ذلك الكتاب

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

عبد الرحمن أقريش

عشرون عاما مضت.

انتهت الرحلة أخيرا، خفف (المامون) من سرعة السيارة، وانحرف بها يمينا، ثم يسارا، سار في الطريق غير المعبدة المؤدية إلى القرية، فتح النوافذ عن آخرها، تسرب تيار بارد ومنعش إلى الداخل، عب الهواء ملئ رئته، هواء نقي، هواء يتصور أنه من تركيبة مختلفة عن الهواء الموبوء الذي تتنفسه المدن، تبخر فجأة إحساسه بالعياء، أحس كما لو أن روحا جديدة انبثقت بداخله، ينظر يمينا ويسارا، يتأمل غابة الأركان الممتدة، غابة كثيفة تحجب الأفق، ينظر للأغراس، أشجار اللوز والخروب، أشجار التين والزيتون المبثوثة بين الحقول، يسمع صوت الرعاة، وفي الخلفية بعيدا يسمع هدير البحر.

ألقى نظرة على الرسالة الموضوعة على المقعد إلى يمينه.

يسأل نفسه.

ـ لم يستدعيني الفقيه (سي محمد)؟

كان في (الرباط) عندما تلقى رسالة من فقيه القرية، يطلب منه الحضور ليتسلم أمانة تخص والده الذي توفي منذ سنوات.

لا يحتفظ عن الفقيه إلا بذكريات بعيدة أيام الجامع في القرية، ذكريات وصور باهتة انمحت بعض تفاصيلها بفعل الزمن، وظلت تفاصيل أخرى حاضرة، طرية وترفض الإنمحاء، تفاصيل انحفرت بقوة في ذاكرته مثل وشم أو جرح غائر.

أيامها، كان طفلا في حدود السابعة أو يزيد قليلا، ولكنه يعرف من خلال أحاديث والده أنهما كانا صديقين، صداقة امتدت لسنوات طويلة، إلى أن تفرقت بهما السبل، فقد أصبح الفقيه واحدا من الأعيان والوجهاء الذين بسطوا نفوذ دولة المخزن في البوادي المغربية بعد جلاء الاستعمار، عشية الاستقلال الذي لم يكتمل، (ليلة الاستقلال الشكلي) كما يردد الطلبة اليساريون في ساحات الجامعة وحلقات النضال.

أما والده فكانت له رحلات إلى المدن الكبرى امتدت داخل وخارج حدود المغرب، (مراكش)، (خريبكة)، ( فاس)، (الدارالبيضاء)، (وهران)، (تلمسان)، (القيروان)، (بجاية)، و(سوسة)…بعضها لطلب العلم، وبعضها لأجل التجارة، والبعض الآخر بغرض السياحة.

تردد في البداية، تردد كثيرا بسبب بعد المسافة في الزمان والمكان، فقد انقطعت صلته بالقرية منذ سنوات، وتردد أكثر بسبب حساسيته المفرطة اتجاه الماضي، ولكنه في الأخير حسم الموقف، وعاد لزيارة القرية إكراما لذكرى والده، فالأسباب العاطفية في نظره تكفي ليتحمل تعب الرحلة ومشقة السفر.

يعود الماضي فجأة، قويا مثل تيار نهر جارف، يستعيد علاقته الإشكالية بوالده، علاقة مركبة، عصية على الفهم، علاقة صدامية طبعها الخوف والخضوع في البداية، ثم طبعها التمرد والعنف والمواجهة وسوء الفهم في سنوات الليسي بسبب فورة المراهقة، مراهقة كانت قوية، منفلتة وجامحة، ثم دخلت بعدها مرحلة الصمت والصمم والقطيعة على طول سنوات الجامعة.

ثم، عندما مات والده تحول تدريجيا إلى شخصية متعالية، يستحضرها بكثير من التبجيل والاحترام، احترام وتبجيل يلامس حدود التقديس والعبادة.

مرت سنوات طويلة، طويلة جدا، وأصبح والده ذكرى بعيدة وموغلة في الرمزية.

يتساءل دوما.

ـ أكان ينبغي أن يرحل لكي يسمو هكذا ويتعالى مثل قديس؟

يحاول أن يستبطن دواخله، وأن يفهم هذا الحزن الذي يجتاحه في كل مرة يستعيد فيها صورة والده.

ـ أهو الشعور بالذنب؟ أهو الندم على لوثة التمرد وجرعة العصيان الزائدة؟ أهو الأسف على علاقة كان يمكن أن تكون أفضل؟ أهو الأسف على فرص المصالحة التي ضاعت بفعل التصلب والجحود والأنانية وفورة الشباب؟

هو لا يدري.

