مفاجأة دمية عيد الميلاد

موقع الكتابة الثقافي default images
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

كتبتها: سارة عابدين

رسمتها: كرمة وسارة

اليوم عيد ميلادي. في متجر الدمى كنت متحيرة جداً، الدمى كثيرة وأشكالها متنوعة لا أعرف أي واحدة أختار. الفساتين ملونة والدمى كلها جميلة. طلبت من أمي أن تساعدني في الاختيار، لكنها قالت:

 

ـ "أنا لا أعرف. فقط اختاري الأقرب إلى قلبك".

لم أفهم ما الذي تقصده أمي بـ”الأقرب إلى قلبي”، أنا أريد الأجمل. ظللت لوقت أدور في المتجر لأبحث عن الدمية الأجمل، لكن أثناء جولاتي المتكررة لمحت دمية وحيدة في ركن جانبي للمتجر تغمض عينيها برقة داخل صندوقها الوردي الجميل، لون شعرها يشبه لون شعري، وتضع وردة بيضاء جميلة على جانب رأسها.

ناديت أمي وأبي لأريهما الدمية التي أعجبتني وقلت لأمي:

ـ “هذه هي الأقرب لقلبي أنا أحبها جداً”.

ابتسم أبي، وقالي لي:

ـ “فعلاً جميلة. لكنك لم تقرأي العلامة الإرشادية التي تقول، إن هذا الجزء من المتجر مخصص للألعاب التي بها أعطال أو عيوب. تعالي لنعرف ما الخطأ بها من مسئول المتجر”.

ذهبت مع أبي وأمي لمسئول المتجر، وأنا حزينة وقلقة من أن أترك الدمية التي أحببتها، وبالفعل أخبرنا المسئول أن حذاء الدمية واسع قليلاً ويسقط من قدميها الصغيريتين، والأطفال لم يحبوها لأن الحذاء الصغير يضيع أسفل المكاتب والأسرة، كما أن عينيها لا تتفتح بشكل جيد، لكنها أيضاً تصدر موسيقى جميلة لو ضغطنا على أصابعها برفق، وبالرغم من ذلك فالأطفال لم يحبوها .

جربت أن أضغط برفق على أصابعها، وبالفعل أصدرت موسيقى رقيقة تشبه موسيقى الكمان التي أحبها فتشبث قلبي بها أكثر.

طلب مني أبي أن أتركها، وأختار دمية أخرى ليس بها عيوب، لكني بالفعل أحببتها، وكنت أشعر أنني ربما أجد حلولاً لمشكلة حذاءها الذي يسقط من قدميها الصغيرتين، أما عن عينيها التي لا تتفتح بشكل جيد، أنا لا أهتم ستتفتح لتراني عندما تعرف أني أحبها، ويكفيني منها موسيقاها الجميلة.

وافق بابا على اختياري، وقالت ماما:

ـ “إنها بالفعل دمية جميلة”.  ثم بدأت في التجهيز لاستقبال ضيوفي وتوافد أصدقائي.

بعد انتهاء الحفل وذهاب أصدقائي دخلت غرفتي لأتفحص دميتي الجديدة الحبيبة، كان حذاؤها بالفعل يسقط من قدميها وعيناها مغمضتان أغلب الوقت، احتضنتها  وضغطت علي كفها ضغطة خفيفة  فبدأت في إصدار الموسيقى التي أحببتها.

نامت بجواري في هذا اليوم، وحكيت لصديقاتي السمكات  في الحوض الصغير عنها وجعلتهن يشاهدنها، وحكيت لهم عن حذائها الذي يسقط.

 

قالت لي السمكة البنفسجية:

ـ “ربما لو فكرت قليلاً، تجدين حلاً يلائم دميتك”.

وحكت لي مع السمكات الأخريات أن السمكة الصفراء، وهي الأكبر فيهن، كانت مريضة، وكان الجو بارداً في البحر، وكانت تحتاج لكوفية كبيرة، لكن لم تكن هناك كوفيات مناسبة لمقاسها فحاولن التصرف سويا.

