«عبَّاسية» نجيب محفوظ

نجيب محفوظ
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حسن عبد الموجود

لم يفوِّت نجيب محفوظ فرصة، إلا وأظهرَ حبَّه لحيِّ العبّاسية، لكن الشهرة ذهبت إلى الجمالية. ارتبط محفوظ في أذهان القراء بالحيِّ العتيق، مع أن قراءة منصفة لأعماله يمكنُها أن تقترح مناصفة الشهرة بين الجمالية والعباسية.

في بعضِ حواراتِه روى محفوظ قصة انتقاله إلى العباسية صغيرا مع أسرته، وسرد قصة تكوين شلة من الرفقاء حوله صاروا بمرور الوقت أصدقاء العمر. وفي بعض قصصه ورواياته اختفى محفوظ خلف أبطاله، وسرد أجزاء مهمة من سيرته الشخصية، لكنه مزجها بوقائع متخيلة، فلم تصبح حكايات خيالية صرفة ولم تتحول كذلك إلى سيرة ذاتية تخص حياته في العباسية.

كانت العباسية صحراء ممتدة تُعرف بـ«الريدانية»، تقول المعلومات: إن سبب التسمية يرتبط بريدان الصقلي، الرجل القوي في حاشية الخليفة الفاطمي العزيز بالله، وقد دارت فيها معركة الريدانية عام 1517، بين طومان باي والسلطان سليم الأول، وانتهت بهزيمة طومان باي وإعدامه على باب زويلة، وإنهاء حكم المماليك وبداية السيطرة العثمانية على مصر.

أُهملتْ منطقة الريدانية، ثم تغيّر اسمها إلى «الحصوة»، حتى أحياها الخديوي عباس حلمي الأول، وأزال عنها الغبار والنسيان. أنشأ فيها عددا من المستشفيات، مثل مستشفى العباسية، وكذلك سهَّل حصول الناس على التراخيص اللازمة للبناء، وسرعان ما جاء الأثرياء وعمَّروا الصحراء، وحوَّلوا الرمال والحصى والنباتات الشيطانية إلى حي راقٍ جميل، لكن الطبقة المتوسطة برعبها التاريخي من السقوط إلى القاع هرولت في إثرهم، وإذا كان الأغنياء قد أخذوا المنطقة الشرقية من العباسية، وجعلوها جنة من القصور ذات البوابات الهائلة والجنائن المترامية والأعمدة الشاهقة والمعمار الفخم والطراز الفريد والأثاث الأنيق، فإنَّ موظفي الطبقة الوسطى قد أخذوا لأنفسهم الناحية الغربية من العباسية وبنوا بيوتا، لا تخلو من لمسة جمال، كما سوَّروها بالأشجار الجميلة. لمدة سنوات تحوَّلت العباسية إلى جنة الباحثين عن الهدوء والاختلاف، فلم تكن شبيهة بباقي الأحياء الغنية في القاهرة، إذ ليس لها ظهير فقير، أو شعبي، لكنَّ الزمنَ وحده تكفَّل بأن يساويها بباقي الأحياء. استمر هجوم الطبقة المتوسطة ومعها استمر البناء الأفقي، حتى آخت العباسية أماكن أخرى، وصارت امتدادا للحسينية، والضاهر، وباب الشعرية، فما حكاية العباسية مع نجيب محفوظ؟ وهل استقى تصوره عنها من حكايات الأصدقاء والجيران والسكان، أم أنه عاش تلك الوقائع بعد أن انتقل إليها وأصبح جزءا منها وأصبحت جزءا منه؟

حوار نادر

يقول نجيب محفوظ في حوار نادر أجراه الإذاعي عمر بطيشة وأذيع بعد حصوله على جائزة نوبل عام 1988 على أثير الإذاعة المصرية (الدقيقة 8:23): «هناك محافظة على التقاليد في العباسية، لكنَّ الأمر في الجمالية أقوى وأشد، هناك ترابط في الأسر وبين الأقارب نشعر به في العباسية كأقوى ما يكون، إنما في الحي العتيق فإن الترابط شيء شبه مقدس»، ويضيف في (الدقيقة 15:35): «العباسية كانت مختلفة عن الجمالية اختلافا كليا.

كانت العباسية الشرقية عبارة عن سرايات ضخمة، يملكها الأعيان الكبار. كان كثير منهم جيراننا في قرمز ثم بنوا سرايات وهاجروا إليها، أما العباسية الغربية التي سكنَّا فيها فكانت تضم بيوتا ذات حدائق صغيرة. لم تكن هناك عمائر وإنما بيوت، كل بيت يخص أسرة بمفردها، وكانت كل الفراغات حقولا، فمثلا شارع أحمد سعيد لم يكن بمثل شكله الحالي، وإنما كان عبارة عن حدائق وغيطان.

