القاص في هذه المجموعة إلى أنها “رمزية سامية لا يمكن فهمها بالطريقة التي نفهم بها اللغة التواصلية العادية…”[12]؟ سقنا هذه الاقتباسات كتوطئة لا بد منها للحديث عن لغة الكاتب في هذه القصة، لكي ندرك، ويدرك المتلقي، أننا هنا بإزاء كاتب متمرِّس، خبَرَ الكتابة السردية، بأنواعها القصيرة، والقصيرة جدا، كما عُرِف بكتاباته النقدية الرصينة، خصوصا في مجال نقد الأعمال السردية.

ولعل أول ما يلفت انتباه القارئ لهذه القصة، أنها كُتِبت بلغة فصيحة، صحيحة، وبتراكيب سليمة، وبدقة متناهية في اختيار اللفظ المناسب، في السياق المناسب، وباحترام صارم لعلامات الترقيم، واستعمال بعضها كإشارات سيميائية، مساعِدة على تفصيل المعنى، وتوصيله إلى المتلقي. وفي ذلك ما يثبت تمكّن الكاتب من لغته، ونجاحه في شد انتباه القارئ المهتم، ف“الكاتب الناجح هو الذي يملك زمام اللغة، ويعرف كيف يستعملها استعمالا جيدا”[13].  إن مبارك السعداني لا يحتاج إلى البحث عن مفرداته في قواميس اللغة، ولا في رصيده اللغوي الغني بقراءاته المتنوعة، والعديدة، بل تأتيه لغته منقادة من تفاعله الشعوري مع موضوعه، وإحساسه العاطفي بكل لفظة يستدعيها. ذلك أن “الأديب المبدع لا يأخذ ألفاظه من الكتب، وإنما يستمدها من نفسه…”[14]، وهذا ما يجعل اللغة، بالرغم من تشابه ألفاظها، تختلف من مبدع لآخر.

إنّ كل قراءة متأنية، ومتكررة للنص تجعلك تقف على دلالة لفظة، لم تكتشفها في القراءة الأولى. فلو أخذنا لفظة “المتضايق”، على سبيل المثال، في الجملة التالية: “وبمباركة من أبيها المتضايق”، لما فهمنا عمقها النفسي، وتصويرها الدقيق والبليغ لشعور الأب إلا إذا ربطنا اللفظة بنهاية النص، لنعلم أن سبب تضايقه هو كون ما ترويه الجدة يوقظ في دواخله مواجع الماضي، حين كان وراء الوشاية بابن عمته، وتسبَّب في قتله. فاللفظة لم تَرِدْ هنا اعتباطا، بل لتختزل حالة نفسية، يؤرقها الشعور بالذنب، وينهشها وخز الضمير، بالرغم من مرور عقود على الجريمة. فإذا كانت القراءة العجلى للقصة توهم القارئ المتسرِّع بأن التضايق هنا سببه ملل الأب من كثرة ترداد الجدة لهذه الحكاية، وضجره من سماعها في كل حين، إلا أن ردَّ نهاية القصة على بدايتها يُفصح عن العلاقة المباشرة بين هذه الشخصية، وبين الجريمة التي ذهب ضحيتها الزوج الأول للجدة، والوالد البيولوجي للابنة.

وقد ألمحنا في ما سبق إلى الدور المفصلي الذي قامت به لفظة “زوجته”، في الدلالة على انتقال السرد من لسان الجدة، إلى لسان سارد آخر، يرتّق ما تَمزّق من نسيج الحكاية بفعل سهو الساردة، وضعف ذاكرتها، وفقدانها في نظر القارئ لأي مصداقية، ويقدم للقارئ معلومات وحقائق تملأ الفراغات الناشئة عن ذلك. وهو ما ينهض دليلا قاطعا على أن حذف لفظة، أو تغيير مكانها قد يزعزع بناء القصة، ويؤثر على تماسك أجزائها.

ومن الأمثلة الأخرى الدالة على تكثيف اللغة، وبنائها على نحو مفكَّر فيه بعمق، هذا النموذج: لم يَطُل انتظارهم، إذ اكتوى الفقيه بنار الخيانة والغدر

