رضا كريم
يتهادى الموج
يشاطر زرقة السماء
يلعب كبهلوان بخيط الماء الجذاب أمام المدى
صوته العتيق المبحوح يرصف في القوقعة الراسية على الرمل خطه الفاصل جداراً سميكاً للعزلة، حكايات عن خرائط الدلافين، مرابع الجنيات الأخاذة تغازل المارة بينما هي جالسة تنفخ بأبواق الخوف في سهرات العائلة
هو البحر
يزيحنا ببلاغته الماكرة
بريق لؤلؤة بعين بحار غريق
عناد بحارة على سجادة من تقلبات الطقس
يناطحون بوصلة الريح
أحلام سباحين مهرة تتبعثر بين القواقع
بينما يفرش البحر رمله لكل خطوة وسرعان ما يغسل أثرها برغوة عجلة
كأنه يختبر عمقها على الأرض أو كأنه ملَ من تكرار السحنات
كأنه يفر من نحول صياد تراوغه حرارة الشمس
كأنه مرهق بأضواء النيون الصاخب
بألوانها العابرة من شرفات فنادق السياحة
تلطخ دعة الموج من مقاهي الورد الصناعي
في هدوء الليل،
لم تكنز المساطب حواراً شجي
ينام كأخدود يتوسد حضن الموجة في حجر البحر
البحر يضحك لمرح الهاربين في أرجائه
من الصيف بسلال الوقت الضائع
حفاة، مراهقون لتشيد صرح الذكريات
مسنون لتفتيت روح الندم
حوريات بر يقسمن نشوة الماء بين ثنايا الجسد
وانشغالات نسيج الحجاب
سائحون في عجالة لادخار بعض شمس
بعض صور من صخب نادر
وبعض سوء فهم، وحشيش في ليالي مقمرة
الكل يتوسل عالماً من ماء متوارياً خلف زرقته
يشد من أجنحة النوارس
يتعمد بمغيب قرص الشمس
أو بجسر يشيده قوس قزح
يترك للرغوة غسل الرمل
لا يبالي بأي ظل
أثر الدائخين بصورة الوطن
عزلة العشاق ، عسل الأجساد
قوارب رحلت خلف ظهيرة السردين
ترفرف بمخاوفها
البحر يمحو
يشيد مجد سمك ميت على الرمل يعطر فضاء الإسمنت
النسيان يغسل ما بين الموجة والموجة، مَنْ ترك حزنه فوق الماء، مَنْ ترك
ظلال بيت ، وجه أم على كوة الانتظار، مَنْ يَدسُ آمال أيامه القادمات
كما تُدسُ رسالة في البحر لقارئ مجهول