الواحد كأنه كان يسكن في الريف تماما، حينما أفتح شباكي صباحا أنظر وأرى الحقول على امتداد البصر، لكن البيت كان فيه ماء وكهرباء، كانت العباسية جميلة وهادئة جدا».

ويقول له عمر بطيشة: «كان هناك رابط أيضا بين الجمالية والعباسية هو المقهى» فيعلق محفوظ (الدقيقة 15:17): «الرابط ليس المقاهي فقط وإنما الأهالي، لأن أغلب الناس في العباسية جاؤوا مهاجرين من الجمالية، ومَن امتلكوا السرايات في المنطقة الشرقية كانوا يمتلكون أيضا سرايات وإن كانت ذات طابع آخر في درب قرمز»، ويضيف: «العباسية كانت صحراء وبدأ السماسرة يُغرون الأعيان، يقولون لكل واحد منهم: أنت تسكن في درب ومن الأفضل أن تأتي إلى هنا، إلى العباسية، وكانت الأرض رخيصة جدا، ولذلك أقبل الجميع على الشراء.

كنت تجد السرايا كأنها قلعة كبيرة جدا، لها حديقة مترامية، لكنها راحت طبعا كلها الآن، إذ تحولت إلى عمارات»، ويسأله عمر بطيشة: «هل كان يغلب على أهل العباسية الثراء؟»، فيقول: «كانوا أغنياء حتى وهم في درب قرمز، الحارة كانت تجمع الطبقات كلها، في درب قرمز ستجد بيتا فيه أعيان، فيه حرملك وسلاملك، وتجد بجواره بيتا صغيرا يُمثِّل الطبقة الوسطى، صاحبه موظف صغير، وتجد بجوارهما ربْعا يسكن فيه عسكري وعمالٌ في كوبانية النور وشحاذون، وكلهم يعرفون بعضهم»، ويسأله عمر بطيشة: «ما المختلف بين قهوة الفيشاوي (الحسين) عن قهوة قشتمر (العباسية)؟»، فيجيب (الدقيقة 19:35): «الفيشاوي أساسا قهوة فولكلورية، حي الحسين والرائح والغادي يجعلونك تعيش جوا خاصا، أما قشتمر فقهوة أنيقة تخصُّ الطبقة الوسطى»، ثم ينتقل محفوظ إلى مقهى عرابي: «سبب تأخرنا في ارتيادها أنها تخص الأعيان. كانوا يجلسون مع صاحب المقهى عرابي وهو فتوة الحسينية لحاجتهم إليه أيام الانتخابات، أذكر منهم علي ماهر باشا، ومحمد حبيب باشا، وغيرهما. كان ملك الحسينية. لذلك كانوا جميعا يخطبون ودَّه».

يتوسع محفوظ في الكلام عن عرابي فتوة الحسينية وهي منطقة مهمة جدا في العباسية (الدقيقة 26:35) قائلا: «وأنا في الحي العتيق كنت أعرفهم معرفة سطحية للغاية، ومن بعيد، إنما حين انتقلنا إلى العباسية وجدنا أنفسنا بجوار أشهر فتوة في مصر، عرابي، كان حقيقة له شهرة كبيرة جدا. لو رأيته بشكله ومهابته ولو ألبسته بدلة سيصبح زعيما على الفور، كان نفوذه ضخما جدا، يركب الفرسة ويجري بها في العباسية كأنه ملك المنطقة، وقد ظل على هذا النفوذ، ويمكن أن أقول لك إن عرابي حمى يقينا وعلى أيدينا مأمور بوليس، آه والله، هذا الكلام قبل معاهدة 1936، أيام الامتيازات الأجنبية، كان المأمور يتم تهديده بالقتل إذا اصطدم بمهرب مخدرات أجنبي، والمأمور يعرف طبعا أن هذا الشخص يُحاكَم أمام محكمة خاصة، أو يأخذونه إلى بلده ويحاكمونه هناك، أي أن حياته ستذهب سدىً في مواجهة المهرب الحقير، فماذا يفعل المأمور؟ يذهب إلى الفتوة عرابي – وهو خارج عن القانون مثل المهرب – فيعمل على تطفيشه. المأمور يخاف من القانون لأنه يحمي الأجنبي، ويعرف أنه إذا اعتدى عليه قد يتسبب في أزمة للبلد، لكن عرابي لا يعرف هذا الكلام. ينقض عليه كالصقر، وفجأة لا تجد هذا الشخص في البلد كلها، فقد فهم أنه يتعامل مع فتوة لا يهمه قانون ولا سياسات، إذا خبطه خبطة فلن ينفعه أحد، وكان البوليس يستفيد من أمثال عرابي إذا حدثت جريمة أو سرقة، حيث يدلهم على من قام بها. سارت الأمور على ما يرام حتى أخطأ عرابي خطأ لا يُغتفر عام 1930 كان السبب في القضاء عليه وعلى نظام الفتونة كله».