بعدما خلا له الجو، انتظر ابنُ خال الفقيه، وهو مَكمَن أسراره والعارف بأحواله، بفارغ الصبر اكتمال شهور عدة أرملة ابن عمته…”  أكاد أزعم أن هذه الجمل هي جُماع ما تناثر في القصة من أحداث، وهي الإضاءة التي تنير ما غمض فيها من وقائع، وتفك عقدة ما التبس من علاقات. وإذ تأتي هذه الجمل بهذه الكثافة في نهاية القصة، فإنها لا تضع، في الحقيقة، نقطة الختم، بل على العكس، تفتح أمام المتلقي سبل ربط النهاية بالبداية، وإعادة قراءة القصة، على ضوءٍ من هذه النهاية المثيرة للحيرة والدهشة. فإذا كانت الجدة قد أثقل كاهلَها مقتلُ والدها وزوجها، وترى في موت زوج ابنتها جريمة أخرى، فما ردُّ فعلها لو علمتْ أن زوجها الحالي هو من وشى بزوجها السابق، ودلَّ أعداءَه عليه؟

3 – الزمن:         

يتداخل في السرد زمنان: أحدهما واقعي، ينطلق منه السرد، باستحضار حكاية الغراب، ويتلوه زمن نفسي يتحكم فيه استرجاع أحداث ماضية، طبعتها الجرائم المتلاحقة. وقد وصفناه بالنفسي لأنه يكشف التموجات النفسية لدى الجدة، والعقدة التي خلفها القتل في شعورها، ولا شعورها. ولئن اكتسح الاسترجاع مساحة شاسعة من السرد، فلِيبيِّن حجم الأثر الذي لحق بالجدة، جرّاء ما حدث لوالدها، ولزوجها، وليُظهر الحضور القوي للماضي في تفكيرها، وسلوكها، وقناعاتها في الحياة.

ينطلق السرد من لحظة حاضرة، تمتد في زمن مقداره أربعة عقود ونيف، هي الفترة التي قضتها الجدة في المدينة، بعد هجرة والدتها إليها، غداة مقتل زوجها على أيدي بني عمومته. وهذه المدة هي عمر الجريمة الأولى، التي ظلت ذكرياتها الأليمة والحارقة، تؤرِّقها.

أما زمن الجريمة الثانية التي ذهب ضحيتها الفقيه فهي غير محددة بالسنوات، لكن تقديرها هو عمر الابنة، التي خلفها القتيل في بطن والدتها. والزمن العام الذي حدثت فيه هو فترة الاستعمار، حيث ربط البعض مقتل الفقيه بشتمه للسلطة الاستعمارية وأعوانها. ولا يُستبعد أن يكون ذلك في أربعينيات القرن الماضي، ببزوغ الحركة الوطنية، ومقاومتها للاستعمار.

 ولئن كان موت زوج الابنة حديثَ عهد، لا يتجاوز الخمس سنوات، فإنه هو الذي أذكى لهيب ذكرى الجرائم في ذاكرة الجدة، وألهب حماس السرد لديها، وهي تستعيد تلك الوقائع المؤلمة.

وللزمن النفسي حضور قوي لدى شخصيات القصة، إذ يجثم الماضي الدموي بثقله على نفسية الجدة، التي تستحضر حكاية الغراب، وتسعى إلى نقلها إلى حفيدها. كما يجثم على نفسية زوجها الذي يتضايق كلما استعادت الجدة ذكريات القتل، وما تحمله من غدر وخيانة، كان هو نفسه مَن قام بهما.

 ويتخذ الزمن شكل خط دائري، حيث تنغلق القصة على نفسها. فكما بدأت بغدر بني العمومة بوالد الجدة، انتهت بغدر ابن الخال بزوجها.

4 – المكان:

يحتل المكان درجة هامة في كل عمل سردي، إذ لا يمكن الاستغناء عنه. ففيه تدور الأحداث، وفي حيّزه تتحرك الشخصيات، ومعه يتفاعل الزمن. ولا نكاد نجد عملا سرديا خارج إطار المكان.  

في قصة “الغراب” تحركت شخصيات القصة وتفاعلت في أمكنة مختلفة، أهمها: جبال الأطلس الكبير، والمدينة، والقرية، والمسجد، والبيت، والميضأة. ولعل القاسم المشترك بينها هو الجريمة، وفعل القتل. كما أن الباعث على انتقال الشخصيات بين هذه الأمكنة هو الجريمة. فالجدة انتقلت مع أمها من قريتهما الجاثمة بين قمم جبال الأطلس، إلى المدينة، هروبا من بطش (الأعور)، الذي فتك بوالد الجدة. والفقيه فرّ من القرية إلى المدينة، بعد الجرم الذي ارتكبه، وأصبح بموجبه مطلوبا للثأر. والرجال الثلاثة قدِموا إلى المدينة من قرية بعيدة، كان الفقيه “مشارطا” فيها، وهم عازمون على الانتقام منه. فحركة التنقل كلُّها تتخذ اتجاها واحدا، كما نرى، من القرية إلى المدينة. فكأننا إزاء هجرة للجريمة، بدأت لعنتُها في القرية، ثم وصلت إلى المدينة، مدفوعة برغبة محمومة في الانتقام، حتى وإن تمَّ ذلك في مكان مُقدَّس، المفروض فيه أن يكون فضاء للعبادة، والسكينة، والأمان.

