حاورتها: سامية بكري
الكاتبة الصحفية والأديبة زينب عفيفي كاتبة ذات مذاق أدبي خاص ومتعددة المواهب والاهتمامات ما بين الصحافة الأدبية وكتابة القصة والرواية والمذكرات والتأملات.
تخرجت في الدفعة الثانية لكلية الإعلام بجامعة القاهرة وحلمت حينها أن تكون كاتبة ولكن بمجرد عملها في الصحافة تراجعت الفكرة بشدة، فهي مهنة استحواذية لا تريد شريكًا، فظلت الكاتبة داخلها تشاغبها من وقت لآخر، أما الصحافة فكما تقول أعطتها الكثير كما أخذت منها، لتكون صحفية متميزة وأديبة في الوقت ذاته، فصدر لها عدد من الروايات والمجموعات القصصية: مجموعة “خمس دقائق” – رواية “شمس تشرق مرتين” ورواية “أهداني حبًّا” بجانب كتب أخرى مستوحاة من تجاربها في عالم الصحافة الأدبية. أما آخر رواياتها والتي صدرت في معرض الكتاب عن الدار المصرية اللبنانية فهي رواية “أحلم وأنا بجوارك”.
عن الرواية وعن عالم الكاتبة زينب عفيفي كان هذا الحوار
ماهو الهم الإبداعي أوسؤال الكتابة لدى زينب عفيفي؟
أهتم في أعمالي بالصراع النفسي الداخلي لشخوصي ولا أعبأ بتصنيف الروايات كعاطفية واجتماعية أو تاريخية.. الخ. أهتم فقط بالنفس البشرية وأهدف من الكتابة إلى تحقيق التوازن النفسي.
كيف أثر عملك بالصحافة على إبداعك الأدبي؟
الصحافة أعطت للكاتبة في بداية حياتها عندما كانت تحبو في عالمها “التجربة”، ولأني كنت من المحظوظات، فقد عاصرت عمالقة الأدب والثقافة والفكر، بعد تخرجي من الكلية عملت مع الأستاذ أنيس منصور في “آخر ساعة” قبل مجيئي لأخبار اليوم، وكان هو أستاذي وموضوع بحث التخرج الخاص بي، استفدت منه صحفيًّا وأدبيًّا، فصحفيًّا علمني الجملة القصيرة الجميلة الموحية، وإيحاءات الكلمات، تعلمت الكتابة الصحفية الممزوجة بالأدب، وأدبيًّا أثار انتباهي إلي أهمية القراءة، وأن الكتابة تتراجع أمام القراءة، فدائمًا ما كان ينصحني بأن اقرأ كتابًا كل يوم، لم أستطع ذلك في البداية ولكني اعتدت فيما بعد، بعده تولى المجلة أديب آخر هو رشدي صالح، عرضت عليه مجموعة قصصية متواضعة لي، ولم أكن تعديت العشرين من عمري، فنصحني بألا أقف في باب الأدب، بل أدخل إلي الصحافة لأحصل على التجربة ثم أكتب أدبًا، ولكن الصحافة أعطتني التجربة وأنستني الأدب لفترة طويلة.
هل ندمت وهل كانت مسيرتك الأدبية ستختلف لو لم تعملي في الصحافة؟
ليس تماما، أنا أيضا اخطأت في حق نفسي، أضعت كثيرا من الوقت في فترة الثلاثينات في الصحافة، والتي شهدت إحباطات كثيرة بالنسبة لي، لو كنت اتجهت للأدب أكثر في ذلك الوقت ربما كانت لدي أعمال أدبية أفضل وأجود وأكثر.