يواصل محفوظ الحكي: «أحد أصدقائنا في العباسية عاكس فتاة، فضربه فتوة تابع للبوليس وهو يعلم أنه -أي الشخص المضروب- تابع لعرابي. جاء الرجل واشتكى لعرابي، فأقدم على تصرف صعبٍ للغاية. اصطحب العصابة كلها وسار خلفهم لوريٌ محمَّلٌ بقطع الزجاج والطوب، وبدا المشهد كأنه حملة. هجم على القسم كأنه يهجم على بلد أجنبي، وأُغلِقت الدكاكين. أحدهم خرج له وقال له: عيب يا عرابي، فقال عرابي: امشِ من أمامي وإلا فقأت عينيك، فرد الرجل: ها هما عيناي أمامك، فدبَّ عرابي إصبعيه فيهما، واشتدت الحالة. جاء إلى الداخلية أحد كونستابلات الإنجليز ليردعه فهجم عليه التابعون لعرابي وجرَّدوه من بدلته. صدرت الأوامر باستئصال الفتوة، ودخلت لأول مرة نقطة بوليس إلى الحسينية واضطر كل فتواتها إلى الهجرة للمذبح وعملوا جزارين. (يضحك) أصبحوا يتعاملون مع الخرفان».

شلة العباسية

يتشابه كلام محفوظ مع كل ما كتبه عن العباسية أو ما صرح به لصحفيين كبار عنها.

في كتاب «نجيب محفوظ.. البدايات والنهايات» نشر الكاتب المصري محمد شعير كراسات محفوظ التي دوَّنها في طفولته، ومنها ما كتبه عن انتقاله إلى العباسية: «كان الصبي في العاشرة أو ما يزيد على ذلك قليلا، عندما رغب أبوه في شراء منزل جديد في العباسية، ولقد فرح كل من كان في المنزل لذلك السبب وعدُّوا ذلك من حسن الحظ وطلائع السعد، لأن العباسية كانت جزءًا من الأحياء الراقية، ولأن العيشة في هذا المنزل أصبحت مملة مكدرة لطول السنين التي مضت عليهم وهم في منزل واحد قاعدون، وقد استسلموا للذة الخيال وتحدثوا طويلا عما عسى أن يسموا إليه في المنزل الجديد من عيشة راضية وراحة واسعة، وكان حسبهم أن يفهموا أنهم ذاهبون إلى العباسية ليشمخوا زهوًا بأنوفهم ويرقصوا طربًا لحظهم، ولم يكن الدافع لهذه النية – نية الانتقال – ازدياد الثروة أو بغضهم للإقامة في منزلهم أكثر من ذلك، إنما كان الأمر أن أخا الطفل الأكبر عقد النية على الزواج من قريبة على شيء من الغنى والجاه، ولم يكن معقولا أن يتزوجها ويعيش معها في هذا المنزل الصغير الحقير، وأن يهبط بها من علوٍ شامخ لحضيض عميق، لهذا ولما كان أبوه يهوى فكرة الإقامة مع ابنه في بيت واحد، فكَّر الأب في شراء منزل ذي دور واحد، وقد أعانه على ذلك أموال كثيرة كان الابن الأكبر يوفرها عند أبيه، وكان في النية بناء دور ثانٍ بمال أبي العروسة، وقد تم كل ذلك، فاختير المنزل ولم يكن جميلا جدًّا، ولكنه كان في نظرهم بالغًا نهاية الجمال والفخامة، إذ إن بيتهم الذي تركوه لم يكن شيئًا بجانبه. ولقد زار الصبي المنزل الجديد متفرجًا وبلغ إعجابه به منتهاه، ولعل حديقته الصغيرة استهوته أكثر من أي شيء آخر، كما أن الحقل الممتد أمام المنزل من الجهة الخلفية استحوذ على لبِّه وعقله. وفي يوم الانتقال ودع الصبي أصدقاءه فردًا فردًا وهو يقول «سنرحل إلى العباسية»، ويعلو صوته عند النطق بكلمة العباسية زهوًا وافتخارًا على إخوانه الذين لن يتركوا البيوت القديمة المهدمة ولن يتركوا الحي القذر. وركب مع الأثاث في عربة نقل كبيرة».

استقر محفوظ في العباسية وبدأ يتجول فيها ويحفظها ثم كوَّن أغلب صداقاته. يعطي لجمال الغيطاني في كتابه «نجيب محفوظ يتذكر» لمحةً عن شلة العباسية قائلا: «كانوا مجموعة متناقضة فيها كل نوعيات البشر، مِن أسماها إلى أدناها، فيهم ناس تقلَّدوا أكبر المناصب المهنية، أطباء ومهندسون ومحاسبون، ومنهم بلطجية وبرمجية (البرمجي: عشيق فتاة الليل) ومنهم فتوات، والعلاقات بيننا كانت حميدة، حتى الشرير منهم كان يمارس شره بعيدا عنا».