ولا بد أن يستوقفنا هذا المكان بالضبط. فعطفًا على ما ألمحنا إليه في فقرة اللغة، من الانتقاء الدقيق للألفاظ من قِبَل الكاتب، نلاحظ كيف اختار، بعناية فائقة، بئر الميضأة لتكون المكان الذي يَلقى فيه الفقيهُ حتفَه. فالميضأة هي مكان الوضوء، والحيِّز المخصص في المسجد للتطهر والاغتسال، استعدادا لأداء الصلاة، فاستعملها الكاتب، بحذق كبير، لغسل العار الذي ألحقه الفقيه بعشيرة الرجال الثلاثة، وفي ذلك ربط وثيق بين دلالة اللفظة الأصلية، والدلالة التي حمّلها الكاتب إياها. وكثيرا ما يؤدي هذا التكثيف في اللغة إلى “شحن الكلمات بمعانٍ تربو على طاقتها العادية.”[15] فاللفظة الواحدة تصبح حمّالة أوجُه، متى أُحكِم استعمالها في السياق المناسب لتوليد هذه الدلالات الجديدة.

ثالثا: رهان القصة:     

بانفتاح القصة على حكاية الغراب، يكون القاص قد وضعنا مباشرة في مجال الجريمة. فالحكاية تحيل على قتل أحدِ ابنيْ آدم لأخيه، بعدما تُقُبِّل قربانُ المؤمن التقيّ منهما، ولم يُتَقَبَّلْ من الآخر لعدم تقواه. فشعر هذا الأخير، جرّاء ذلك، بحسد وغيرة وحقد تجاه أخيه، وأصر على قتله، فارتكب بذلك أول جريمةِ قَتلٍ في تاريخ الإنسانية. وأصابته بعد ذلك حيرة شديدة في كيفية تعامله مع جثة أخيه، {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين} (المائدة/27-31). صار الغراب، المعروف بذكائه الخارق، وبمكره أيضا، في بعض الأحيان، هو المعلم الأول الذي تعلّم منه الإنسان، بلغة الإشارة والحركة فقط، كيف يتخلص من جثة القتيل، بشكل فيه تكريم لها، وحفظ للبيئة من آثارِ تَحَلُّلها. وكأن استحضار هذه الحكاية من قِبَل الشخصية الرئيسة في القصة (الجدة) هو إيحاء بأن جريمة القتل كانت، وما زالت، وستبقى حاضرة ومستمرة في حياة الناس، إلى ما شاء الله. ولعل هذه الحقيقة المرة هي المسكوت عنه في هذه القصة. فما دام الناس يعيشون على الأرض، ستظل الخلافات قائمة بينهم، تغذيها مشاعر الصراع، والغيرة، والعداء، والكيد، والرغبة في الاستئثار بالثروة والجاه والنفوذ. ومن بين ما ترمي القصة أيضا، إلى التأكيد عليه، أن القاتل، طال به الزمن أم قصر، فإن العقاب، ولا شكَّ، مُدركُه. وهذا معنى القولة التي وردت في ثنايا الأحداث: “الروح عزيزة عند الله”.

ويستعرض القاص كذلك جملة من القيم السلبية، خاصة تلك التي لها علاقة بجريمة القتل في القصة، من قبيل الظلم، ولا سيما ظلم ذوي القربى، والحسد، والغيرة، والحقد، والكيد، والوشاية، والاعتداء على الحرمات، والانحراف بالدين عن دوره الصحيح (الفقيه). ولن تنسينا هذه الصورة القاتمة التي تحفل بها القصة قيما أخرى جميلة وإيجابية، على رأسها تكريم المرأة، سواء في علاقتها بوالدها، أم بزوجها، أم بأطفالها. فأم الجدة هي التي تولّت رعاية أبنائها الخمسة بعد مقتل زوجها، وأغدقت عليهم من العطف والرحمة، ما عوَّضهم نسبيا عن غياب الأب. كما أن الابنة، بعد موت زوجها، هي التي تقوم برعاية ابنها (الحفيد في القصة)، إذ نراها هي “المنشغلة بسعف النخيل تصنع منه أطباقا ومشغولات أخرى…”  