يبدو الأمر مثل حكاية بعيدة، فقد مر زمن طويل، طويل جدا، ولكنه يشعر وكأن ذلك حدث بالأمس.
أمام البيت، في مكان يسمح له برؤيته من بعيد، يقف والده ينتظر عودته من الليسي، فعل ذلك لسنوات، ربما على طول سنوات الليسي، موقف يمتزج فيه الحرص والخوف بالرغبة في الضبط والتحكم، والحد من جموح مراهقة بدأت بوادرها تلوح في الأفق، مراهقة مستعصية، هوجاء وجارفة.
بعد سنوات عندما انتقل إلى الجامعة، أسر له أحد أصدقاء والده أنه هو من أجج الموقف.
     –    قلت له، شوف (سيدي الحاج) لا تتعب نفسك، الولد ذكي ووسيم، حررته المدرسة والسينما ورفقة البنات، ولن يعود أبدا تحت وصايتك!!
يمشي هو مزهوا، محاطا بسرب من الفتيات المراهقات، يمشون في خطوات متخايلة، يتهامسون، يضحكون، يتدافعون، يشد بعضهم بعضا في وضعيات جسدية لصيقة وحميمية.
كان البيت مفتوحا على الشارع الكبير الذي يخترق المدينة، وكان والده هناك في نفس المكان، ونفس الموقف، ينظر، وينتظر.

ألقى إليه نظرة خاطفة، نظر إليه وكأنه لا يراه، وأكمل طريقه.
كانوا منخرطين ومندمجين تماما.
كانوا على وشك الانخراط في شارع آخر عندما استشعر وقع خطوات مستعجلة تتعقبه، إلتفت، رأى يد والده تمتد إليه وتمسكه برفق من كتفه.
توقف جامدا ينظر إليه.
توقفت البنات على بعد خطوات يرقبن الموقف.

نظر إليه والده نظرة حاول ألا تكون غاضبة.
رسم لحظة صمت قصيرة، ثم قال بصوت هادئ يمتزج فيه المكر والعتاب.
     –    ها هو بيتنا هناك يا بني…أرجو ألا تكون قد تهت عنه!!

استقبله الفقيه (سي محمد) في الصالة الرحبة للدويرية (دار الضيافة).

رحب به، بدا الرجل هادئا ومطمئنا، يتحدث بصوت ضعيف وخافت يكاد لا يسمع، وإلى جانبه جلس ولده الشاب (مولاي حسن) يشرح ويعيد بعض الكلام الغامض من حديث الرجل العجوز.

ـ أنا سعيد يا بني لأنك هنا، كنت أخشى أن يدركني الموت…

سكت للحظات، ثم واصل.

ـ كنت أخشى أن تبقى الأمانة بذمتي !!

بدا صوته منكسرا وضعيفا، أما وجهه فقد لونته سحابة حزن غامضة، افترض (المامون) أن تلك السحابة هي وليدة المشاعر والانفعالات المرتبطة باستحضار فكرة الموت، ولكن الرجل سرعان ما استرجع هدوءه وعاد إلى حالة السكون والطمأنينة.

أشار بحركة خفية من رأسه، فتح الشاب صندوقا خشبيا، وأخرج علبة جلدية ملفوفة بعناية في ثوب حريري أبيض، فتح العلبة وأستخرج منها نسخة للقرآن الكريم، ثم في حركة رفيقة مد إليه الكتاب المقدس.

ألقى (المامون) نظرة على الكتاب، أعاده إلى علبته ووضعه برفق إلى جانبه.

نظر إليه الرجل نظرة ذات معنى، وقال.

ـ كان ينبغي أن ترجع الأمانة إلى صاحبها قبل الآن…

ثم في نبرة تجمع بين الأسف والإعتذار والتسليم…

ـ ولكن لكل أجل كتاب !!

في البيت أعاد (المامون) اكتشاف الكتاب، تفحصه بحرص شديد، توقف يتأمل التفاصيل، حقيبة جلدية رفيعة، مزينة ومنقوشة، حلقتان نحاسيتان، وخيط نجاد حريري بلون السواد.

الكتاب مصحف مغربي، في نسخة أثرية قديمة مكتوبة بخط اليد، تعود إلى سنة (1848م)، أي ما قبل دخول المطبعة الحجرية إلى المغرب.

كتب المتن باللون الأسود، ودونت الهوامش باللونين الأزرق والأحمر، الأوراق صفراء تآكل بعض من جنباتها بفعل الاستعمال  وطول الزمن، ولكن الكتاب يبدو نسخة ثمينة وفريدة بالنظر إلى جودة التسفير، وبالنظر إلى النقوش والملاحظات والتواريخ المدونة على الحواشي.

فتح الكتاب، قرأ الصفحة الأولى، ابتسم، تعرف بسهولة على الخط المتوتر لوالده، خط مغربي متميز، خط جميل، عصبي ومنفلت يكشف عن مزاج حاد وروح قلقة لا تستقر على حال، ثم توقف كثيرا يتأمل تأشيرة الملكية وقد صيغت بلغة ذلك الزمن.