لكنه يُفصِح لرجاء النقاش عن شريرٍ في كتابه «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ»: «ضمَّت الشلة نجيب الشويخي الذي كنا نعتبره شرير الشلة، وقد اعتدى بالضرب على معظم أعضائها، حاملا تهديده الدائم لأي عضو يختلف معه، بألا يخرج من بيته حتى لا يتعرض للضرب، وكان نجيب الشويخي من عائلة الشويخ المعروفة في العباسية، وكان من بين أفراد هذه العائلة شخص ثري ولكنه مات فقيرا أما نجيب فهو أساسا من الفرع الفقير في العائلة ولم يُكمل تعليمه ومع ذلك كان بإمكانه الحصول على أي عمل في أفضل الأماكن لأن لديه الاستعداد التام لفعل أي شيء دون وازعٍ من ضمير، فمثلا إذا طلب منه رئيسه في العمل أن يجلب له نساء عاهرات فلن يتورَّع عن القيام بهذه المهمة غير النظيفة، وأعتقد أنني قدمتُ مثل هذا الشخصية في روايتي «المرايا» ورغم طابع الشر الغالب على شخصية نجيب الشويخي فإنه كان لا يخلو من طرافة وربما كان هذا هو السبب الرئيسي الذي جعلنا نُبقي عليه ضمن الشلة بعد أن فشلنا مرارا في طرده منها».

أصل عائلة الأرملاوي

رواية «قشتمر» رصدت تحوُّلات العباسية، من خلال خمسة أصدقاء يجمعهم مقهى الأفندية «قشتمر». الرواي على ما يبدو هو نجيب محفوظ نفسه، أما الباقون فاثنان من الناحية الغربية الفقيرة، الأول صادق صفوان وهو شاب خلوق كان أبوه يذكِّره دائما بأنه لم يترك له شيئا من الدنيا، وينصحه بأن تكون الشهادة وسيلته إلى الوظيفة، والثاني إسماعيل قدري وهو شاب تتغير حياته بالكامل بعد موت أبيه، أما الاثنان الثريان فحمادة الحلواني، شاب متقلب المزاج ويهوى القراءة، وطاهر عبيد الأرملاوي الشاعر الناجح.

محفوظ اعترف لرجاء النقاش أن طاهر عبيد الأرملاوي هو صلاح جاهين. ينقل النقاش في «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» على لسان كاتب نوبل: «الطريف أن ابنه الشاعر بهاء جاهين تعرف إلى شخصية والده بسهولة، حين قرأ الرواية رغم ما حاولته من إدخال تغييرات في ملامحها».

سألت الكاتب المصري أحمد القرملاوي إن كان هناك وجه للشبه بين اسم عائلته «القرملاوي» وعائلة «الأرملاوي» في الرواية، وكانت المفاجأة أن نجيب محفوظ استعار الاسم من العائلة، واقترح عليَّ أحمد أن أتحدث مع والده عامر القرملاوي، فهو مولود عام 1944، أي أنه يبلغ من العمر الآن 79 عاما، وعاصر العباسية كما ظهرت في «قشتمر» تقريبا، ورتبنا للقاء معه في اليوم التالي.

عامر القرملاوي الموظف القديم تحدث عن عمه محمد القرملاوي، الذي استعار محفوظ اسمه وأطلقه على الشاعر في الرواية (صلاح جاهين في الواقع)، يقول: «اسمه محمد القرملاوي كان رجلا ودودا، يزور العائلة فردا فردا كل يوم جمعة، لقد كان يزورني في بيتي القديم بالعباسية رغم أنني لست من جيله. خصَّص يوم الجمعة بالكامل للزيارات، وكان مُقرَّبا من محفوظ وشلة قشتمر، يجلس معهم بانتظام في المقهى لسنوات طويلة، ومن خلاله اطلع محفوظ على شجرة العائلة». كان عامر القرملاوي يجلس على مقهى قشتمر في الحسينية بعد مدرسة «خليل أغا» على اليمين، ويصفها بأنها «عادية»، لكن «فيها روح ود كبيرة، القهوجية بها يعرفون الناس جيدا، وتربطهم بهم صلة أقرب إلى الصداقة».