ولكي يضفي الكاتب على أحداث القصة صفة الاستمرارية، لم يقيِّد شخصياتها بأسماء خاصة، بل اكتفى باستعمال الصفة العائلية الدالة على كل واحدة منها (الجدة / الزوج / الابنة / الحفيد / الشقيق…)، وذلك للدلالة على أن هؤلاء معرَّضون في كل زمان وكل مكان، لأن يشربوا من كأس القتل، ويعانوا من مرارته. والاسم الشخصي الوحيد الذي ورد في القصة هو “عمّار”، وهو اسم الفقيه. فكأني بالكاتب، من خلال اختياره لهذا الاسم، يبرهن على أن هذا النوع من رجال الدين، الذين يزيغون بأفعالهم عن الصراط المستقيم، سيبقى معمَّرا ما بقيت الإنسانية، ولن يعدم أي مجتمع فقيها يستغل منصبه وقيمته الاعتبارية، لتحقيق مآرب شخصية، حتى وإن تنافت مع الشرع، وتزيّت بزيه، وتذرّعت بمبرّراته.

وليس من باب الصدفة كذلك أن يُطلِق القاص على قاتل والد الجدة صفة “الأعور”، لِما لها من جذور في الثقافة العربية. فقد ورد في كتاب الحيوان للجاحظ، في معرض حديثه عن الغراب: “… ولأنه حديدُ البصر فقالوا عند خوفهم من عينه » الأعور «  .”[16] وبذلك يُلقي الغراب بظلاله على القصة، ولا يكتفي بما روَته الجدة في مستهلها، بل يستمر حضوره فيها، ويغدو قرينا للموت، دليلا على القتل.  

ختم الكلام:

وختاما فإن هذه القصة بما تحمله من قيم اجتماعية، وفنية، تستحق أكثر من وقفة. وما فوزها بجائزة مجلة القصة الذهبية المصرية، عن دورة نونبر 2022، إلا دليل على أنها حظيت من قِبَل المشرفين والقراء بما هي أهل له من حفاوة، وتقدير، وتنويه.

وكما أن الغراب / الطائر لقّنَ أجدادنا درس الدفن، فإن الغراب / القصة يقدم لنا اليوم دروسا مفيدة، وجيدة في كيفية إبداع القصة، والتعامل مع تقنيات السرد، وتوظيف أساليب الكتابة الراقية. وسيظل الأستاذ مبارك السعداني يفاجئنا، في كل مرة، بإبداع ماتع، يخلق لدى المتلقي الإعجاب، والدهشة، والتقدير.  

………………………………..

إحالات:

[1] – تودوروف، تزفيطان: مقولات السارد الأدبي (طرا ئق تحليل السرد الأدبي(، ترجمة: الحسين سحبان وفؤاد صفا، منشورات اتحاد كتاب المغرب – الرّباط، ط. 1، 1992 – ص. 41.

[2] – تودوروف: المرجع نفسه، والصفحة نفسها.

[3] – مبارك السعداني: جدار آيل للانقضاض، قصص، مطبعة بلال، الطبعة الأولى، 2022، فاس، ص. 21.

[4] – نفسه، ص. 32.

[5] – نفسه، ص. 47.

[6] – جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا جنس أدبي جديد، موقع ديوان العرب الإلكتروني، الإثنين 25 كانون الأول (ديسمبر) 2006. (تمت زيارته يوم السبت 25 شباط (فبراير) 2023، الساعة 13:30.)

[7] – موسى ربابعة: جماليات الأسلوب والتلقي دراسات تطبيقية، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط. 1، 2008.

[8] – الجاحظ: الحيوان، بتحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، ج. 3، ط. 2، 1965، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ص. 131. 

[9] – محمد طيفوري: أحمد بوزفور… شاعر فاشل هاجر سرا إلى القصة، موقع الاقتصادية الإلكتروني، الخميس 5 يوليو 2018– (تمت زيارته يوم السبت 25 فبراير 2023، الساعة 15.00.)

[10] – مبارك السعداني: ضحك المرايا، قصص قصيرة جدا، منشورات حمداوي الثقافية، ط. 1، 2017.

[11] – نفسه، ص. 8.

[12] – نفسه، الصفحة نفسها.

[13] – إيفلين فريد جورج يارد، نقلا عن: ديفيد وورد: الوجود والزمان والسرد، فلسفة بول ريكور، ترجمة سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، ط. 1، 1999، ص. 200.

[14] – إيليا الحاوي: في النقد الأدبي، ج. 3، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط. 1، 1980، ص. 320.

[15] – محمد الصغير بناني: النظريات اللسانية والبلاغية والأدبية عند الجاحظ، (د. م. ج) الجزائر، 1994، ص. 267.

[16] – الجاحظ: مرجع سابق، ج. 3، ص. 439.

مقالات من نفس القسم