شيرين هنائي.. سمات خاصة في أدب الرعب

شيرين هنائي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

رايفين فرجاني

في الأدب الخيالي (الفانتازي) العربي هناك عدة مشاريع روائية أضع آمالا كبيرة عليها، مشاريع أديب عظيم، وليس مجرد كاتب ناجح، لأنهم تخطوا محطة النجاح بالفعل. في مصر شيرين هنائي (وقد يختلف معي البعض ويقولون أحمد مراد ولكن لا .. ربما يأتي بعدها)، ومن بلاد الشام وائل رداد، ومن بلاد الخليج قد يكون سند راشد دخيل، ومن العراق أحمد سعداوي (الذي يمكن اعتباره عظيما بالفعل أو بأقل تقدير وضع قدمه على أول درجات المجد والخلود الأدبي من خلال تحفته فرانكنشتاين في بغداد ولكن يلاحظ أنها أخذت حفاوة كبيرة في ظل تناسي لبعض الأعمال المهمة التي طرحتها هنائي).

مثل رداد وسعداوي، استطاعت شيرين هنائي أن تضع بصمتها في الأدب العربي بسمات بارزة تميز أدبها.

الفلسفية في تناولها للموضوعات المطروحة في أعمالها؛ أمراض نفسية مثل النيكروفيليا، وعلل إجتماعية مثل نظرية المؤامرة والتلاعب بالعقول والماسونية، وقضايا سياسية مثل الإسلام السياسي واستبداد الحكام والعبودية، ومشكلات ميتافيزيقية مثل طبيعة الوقت والوجود. وقد صرحت ذات مرة بأنها تكتب أو تحاول أن تكتب الرعب الفلسفي.

السمة الثانية في أدبها هي التجريب. المزج بين التصوير والتقرير، ضمير الغائب وضمير المتكلم، الراوي المعايش للأحداث، والراوي العليم بها، في صندوق الدمى. استخدام بعض التقنيات النفسية في نيكروفيليا. والسريالية في أسفار النهايات ومحاولة كتابة رواية بلا شخصيات ولا أماكن وربما بدون أحداث. والتردد بين ألسنة الإنسان والحيوان في ذئاب يلوستون. والرواية التقليدية في طغراء. والقصة المصورة في حكايات الظلام المحظورة. والتجربة الإذاعية في السلسلة الروائية لاشين التي تستلهم عوالم العرّاب.

السمة الثالثة وعودة إلى الفلسفية هي تناولها الموت. كل الأدباء العظام تقريبا ركزوا على الموت في كتاباتهم وكذا فعلت شيرين. مثل عشق الموت كموضوع أساسي في نيكروفيليا، والموت يوما آخر. وقد استنطقت الأشهر لذا ربما تجري حوارا مع الموت في إحدى رواياتها القادمة. هو ما نتناوله في مقال آخر بعنوان (الموت في أدب هنائي) وهو يختلف عن مقالنا الآخر (أدب هنائي).

تأثرت بالعرّاب والملك (أحمد خالد وستيفن كينغ)، وتقلدت عددا من الألقاب؛الماركيزة وتلميذة العرّاب وملكة الذئاب. (الاحترام واجب) وكما ذكرنا في مقال سابق هي الإستثناء الثاني في القائمة (وربما الوحيد بإعتبار وجود أحمد خالد أمر مسلم به فهو مبتدئ ذلك النوع ومنشيئ الجيل الأول وكذا الثاني) التي لا تنتمي إلى سنوات العقد الأول من الألفية الثالثة، حيث صدر أول عمل لها في 2011. لذا لا يمكن أن تتراجع عن كتاب الصف الأول مقاما أو تاريخا. أي أنا أحسبها ضمن كتاب الرعب في العقد الأول من 2001 إلى 2010 حتى لو صدرت أول أعمالها في 2011. وفي تأثرها السمة الرابعة حيث إسلوب سهل ينتمي إلى السهل الممتنع تارة، وإلى المتبذل تارة أخرى، وفيه من العمق ما فيه. وربما لما ينضج إسلوبها أكثر ندرج مقالا بعنوان (السرد الروائي في أدب شيرين هنائي).