اي الأشكال الفنية أقرب لك، الرواية أم القصة القصيرة؟
أنا أحب القصة القصيرة جدا ولكنها أصعب من الرواية كثيرا، وربما الصحافة هي سبب الميل إلي القصص القصيرة، لأن الومضات التي يمكن التوقف عندها وكتابتها كثيرة، بينما الرواية حياة، تستلزم تفرغا حياتيا وذهنيا، لابد من الدراسة لها والتحضير، لا يكفي أن تكون فكرتها موجودة، لكني مع ذلك أحبها، لأنني أيضا رواياتي قصيرة وليست بالحجم الذي يصدر الآن، وفي الماضي كانت الروايات هكذا، أما ثقيلة الوزن تلك فظهرت مؤخرا، عندما دخلت مع الأكثر مبيعا، واصارحك كثيرا ما انوي كتابة قصة قصيرة ثم تنقلب الى رواية
حدثينا عن آخر مولودة لك أحلم وأنا بجوارك؟
الرواية تدور حول فتاة عانس تعيش مع أمها الكفيفة في بيت جدها الذي ورثت عنه مكتبة ضخمة للكتب، اتخذت من قراءة الروايات حياة موازية تقرأ الروايات وتعيش أحداثها وتتشابك مع الأبطال ويدور حوار بينها وبين أمها حول هؤلاء الأبطال لكن هذا لم يمنع قلق الأم على ابنتها، وأنها تريد أن تعيش حياة حقيقية تتزوج وتنجب، ويصبح لها أحفاد لكن الابنة عشقت الروايات وأبطالها إلى أن تذهب إلى أحد المراكز التجارية الكبرى، وتجد حفل توقيع لكاتب مشهور حول روايته التي تجتذب المئات من الشباب والشابات، ويقال إنها قصة حبه الحقيقية.
تعود الابنة إلى أمها حاملة هذه الرواية التي يتكشف من أحداث الرواية أن هذا الكاتب كان حبيب أمها في الجامعة وكاد أن يتزوجا، ولكن الحبيب هجر الأم مثل كثير من حكايات الحب الفاشلة في الجامعة، في الوقت الذي بدأت الأم تعاني من فقدان البصر الذي ورثته عن أبيها وظل هذا الحب جرح لا يندمل إلى أن اشترت الابنه إحدى روايات هذا الكاتب دون أن تعلم حكايته مع أمها، في الوقت الذي وجد أمين المكتبة “عم محمد” وظيفة للابنة كقارئة روايات في إحدى المكتبات العامة.
تقرأ البنت رواية الكاتب الكبير “سأحبك إلى الأبد” وتعجب به وبكتاباته رغم تحذير الأم لها منه دون أن تعرف حقيقة علاقته بأمها، وتقرر الابنة أن يكون الكاتب ضيف في إحدى حلقات القراءة التي تقدمها في المكتبة العامة، وهنا تنفجر الأم وتعترف للابنة بحكايتها معه وأنه هجرها دون سبب، وبأنه كان سببا في تحطيم حلمها بأن تكون كاتبة مثلة لولا فقدان بصرها، لتتزوج من أول رجل يتقدم لها وتنجب الابنة التي كبرت ووقعت في حب حبيب أمها، وتظل العلاقة ثلاثية بين الأم التي تخشي على ابنتها من هذا الكاتب، والابنة التي تتصارع مشاعرها بين الكراهية والحب نحوه، والكاتب الذي يحب الابنه لأنها تشبة حبيبته “الأم”.
وتنتهي الرواية دون أن يعلم ان هذه الابنة هي ابنه حبيبته، ولا تعلم الأم بأن حبيبها السابق قد طلب الزواج من ابنتها، والابنه لا تستطيع الانتقام من الرجل الذي خذل أمها لأنها أحبته، وتتطوع بكل حب إلى كتابة رواية جديدة بقلم أمها ترد على الرواية الكاذبة التي كتبها على أنها قصة حبه الحقيقية.
وتنتهي الرواية والأم تروي والابنة تكتب الرواية المضادة.
الرواية باختصار علاقة ثنائية بين الأم وابنتها كل منهما لا تستطيع أن تعيش أو تحلم بعيدًا عن الأخرى، يعيشان في بين منعزل كل ما يدور بينهما قراءة الروايات، أما وجود الكاتب في الرواية فظل يفجر الأحداث فقط.