قابل عامر القرملاوي نجيب محفوظ ثلاث مرات، الأولى في العجوزة حيث كان يتنزَّه على الكورنيش كعادته، سلَّم عليه وعرَّفه بنفسه، فأثنى محفوظ على عائلته وقال له: «أنت من بيت كويس، عائلة القرملاوي ناس محترمين»، والمرة الثانية كانت على كورنيش الإسكندرية ودار بينهما نفس الحوار تقريبا، أما الثالثة فكانت في بداية الثمانينيات في عزاء أحد أقارب الكاتب عبد الحميد جودة السحار في مسجد بشارع صلاح سالم. يقول عامر القرملاوي: «كانت الشيخوخة قد بدأت تظهر على ملامحه، ومع هذا إذا تحدثت معه يبادرك بالترحيب ويرفع صوته قائلا كعادته: أهلا وسهلا. كان بشوشا إلى أقصى حد، ورجلا اجتماعيا، لم ينس أصدقاءه والناس في العباسية حيث قضى أجمل أيام عمره».

لم يقابل القرملاوي الفتوات وجها لوجه. حين وُلد كان عصرهم قد ولَّى بلا رجعة، لكن الألسنة كانت تتناقل سيرهم، وهناك من يؤكد أن بينهم أشخاصا عادلين للغاية، يلجأ إليهم الناس لحل مشاكلهم بدلا من الذهاب إلى البوليس. ويؤكد القرملاوي ما ذكره محفوظ عن أن العباسية كان فيها نظام اجتماعي محافظ، فأي فتاة كانت تسير آمنة على نفسها من المضايقات، وإذا حدث وأن تعرض لها شخص فإنها تستجير بأبناء المنطقة فيلبون نداءها على الفور ويلقنون المعتدي درسا لا ينساه. كان القرملاوي صغيرا وحين تفتَّح وعيه قامت ثورة يوليو 1952 فراح يبكي على الملك. كان الناس إذا دخلوا السينما وعُزف السلام الوطني وظهرت صورة الملك على الشاشة ينهضون ويضربون له تعظيم سلام، لكن بعد الثورة أحبوا جمال عبد الناصر رويدا رويدا، وكانت صورته حين يظهر على الشاشة الكبيرة تُقابَل أيضا بالتصفيق الحماسي. يرى القرملاوي أن محفوظ استطاع أن يعبِّر عن المكان بشكل صادق: «لقد وصل إلى الجمهور لأنه استطاع أن يلمس روح الإنسان والمكان، سواء في الجمالية أو العباسية».

قشلاقات الإنجليز

بعد احتلال الإنجليز لمصر، دخلوا العباسية بأعداد غفيرة كالنمل. حولوها إلى ثكنة عسكرية. انتشرت قشلاقات الإنجليز، وكانوا يظهرون بكثافة حول معسكراتهم، كما استخدموا بعض المناطق في تخزين مخلَّفاتهم، وفي وقت لاحق يبيعونها لتجار الخردة، وكانت ألمانيا تهجم على تلك الثكنات وفيها جنود بعض الحلفاء، وعاشت العباسية وما حولها: السكاكيني والضاهر والحسينية، وباب الشعرية، كابوسا ممتدا، إذ كانت القنابل الفسفورية تدوِّي، وتضيء شوارع القاهرة وتُحوِّلها إلى جحيم. عرف المصريون الملاجئ في كثير من المناطق، فبمجرد إطلاق صافرة الإنذار يخرج الناس من شققهم مهرولين إليها ليختبئوا فيها، ينصتون إلى أزيز الطائرات، ثم أصوات الانفجارات، وقد برع محفوظ في تصوير ليالي الرعب التي عاشتها أسرة البطل أحمد عاكف في رواية «خان الخليلي».

كانت منطقة خان الخليلي مرفأ أمان هاجرت إليه أسرة أحمد عاكف هربا من طائرات الألمان التي لا تكف عن زيارة السكاكيني وسائر العباسية، وكانت القنابل تخطئ الحلفاء وتصيب المصريين. حين وصل أحمد عاكف إلى هناك لم يرتبط بالمكان الجديد إلا حين رأى الفتاة الجميلة «نوال» تطل من بلكونة بيتها. تلاقت نظراتهما. ثم صارت هذه النظرات هي أكبر أمنياته في أي يوم تطلع شمسه عليه، كما أصبح – يا للغرابة – يتمنى أن تسقط قنابل ألمانيا فوق خان الخليلي شخصيا ليقابل نوال في الملجأ أسفل العمارة، فيرى عينيها عن قرب، ويتملَّى جمالها حتى وإن كان يتملَّاه في جوٍ من الخوف الخانق.