سألتهن:

ـ “وماذا فعلتن؟”

أجابت السمكة الزرقاء:

ـ “أحضرنا كوفيات صغيرة كثيرة وخطناها إلى بعضها البعض بمساعدة ماما، فأصبحت عندنا كوفية كبيرة تكفي صديقتنا السمكة الزرقاء الكبيرة”.

أعجبت جداً بفكرتهن  وكنت طوال الوقت أفكر في حل لحذائها الذي يسقط حتى أن الأفكار والحلول كانت تطاردني في أحلامي.

وعندما سألت أبي “لماذا أحلم بما أفكر فيه قبل النوم”، أخبرني أن العقل يصبح أكثر صفاء أثناء النوم وقادر على التركيز بشكل أكبر على المشكلة التي تنشغلين بها لذلك ربما تأتي لك الحلول أثناء النوم.

مع أول ضوء للشمس تسلل إلى غرفتي من الشباك نهضت مسرعة من سريري، وبحثت في درج جواربي عن جورب أبيض بدانتيل شفاف ورقيق، كان الجورب قديماً وأصبح صغيراً على قدمي، احتضنت العروسة وألبستها الجورب الصغير لكني أصبت بخيبة أمل عندما اكتشفت أنه بالرغم من صغره على قدمي مازال كبيراً على قدم دميتي الحبيبة.

ذهبت إلى أمي، وطلبت منها أن تاخذ مقاس قدم دميتي الصغيرة وتعيد قص جوربي الصغير ليصبح مناسبة لقدمها الصغيرة جداً وتخيطه لها.

واففقت أمي، وقالت لي:

ـ “أشعر أن قلبك فعلاً، هو الذي اختار هذه الدمية وأنك تحبينها فعلاً، سأساعدك لكن اخبريني لماذا ترغبين في قص جورب صغير لدميتك؟”.

قلت لأمي:

ـ “دميتي حذاءها واسع قليلاً، ربما لو خطنا لها جورباً صغيراً وألبسناه لها، يصبح مقاس الحذاء مناسباً لقدمها الصغير”.

ابتسمت أمي وقالت لي:

“فكرة جميلة، وأظن ستكون مفيدة وبالفعل قصت أمي جوربي وخيطت منه جوربا أصغر لقدم دميتي الصغيرة جدا ، كان الجورب مناسباً تماما لقدميها وجميلاً بالدانتيل الشفاف حول ساقيها.

أحضرت حذاءها الصغير، وأنا أشعر بالإثارة وأدعو الله من قلبي أن يصبح الحذاء على مقاس قدميها الصغيرتين ولا يسقط منها من جديد.

وضعت قدمي دميتي داخل الحذاء ورفعتها لأعلى ورقصت معها يميناً ويساراً، ودرت بها في غرفتي، ولم يسقط الحذاء من قدميها، والأجمل من ذلك أن عينيها لم تغمضا  أبداً، كان لها عينين جميلتن ضاحكتين. أحببتها اكثر عندما رأيت عينيها جيداً، ـ “يبدو أن عينيها تظلان مفتوحتان طالما هي ترتدي الحذاء”

قلت لأمي.

ابتسمت أمي وقال لي:

ـ “ربما، تعالي نجرب”

وفعلاً، عندما خلعنا منها الحذاء وأرحناها على سريري، أغمضت عينيها، وعندما ألبستها الحذاء مرة أخرى فتحت عينيها المبتسمتين من جديد.

كنت سعيدة وفرحة جداً، وذهبت لأبي وحكيت له كل ما فعلته أنا وأمي للدمية، وكيف أن الجورب الصغير ثبت الحذاء في قدميها، قبلته وأخبرته أنها أجمل هداياي على الإطلاق، وأني أحببتها وهي بالتأكيد تحبني لأنها  فتحت عينيها لتنظر إلى بحب وامتنان.

في المساء، خلعت حذاء دميتي ونامت بجواري  وشكرت صديقاتي السمكات الأربع على حكايتهن لي التي ألهمتني المساعدة لدميتي.

 

تمنيت لهن نوماً جميلاً، وكنت أشعر بكثيرمن السعادة والراحة. نمت نوماً هانئاً بأحلام رائقة مع دميتي الحبيبة .

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي default images
حكايات سارة
سارة عابدين

ربما