رواية “رائحة النعناع” لحسين عبد العليم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 102
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

عبد المنعم تليمة

رواية (رائحة النعناع: مخطوطة) التي كتبها حسين عبد العليم هي ضرب مما يسميه بعض الدارسين “رواية الترجمة الذاتية”، ذلك أن الأنا هو الراوية وينص هذا الراوية في أكثر من موضوع على أن لديه علبة ذكريات يحتفظ بها ويعود إليها، تمضي التداعيات في انتقالات مدببة سريعة لتغني – في صفحات قليلة فهي رواية قصيرة – عمل جيل بأكمله، هو هذا الجيل الذي نضج نموه في العقدين الأخيرين والانتقالات تمس كل ضروب الحياة المصرية في هذين العقدين، تحول القيم والأعراف والفنون والآداب، العلاقات الاجتماعية الممارسات الغرامية والجنسية، والفروق الطبقية، الصراعات السياسية…

وعلى الرغم من هذا العدد الهائل من الموضوعات والشخصيات، فإن الكاتب قد وفق في ادارة عمله على شخصيتين جعلهما بؤرتين تجمعان كل هذا الشتيت، الرواية وحبيبته التي تتبدى نموذجا واقعيا فعليا في حين وتتبدی أسطورية غامضة في حين آخر، أما الراوية فاننا نصاحبه منذ كان صبيا يدرج حتى انتهى إلى يومنا هذا ناضجا صاحب عمل وحياة اجتماعية عادية. وفي هذه الصحبة الزمانية الطويلة – القصيرة بعدد الصفحات – يصوغ الكاتب الأحداث البسيطة المألوفة مرتبطة بمغازيها العامة الدالة على جوانب بعينها من ناحية المجتمع المصري في هذين العقدين الأخيرين. وأما الحبيبة الواقعية حينا الغامضة أحيانا، فإنها من طبقة اجتماعية أعلى وهذا يسمح للكاتب أن يمس مشكلات الفقر والغني والريف والمدينة والفروق الطبقية وكل الأعراف والقيم والأوضاع المترتبة على التفاوت الطبقي هي مرفهة ناعمة، عود ياسمين.

أبوها الأسمر الطويل: سيد الليل.

 وأمها البيضاء الجميلة: سيدة النهار.

وللغنی عالمه الخاص: «.. في مأتم الأغنياء الحظ نساؤهم أكثر جمالا وطبيعية لون الملابس والأسود يبرز بياضهن، منابت الشعر في السيقان والركب تكون أكثر وضوحا، أشكال عيونهم المتعبة وشفاهن غير المصبوغة تذكر بالقيام توا من السرير عقب ارتواء جنسی ص ۲»

عالم الفقراء وقد انضمت اليه فئات واسعة من الطبقة الوسطى المصرية في هذين العقدين الأخيرين، يمضي طريق مسدود من اليأس والإحباط، وتأمل أيها القارىء الكريم – ما انتهت به الرواية بما صنعت صروف الأيام بالخالة، التي كانت المتمردة الرافضة الأولى في الأسرة، من ضياع شباب وفقد أمل وتردي حياة.

يملك حسين عبد العليم أدوات الروائي، لكنه لا يزال يسعی إلى السيطرة عليها. إنه يصوغ المواقف الجزئية بتوفيق ملحوظ، بيد أن الجوامع بينها وهي التي تقيم بنية العمل، تهتز لديه لا ريب أنه روائي، لكنه يحتاج الى أناة ومهل لتستوى أعماله.

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم