قالت لي أمي: إنني ربما أكون مريضة بالتهاب الحلق ويجب أن أزور الطبيب، ثم أعدت لي مشروبا دافئا وطلبت مني أن أرتاح في السرير حتى يأتي بابا من العمل ويأخذني إلى الطبيب.
دخلت إلى سريري وكنت فعلا متعبة، وفي حاجة للراحة وعندما تمددت على سريري وجدت صديقتي السمكة الحمراء الصغيرة تبكي فسألتها:
ـ ماذا بك يا صديقتي، لماذا تبكين ؟
ازداد بكاء السمكة الصغيرة وأخبرتني أن حلقها يؤلمها وحرارتها مرتفعة ووالدتها مصممة أن تأخذها للطبيب وهي تخشى الأطباء والحقن .
ابتسمت ابتسامة صغيرة وأخبرتها:
ـ أنا أيضا مريضة وأشعر بنفس الاعراض التي تشعرين بها يا صديقتي وسأذهب للطبيب عندما يأتي والدي من العمل، لكني لست خائفة يا صديقتي ، يجب أن نذهب للطبيب ليشخص المرض ويعطينا الدواء المناسب ولا تخشي الحقن، أمي تقول “عندما نذهب للطبيب مبكرا يصبح العلاج أسهل” .
هيا لنرتاح قليلا أنا وأنت حتى موعد زيارة الطبيب .
تشجعت صديقتي السمكة الصغيرة وقامت لتذهب للطبيب ونهضت أنا أيضا عندما جاء أبي لنذهب للطبيب.
عيادة الطبيب كانت مزدحمة بالأطفال، وكان هناك الكثير من العطس والسعال في كل مكان.
بعد قليل نادت الممرضة على اسمي فدخلت إلى غرفة الكشف. لم أبك خوفا من الطبيب كما فعل الطفل السابق؛ كنت أعلم أن الطبيب سيساعدني بعلمه لمعرفة سبب الألم، ويكتب لي الدواء المناسب الذي يخفف عني الاحتقان والسعال.
بعد أن كشف علي الطبيب كتب لي دواء للسعال والاحتقان، وأخبر أبي بضرورة أن أرتاح في المنزل، وألا أذهب إلى المدرسة؛ حتى لا يزداد مرضي وحتى لا أصيب أحداً من زملائي بالعدوى وطلب مني أن أضع منديلا على فمي وأنفي دائما عند العطس أو السعال واهتم بغسيل يدي جيدا بالماء والصابون وأهتم بشرب المشروبات الدافئة .
عند عودتي للمنزل استقبلتني أمي بحضن دافئ، واطمأنت علي من أبي الذي أخبرها بكل ما قاله الطبيب.
قالت لي :
ـ ارتاحي يا صغيرتي، وأنا سأجهز لك الحساء الدافئ
ذهبت إلى سريري لأرتاح قليلاً، وأطمئن على صديقتي السمكة المريضة، وجدتها جاءت من زيارة الطبيب وطلب منها الراحة هي الأخرى.
سألتها عن زيارتها للطبيب وهل شعرت بأي خوف، فقالت لي:
ـ في البداية كنت أشعر بالخوف وكنت أرغب بالعودة للمنزل قبل أن أن يتم كشفه علي، لكنه كان لطيفا وطيبا وطمأنني وأعطاني الدواء المناسب وطلب مني الراحة في المنزل.
أخبرتها أن ذلك هو ماحدث معي أيضاً وقلت لها:
ـ “هل عرفت الآن أن خوفك لم يكن له سبب”.
في اليوم التالي لم أذهب للمدرسة لذلك أتصلت بي صديقتي فيروز لتطمئن علي وتعرف سبب غيابي اليوم، حكيت لها عن مرضي وشرحت لها أن الطبيب طلب مني الراحة لعدة أيام حتى يزول الاحتقان والسعال، وشكرتها جدا لاهتمامها ومكالمتها الرقيقة.
مر اليوم الأول لتغيبي واليوم الثاني والثالث وكل يوم تتصل بي صديقاتي للاطمئنان علي، لكني كنت حزينة، لأن صديقاتي لم يأتين لزيارتي، وذهبت لأمي وسألتها بكلمات تخرج من بين السعال:
ـ لماذا يا أمي لم تأت صديقاتي لزيارتي، في المرة الاخيرة التي تغيبت فيها صديقتي كرمة عن المدرسة ذهبنا جميعا وزرناها هل تذكرين؟
قالت لي أمي: بالطبع أذكر، لكن هل تذكرين أنت أيضا من ماذا كانت تعاني صديقتك كرمة ؟
قلت لها : نعم أذكر انها كانت تعاني من كسر في ساقها ولم تكن تستطيع الحركة .
قالت ماما :
ـ الكسور مؤلمة جدا بالطبع لكنها غير معدية، ألم يخبرك الطبيب أن تضعي منديلا على فمك وأنفك عند العطس أو السعال وطلب منك الراحة في البيت .
قلت لامي : نعم طلب كل ذلك وأنا ملتزمة بما قال .
قالت لي أمي: إذن لا يجب أن تغضبي من صديقاتك لأن زيارتهم لك قد تنقل لهم عدوى السعال أو الاحتقان ويجب أن تتفهمي موقفهم وتكوني ممتنة وسعيدة باطمئنانهم الدائم عليك في الهاتف.
عندما شرحت لي أمي أدركت فعلا أن غضبي من صديقاتي ليس له سبب، فأنا أيضا أخشى عليهن من انتقال العدوى إليهن عند زيارتهن لي، لكني بالفعل أفتقدهن وأفتقد مدرستي ومعلمتي. دعوت الله بعدها أن يتم شفائي بالخير حتى أعود من جديد لصديقاتي ومدرستي .
بعد الزيارة الثانية للطبيب واستشارته أخبرني إنني بخير ويمكنني العودة من جديد للمدرسة .