لكنَّ القصة الرومانسية في خان الخليلي سرعان ما انقلبت إلى مأساة بوصول رشدي عاكف شقيقه، إذ نُقل إلى القاهرة بعد أن كان يعمل في محافظة بعيدة. يقع رشدي في هوى حبيبة أخيه، وتجد هي فيه كلَّ ما تتمناه، فقد عابت على حبيبها الأول «أحمد» تقدمه في السن وكذلك خجله وعدم إقدامه على مبادلتها الحب العنيف والهوى الجامح، ثم تشهد القاهرة لقاءات العاشقيْن الجديديْن كلَّ صباح. يصطحب رشدي نوال الموظفة بوزارة المعارف إلى عملها في العباسية، في مشوارٍ طويل للغاية يقابلان فيه مدينة القبور الكئيبة، لكنَّ العاشق لا ينتبه إلى الموت الرابض على مقربة منهما، وهو أيضا لا يشعر بالقيظ ولا البرد الشديد، حتى أصيب فجأة بالسل وتدهورت صحته. تستمر الرواية في وصف معاناته، والصراع في نفس أخيه الذي قرر الصفح عنه، فهو غافل عن قصة حبه لنوال، لا يعرف بها أصلا، فما ذنبه؟ كما أنه ربَّاه صغيرا، وصرف عليه حتى أتمَّ تعليمه، وتنتهي الرواية على مصيبة. يعود رشدي من مصحة حلوان بعد أن يمضي فيها أياما من عذاب الوحدة وألم المرض وقهر البُعد الإجباري عن حبيبته بفرمان أسرتها، ثم يموت. هربت الأسرة من قنابل الألمان في العباسية إلى الموت بالسلِّ في خان الخليلي.

واقعة مثيرة

يربط الكاتب المصري شعبان يوسف بين شخصيتي أحمد عاكف ونجيب محفوظ، فقد هرب مثل بطله من القنابل. ويلفت نظرنا إلى قصة مثيرة رواها الدكتور أدهم رجب (صديق طفولة محفوظ وأستاذ ورئيس قسم الطفيليات بكلية طب قصر العيني) في عدد مجلة الهلال فبراير 1970: «نجيب محفوظ خواف كبير، على الأقل في الغارات، أذكر أنه هرب من العباسية إلى الأزهر في أوائل الحرب العالمية الماضية خوفا من الغارات، حيث كانت أسنانه تصطك من الفزع حقيقة لا مجازا، وكان أحيانا يقضي الليل منذ الغروب في المخبأ، وهو الذي قال القول المأثور: (صرخ وقال يا نينة.. المدافع في الجنينة)، وقصتها أنه أوى إلى ملجأ في أحد الحدائق، فإذا بالقنابل تدوِّي حول المنطقة إلى حد أنه خاف أن ينهار المخبأ، فهرب منه في عنفوان اشتداد الغارة، وصاحت به والدته تحاول إقناعه بالعودة، فإذا به يقول لها صارخا: (يا نينة.. المدافع في الجنينة)، وصارت مثلا. منذ تلك الواقعة غادر نجيب محفوظ حي العباسية، وذهب إلى حي الأزهر، باعتبار أن طائرات هتلر لن تجسر على الاقتراب منه».

ويضيف الدكتور أدهم رجب: «لا يترك نجيب محفوظ تلك الحكاية دون تعقيب أو تعليق، ويعمل على تدقيقها قائلا بأنه فعلا هو الذي قال لوالدته في خوف تلك الجملة الشهيرة «المدافع في الجنينة» فقط، ولكن جاء صديق له وهو المرحوم فؤاد نويرة ينسج منها بيتا من الشعر، فأصبحت الجملة «صرخ وقال يا نينة.. المدافع في الجنينة»، بل تعمَّق أكثر وراح يعمل على تلحينها، حتى أن محفوظ قال: صار أصدقائي يغيظونني ويعايرونني بها مدة طويلة، وقد تساءل محفوظ: هل حدثَ وخفتُ حقيقة من الغارات؟ الجواب الصادق: نعم حدث».

الجلباب والبيجاما

في «صباح الورد» ويمكنك أن تعتبرها مجموعة قصص أو رواية، يسرد الراوي -وهو محفوظ غالبا- قصصا عن نفسه وأسرته وأبطال جاءوا مثله إلى العباسية وآخرين استمروا في الحي العتيق.

إن كنت ستتعامل مع الراوي على أنه نجيب محفوظ فيمكنك أن ترى النقلة النوعية التي حدثت له. يقول: «سرعان ما استبدلتُ بالجلباب البيجاما، والكرة بالسيجة والجري وراء عربة الرش، كما كُتب عليَّ أن أرى السيقان والأعناق لتتفتَّح على إيقاعاتها مراهقتي. كنا أول مَن هاجر مِن الطبقة الوسطى الصغيرة، في إثر أعيان الحارة الذين سبقوا إلى العباسية الشرقية فشيَّدوا القلاع وغَرسوا الحدائق».

