“صلاح بو سريف يطل على حديقة الشعر في “شرفة يتيمة

صلاح بو سريف يطل على حديقة الشعر في "شرفة يتيمة"
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

"هكذا الشعر.. ثقل فراشة، لا أثر يضاهي انفراطه"، هكذا يبدو الشعر في ديوان الشاعر المغربي الكبير صلاح بو سريف الجديد "شرفة يتيمة"، والذي صدر أخيراً عن دار فضاءات الأردنية، ويضم بين دفتيه كتابين شعريين، الأول "خبز العائلة"، والثاني: "حجر الفلاسفة".

“هكذا الشعر.. ثقل فراشة، لا أثر يضاهي انفراطه”، هكذا يبدو الشعر في ديوان الشاعر المغربي الكبير صلاح بو سريف الجديد “شرفة يتيمة”، والذي صدر أخيراً عن دار فضاءات الأردنية، ويضم بين دفتيه كتابين شعريين، الأول “خبز العائلة”، والثاني: “حجر الفلاسفة”.

القراءة الأولى للديوان تؤكد أننا أمام شاعر يعيش الشعر، يعيش بالشعر إن أردت الدقة ـ يمكن لمن عرفوه عن قرب أن يتأكدوا من ذلك ـ فنحن هنا أمام تفاصيل حياة شعرية، تكوين وولادة، وحياة، وأسئلة وجودية لا تنتهي، نستطيع أن نتلمس فيها الشاعر في كل سطوره، في تأملاته، وإحباطاته، وهزائمه، وانتصاراته الصغيرة.

“أهكذا كان دمي منذ أول الخلق فاتراً

أم وجودي حتى الآن

ليس سوى خدعة”.

كما أن القراءة الأولى للديوان تؤكد أننا إزاء مشروع شعري كبير، وأننا نقرأ إحدى صفحاته فقط، وأن هذا المشروع ممتد منذ زمن، كما أن هذا الديوان أيضاً ليس إلا مشروعاً ضمن مشروع أكبر، يشير في آخر صفحاته إلى اكتماله في كتاب ثالث “لايقين في الغابة”.

لا تبدو القصيدة سهلة لدى بوسريف، فهي تشبه قمة الجبل العالية، التي قد تراها دانية، لكن تبدو صعبة الوصول إليها، وهكذا هو الشعر في هذا الكتاب، سهل ممتنع، لا تسلمك القصيدة نفسها من المرة الأولى، فتعيد قراءتها مرة تلو مرة، لكي تدني علك من قطوفها في كل مرة، ولكي تقدم لك في كل مرة جديدة، كنزاً من الشاعرية لم يختبر أو يكتشف من قبل.

“من زج بي

في هذا الماء

وأنا ما زلت لم أناهز بعد

أول القطر”

تتجاوز القصيدة في ديوان “شرفة يتيمة” أطروحات الحداثة الشعرية، لتخلق حداثتها الخاصة بها، مستفيدة من تراث فلسفي يبدو الشاعر على وعي شديد به، وإن كان يطرح أسئلته الفلسفية الخاصة، وهو ما يطغي على أجواء الديوان، الذي يمتح من الميثيولوجيا الدينية والتراث الشعري العربي، بل ربما يحاكمه في بعض القصائد، في متنها أو هوامشها اللافتة، أو بتشكيلها الجمالي في تقسيم الديوان باستخدام الأرقام أو الحروف.

ومن أجواء الديوان:

كان والدي ورقاً خفيفاً

لم تجرؤ الريح على حمل دمه

حين مات

حملت عنه كل أعبائه

الهواء الذي من شهواته خرجت أنفاسي

كان في أول أمره بردا

ثم

اشتعل

دمك

أيها الجسد البليل

كان

كلما جلوته

أيقظ في دبيب جمر

موجه بددني

روت لي أمهاتي، أنك كنت تعشق الخلاء

وتطفو بنايك

في أقصى جهات عزلتك

تحنو على العشب، وتربي الظل على

حمل اشتعالك

حين سهوت في بعض خلواتك، أو طال

سهول، بما يوحي بموتك، جاء الفراش،

لينضو عنك لحاء البرد.. ويهمس

بحفيف صبواته

أنك ما تزال على قيد باع

من شرفاتك

وأن الموت كان إشارة وجود فقط

كانت نوافذك

مشرعة على شجر كثيف

والضوء كان يغريك

بوضع أنفاسك في وضح انهمارها

مقالات من نفس القسم