السمة الخامسة هي كونها أخرجت أعمالا أصلية في حبكتها وفكرتها، وهو ما لا يفعله أي من كتاب جيلها، فجميعهم سارقون في أسوأ الأحوال ومبتذلون في أحسنها، إلا من رحم ربي. وحتى أحمد خالد توفيق سقط في هذا الفخ من قبل. تجدها في نيكروفيليا تبحث عن مرض جنسي ما لم يكتب عنه بعد القدامى الغربيين الذين لم يتركوا شيئا في المتاهات المظلمة للجنس. صنعت أبعادا مجسدة من فكرة نظرية المؤامرة، وجسدت ذواتنا في صورة دمى بصندوق الدمى. وغير ذلك من الأفكار الجيدة.

السمة السادسة هي تبنيها لقضايا دوما في أدبها

الرهاب الجنسي في نيكروفيليا

القمع السياسي في صندوق الدمى

الإستغلال الديني في طُغراء

السمة السابعة إن كان يمكن أن تكون كذلك، هي ابتعادها عن فخ الأنثوية المبتذل والنسوية الرخيصة. لا اعتراض هنا على مفهوم (النسوية) وهي مدرسة أقدرها كثيرا واحترم روادها. ولكن ذلك لا يعني أن نغفر لكل من يتمحك بها، ويختزلون النسوية في رومانسية تافهة، خاصة إذا كانت مجرد (إمرأة) وكثير من النساء هم ألد أعداء للنسوية. هؤلاء القوم شيرين هنائي ليست منهم.

السمة الثامنة هي حصولها على وظيفة (محقق خوارقي) بإعتراف أكاديمي من مركز جوزيف بانكس راين Joseph Banks Rhine، وهو إعتراف احترمه طالما مقترن بإسمها، وليس مثل د. محمود صلاح (وآخرين) الذي يزعم حصوله على شهادة (من بلاد بره) في الميتافيزيقا، وأنا أبدا لم أسمع عن شيء كهذا خارج الحقل الفلسفي. عموما هذا سوف يعمق من تجربة هنائي النفسية في أدب الرعب، بالإضافة إلى دراستها في الإنثروبوجيا الثقافية.

باختصار هي كاتبة جيدة (ربما أفضل كاتبة رعب / فانتازيا في العالم العربي) تملك مشروعا أدبيا قد يكون منتهاه أن تجلس بين الخالدين. وهي أول كاتبة عربية أقرأ لها في هذا المجال وأبدأ في الميل لإعتبار أعمالها تحفا.

وفي الأخير هناك مجموعة من العلاقات أريد أن استوضحها.

شيرين هنائي وأحمد خالد توفيق. هو أب لها قبل أن يكون عرابا للآخرين. وهي من القلة بين تلامذته الكبار التي خرجت من رحم الرواق وليس المؤسسة.

شيرين هنائي وتامر إبراهيم، هما تلميذا العرّاب المميزَين، فالأخير يتميز ببراعته في أدب الرعب القوطي ببدايات تليق بأي كاتب غربي له ثقله، أو أقله تقرب منه. أما شيرين هنائي فتتميز بالجانب الفلسفي العميق الموجود في كل رواياتها (القوطية أيضا) مما يكسبها نكهة ثقيلة الوطء على المتلقي. وهي أكثر إخلاصا لأحمد خالد وللأدب من تامر إبراهيم الذي يبدوا أنه تفرغ للسينما. فهي مثل أحمد مراد لم تلهيهم إغراءات السينما عن الأدب.

شيرين هنائي وبسمة الخولي، مبدعتان جميلتان يجعلاني أعد مقالا عن أفضل أديبات الرعب والفانتازيا في العالم العربي. واقترانهما معا هنا بسبب رؤيتهما معا في ندوة ثقافية مصورة في قناة كوكب الكتب على شبكة اليوتيوب. كأنهما ممثلتان عن السيدات (ولا أقول التيار النسائي) من عالم الكتابة الخيالية العربية.