أبوه وأمه لم يستطيعا نسيان الحي العتيق، الأب كان يغيب، وحين يعود يُخبِرُهم بأنه كان في زيارة إلى هناك، قابل أصدقاءه وجلس في مقهاه المفضل، أما أمه فلم تنقطع عن زيارة الحسين وجيرانها القدامى، والسؤال كيف كان شعور محفوظ نفسه تجاه الحي العتيق؟ يقول: «انقسمتُ إلى اثنَين، تكيَّفتُ مع الجديد وأصدقائه ومجالسه وعصريته، وكلما سَنحَت فرصة للرحلة للحي العتيق انتهزتُها حتى جرفتُ معي الأصدقاء الجدد فاكتشفوا على يدي عالما غريبا، عشقوه، وأقبلوا عليه كالسائحين».

في فصل بعنوان «أم أحمد». يحكي محفوظ عن امرأة ربطت بين أسرته وعالمها القديم. اضطرت تلك المرأة مع تمدد الدنيا بين الجمالية والعباسية إلى توسيع قاعدة عملها. واصلت ممارسة كل وظائفها القديمة في الحي الجديد: ساحرة، وخاطبة وماشطة وأخصائية تجميل وسعادة زوجية، كما شقَّت طريقها إلى سرايات الحي وبيوت الطبقة الوسطى، وقامت بمهام الصحافة والإذاعة والمخابرات، وتحسَّنتْ أحوالها، ثم تَوَّجَت كفاحها بتشييد بيت لها من طابقَين بالقرب من قسم الجمالية.

كانت لديها أخبار جديدة دائما، ونقلت لأسرة محفوظ ذات يوم أن آل العمري قرروا الانتقال إلى العباسية. أزعج الخبر الأم، فهجرة هؤلاء الأغنياء معناها هجرة الخير عن الحارة، ولا عجب في شعور الأم بالحزن رغم أنها تركت الحارة، فهي مشدودة بجذرٍ قوي إليها. وُلدت وأحبَّت وتزوجت وأنجبت وعاشت وحلمت هناك، ثم جاءت نبوءة أم أحمد وهي تواسيها. قالت لها إنه لن يمر عام أو اثنان إلا ويكون جميع الأعيان قد هجروا الحارة إلى العباسية.

يقول محفوظ: «تحقَّق مع الزمن ما خطر لأم أحمد، فانتقل الأعيان إلى العباسية الشرقية وشيَّدوا قلاعهم العملاقة، كما انتقلَت الطبقة الوسطى «المستورون» إلى العباسية الغربية، فسكن البعض بيوتا صغيرة واشترى البعض ما يناسبه. ولم تتواصل الرابطة القديمة بين الطرفَين فسرعانَ ما تعرَّضتْ للوهَن والتمزُّق. لأمر ما شُغل كل فريق ببيئته الجديدة، وكأن شارع العباسية الذي يفصل بين الجانبَين أصبح سدّا لا يُعبَر إلا في الملمَّات وقد لا يُعبَر أبدا. عدنا غُرباءَ أو كالغُرباء، بل صرنا مع الزمن أعداء أو شبه أعداء، وحمل إلينا الزمن أفكارا جديدة تُكرِّس العداوة والانفصام، وحتى الانتماء للحزب الواحد لم ينجح في محو تلك الغربة الزاحفة».

كمال عبد الجواد في العباسية

في الثلاثية تبدو العباسية كالجنة الموعودة بالنسبة لكمال، وسرعان ما تنقلب إلى جحيم. كان يذهب إلى قصر آل شداد ليحظى برؤية محبوبته عايدة. يرى شارع العباسية منبسطا أمامه كأنه يفتح له ذراعيه مرحبا «كان يُضمر للعباسية إعجابا كبيرا، ويكنُّ لها حبّا وإجلالا يبلغان حد التقديس، أما الإعجاب فمرده إلى نظافتها وهندستها والهدوء المريح المخيِّم على ربوعها، وكل أولئك سمات لا يعرفها حيه العتيق الزياط. وأما الحب والإجلال فمرجعهما إلى أنها وطن قلبه، ومنزل وحي حبه، ومثوى قصر معبودته».

لكن عايدة تكسر قلبه. صار عليه أن يصدق أنها منحت روحها لرجل آخر. وفي أكثر مشاهد «قصر الشوق» قسوة، يذهب إلى قصر آل شداد، مجتازا صحراء العباسية، مسترقا النظر إلى نافذة غرفة نوم العروسين، التي كانت في يوم من الأيام غرفة نوم عايدة وشقيقتها بدور. قلبه يتمزق ومع هذا أراد أن يظفر برؤيتها حتى وهي تتبادل قبلة مع عريسها، أو نظرة هيام، أو لمسة، أو إيماءة، أو جملة، كان يرمي نفسه في الأتون، ويصب الزيت المغلي على نفسه. مرارته تكفي سكان المدينة وتفيض.

وبعد سنوات من انقطاعه التاريخي عن زيارة العباسية استقل كمال الترام. شاهد العباسية وما اعتراها من تغير، إذ اختفت قصورها وحدائقها، وشُيَّدت مكانها العمارات الضخمة المكتظة بالسكان والحوانيت والمقاهي ودور السينما، وقابل بصدفة عجيبة أختها بدور، وقد تجاوزت العشرين من عمرها. تعلَّقَ بوجهها إذ كانت شبيهة بأختها، وبدا كأن الحياة تجود عليه بنسخة من حبيبته، لكنَّ المأساة تتكرر من جديد، وكأن الدنيا ضنَّت عليه بالسعادة. شاهد بدور تسير بصحبة شاب في الشارع، وتَذكَّرَ نفسه وهو يطالع نافذة عايدة وحبيبها من مكمنه في قصر العباسية منذ سنوات بعيدة.

محفوظ وإحسان عبد القدوس

لكن لماذا لم يكتب نجيب محفوظ عملا بعنوان «العباسية؟». يقول شعبان يوسف: «رغم أن منطقة العباسية شهدت طفولة نجيب محفوظ الأولى، وفيها تعرّف على أصدقاء صاروا مشاركين له في مسيرة الحياة طوال العمر، إلا أنه لم يفرد لها نصا روائيا مستقلا يحمل اسمها، على غرار أشهر رواياته «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية» و«خان الخليلي» التي تحمل أسماء أماكن عاش فيها فترات طويلة من حياته، وآثر أن تكون ظلا للجمالية»، وأضاف: «إذا كان محفوظ قد ارتبط بالعباسية من زاوية الحرب والدمار، إلا أنه قضى فيها طفولته وأجمل أيام عمره، مع أنها كادت أن تكون صحراء آنذاك. فتعلّم فيها لعب كرة القدم، رفاق عمره في العباسية يقولون إنه كان أمهر اللاعبين، ولم يشاهدوا على مدى أعمارهم الطويلة من هو أسرع منه، ولو استمر، لتفوَّق على لاعبين كبار مثل حسين حجازي وغيره».

يروي شعبان قصة طريفة تتعلق بمحفوظ وصديقه إحسان عبد القدوس والعباسية.

ذهبتْ محررة في «روز اليوسف» لإحسان عبد القدوس وقالت له: «نجيب محفوظ تحدَّث في ندوته الأسبوعية عنك، وذكر بالحرف أنه يعرف معظم أبطال رواياتك، وأنه قابلهم معك في الضاهر والعباسية، وتحدَّى أنه يستطيع أن يذكرهم واحدا واحدا». غضب إحسان فقد تخيَّل أن محفوظ يريد توريطه بشكل ما، وأراد أن يرد له الصاع صاعين فكتب في «روز اليوسف»: «أنا أعرف بطل رواية السراب، وقابلته في العباسية»، لكن نجيب محفوظ كتب رسالة إلى إحسان بعنوان «رسالة توضيح واعتذار ورجاء»، مؤكدا أن الكلام الذي وصله محرَّف، فلم يقله على سبيل المعايرة، وإنما جاء في سياق محدد، وهو أن كل كاتبٍ يجب أن يستقي أبطاله من حياته وواقعه، وأنه لم يقصد إطلاقا الكشف عن شخصيات إحسان، ثم كانت المفاجأة فيما ختم به محفوظ الرسالة: «أنا لا أعرف بطل روايتي «السراب»، فهو ليس شخصا معينا، ولكنه مركَّب من عدة شخصيات. أرجوك يا إحسان إن كنت تعرف ذلك الشخص دلني عليه».

ماذا بقي من عباسية نجيب محفوظ؟ يجيب شعبان يوسف: «العباسية القديمة التي عرفتْ عربات السوارس والحناطير والمساحات الواسعة الصالحة للعب تغيَّرتْ. ازدحمتْ بالمصالح الحكومية، ومواقف سيارات النقل العام والميكروباص، لدرجة لا يعرف معها المترجلون كيف ومتي يسيرون فيها، إنها مزدحمة ليلا ونهارا، وبالتأكيد تصيب مَن عرفوا العباسية القديمة، عباسية نجيب محفوظ، بالكثير من التعاسة والبؤس».

كلمات الروائي يوسف القعيد تصلح خاتمة لهذا التحقيق: «العباسية في أعمال نجيب محفوظ ظُلمت، أظن لأننا عرفناه وهو في الجمالية لا في العباسية، والمكان في ثلاثيته الخالدة «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكريَّة» كان الحي العتيق. اصطحبَنَا محفوظ مرات معدودة أنا وجمال الغيطاني إلى مقهى بشارع أحمد سعيد وبدا كأنه يبحث عن عباسيته القديمة، لكن للأسف تغيرت العباسية إلى الأبد، وراح محفوظ نفسه، ولم يستطع في حياته أن يعدل الكفة أبدا بين مكانيه الأثيرين، فقد فازت الجمالية بالاهتمام الأكبر وانزوت العباسية إلى ركن النسيان».
 

مقالات من نفس القسم