شيرين هنائي وحنان الكرارجي لهما تعاون غير مكتمل للأسف في سلسلة حكايات الظلام المحظورة، وهي قصص مصورة. وتعاون آخر في خارج السيطرة مع ميشيل حنا ورانيا أمين. كما أن لهما تعاون مع أحمد خالد توفيق، الكرارجي في حياته عبر تأثير الجرادة، ورواية مصورة. وهنائي بعد مماته عبر سلسلة لاشين وبعد منتصف الليل.

شيرين هنائي ودار الرواق، هناك تخمين عندي أنه كان بينهما (الكاتب والناشر) عقد احتكار موفق انتهت مدته مع الاحتفاظ بعلاقة مهنية محترمة بينهما. وأبرز دليل على ذلك هو التعاقدات مع دور النشر الأخرى، والتي لم تظهر إلا بعد مدة محددة من تعاونها الأول مع دار الرواق. كما أنها رفضت أي تعاون معي ومع كتاب آخرين خارج مظلة الرواق في تلك الفترة.

شيرين هنائي وشيرين هنائي؛مبدعة طبعا، وقلما انساق لأهوائي وأقول ذلك عن كاتب فأنا أميل للقدح عن المدح (تلك ملذتي الكبرى).

شيرين هنائي ورايفين فرجاني، علاقة تلقي بين (كاتب وناقد) أكثر من كونها علاقة تنافس بين (كاتب وكاتب) آخر. وهي ارتبطت في ذهني بكونها صاحبة نيكروفيليا – صندوق الدمى وطغراء. ولدي الكثير من المقالات النقدية حول أدب هنائي، لا يعدوا هذا سوى مقدمة تعريفية بها. نشير إلى أن شيرين هنائي ليست صديقة لي، وإن كنت دوما أرغب في ذلك. دوما تتحدث إلى بتحفظ شديد ولكن محترم ليس فيه ما رأيت من واقاحة في الرد أو تجاهل من آخرين (كتاب أو كاتبات) أقل شهرة بكثير منها. ولسحر الشهرة فعالها كما تعلمون.

 

ولدت شيرين أحمد هنائي عام 1982 في الإمارات لأب وأم مصريان، وتعيش حاليا في الجيزة. كاتبة روائية وسينمائية خريجة كلية الفنون الجميلة قسم الجرافيك والرسوم المتحركة. وهي أيضا مترجمة ومخرجة رسوم متحركة. ومدربة ورشة كتابة إبداعية.

 

أعمالها

الروايات

-نيكروفيليا 2011

-صندوق الدمى 2011

-طغراء 2014

-ذئاب يلوستون

-أسفار النهايات

-ملاعيب الظل

-لاشين: سلسلة روايات تبدأ بـ عهد الدجالين

-صدأ

 

-سيكاستينيا / مجموعة قصصية

 

الكوميكس

-حكايات الظلام المحظورة: الموت يوما آخر – عجين القمر 2011

-خارج السيطرة 2011

 

الترجمات

-أشباح هيل هاوس

-طفل روزماري

-لطالما عشنا في حصن

-ترنيمة عيد الميلاد / تشارلز ديكنز

-لا شيء سوى الظلام

-أشباح عزبة بلاي

-قضية ضد الشيطان / راي راسل

-ليلة الكينج

-عالم الشياطين

-عشرة أيام في مصحة عقلية

-سيرسي

 

السيناريو

مسلسلات

-فرح

-سنوحي (أخرجت عددا من حلقات المسلسل)

-هكذا كان النبي 2021

-روق يا مرزوق (وكانت المخرجة)

-حارة أم دنيا (وكانت المخرجة)

-أصيل ورسيل (برنامج تعليمي)

-فيزيكو

-أم لوجي

-بعد منتصف الليل (مسلسل إذاعي)

-جرائم نفسية (برنامج وثائقي)

مقالات من نفس القسم