(هذا المصحف الشريف، في ملكية العبد الضعيف المعترف بذنبه، الفقير إلى رحمة ربه…)

أخبره والده بأمر هذه النسخة مرات عديدة وفي مناسبات مختلفة، قال إنها بقيت في ذمة الفقيه على سبيل الإعارة، وكان من المفروض أن يستعيدها منذ عقود، ولكن الفقيه اعتبر الكتاب تحفة نادرة فتملكه الحرص، وغلبته نزعة التملك، فاحتفظ بالنسخة لنفسه لمدة تفوق السبعين سنة.

يفهم (المامون) حرص الفقيه على إرجاع الكتاب لصاحبه، أو إلى ورثته بعد كل هذه السنوات، صحيح أنه رجل دنيوي إلى حد الهوس، يحب المال والثروة والجاه والسلطة، ولكنه إنسان مؤمن متدين بعمق، وهو الآن مريض، طريح الفراش، ويشرف على الحياة من الجهة الأخرى، وهو بالتأكيد لا يريد أن يرحل وفي عنقه أمانات يسأل عنها هناك في العالم الآخر.

استحضر (المامون) صورة والده، تحركت بداخله أسئلة كثيرة.

ـ أيكون هذا الكتاب رسالته الأخيرة؟ أهو وصية؟ أيكون دعوة للمصالحة؟

يفكر، ولكنه لا يجد الجواب.

في القرية، في البيت القديم للعائلة، وقف (المامون) في قلب الدويرية، دار الضيافة المشهورة، ما تبقى منها، فقد امتدت إليها يد الزمن وعاثت فيها فسادا، ولم تترك منها إلا ما يصلح أن يكون أثرا بعد عين، مجرد أطلال وآثار من زمن مضى، زمن ولى إلى غير رجعة، أيام الخير والرزق والوفرة وسعة الحياة.

وقف يتأمل تفاصيل المكان.

في البهو ذو السقف الخشبي العالي، ما تزال الجرات في مكانها المعلوم، وعلى الجدار الحجري المتآكل ما تزال المسامير الخشبية القوية تنغرس هناك، تتدلى منها قربات جلدية صغيرة يابسة، أشياء كانت ذات يوم أوعية للمؤن وما تنبت الأرض من نعم وخيرات وفيرة، زيت وزيتون، زيت الأركان، عسل، سمن بلدي، بيض وطحين، بذور، توابل وأعشاب مجففة…

توقف (المامون) أمام الباب الخشبي، مد يده إلى الجدار الحجري، تحسسه بمهارة العارف، أقحم أنامله في شق يشبه الجيب، كان المفتاح هناك في مكانه المعهود، أخرجه، نفض عنه الغبار، ومسح حبات التراب التي التصقت به، وترسبت في تفاصيله المنحوتة، مسحه برفق وكأنه شيء غال ونفيس، أقحمه في القفل الحديدي ثم أداره في حركات سديدة ومحكمة، عاد بذاكرته إلى الوراء، فكر أنه فعل ذلك مئات المرات، من يدري ربما آلاف المرات !!

هي ذي غرفة الأب، والده.

غرفة في منتهى البساطة والهدوء، سقف خشبي عال، جدران حجرية عارية ينضح منها بياض الجير، مكان تكفي نظرة واحدة لتفهم أنه أعد للاعتكاف والعزلة والتأمل، باب خشبي قديم بمصراعين، كوة دائرية تتسلل منها أشعة الشمس، ترسم عمودا مستقيما من الضوء تسبح فيه جزيئات وخيوط مجهرية تكاد لا ترى، على الأرض حصير من الدوم، مساند محشوة بالصوف، صينية الشاي، تنتظم عليها كؤوس وبراد صقيل بلون أزرق، بجانبها علب الزنبيل المعدنية مزينة برسوم لأطفال بوجوه بيضاء، مليحة، باسمة، وعيون ضيقة، وشعر بضفائر مجدولة شديد السواد.

في قلب الغرفة سجادة مزينة بأشكال هندسية لبوابات وأقواس تشير إلى القبلة، بجانب السجادة، ينتظم صف لأسفار ومجلدات أنيقة، مصاحف، كتب دينية وتراثية صفراء تعلوها غلالة من غبار، علبة معدنية صدئة تطل منها أشياءه الخاصة، نظارة طبية ذات إطار أحمر، أقلام قصبية، محبرة، أوراق وقراطيس، وعلى الجدار تنغرس أوتاد تتدلى منها سبحات بأشكال وألوان مختلفة.

إلى اليسار، وخلف الباب الخشبي القديم، علقت لوحة ورقية، تمثل (آدم) و(حواء)، يقفان عاريين إلا من أوراق توت تخفي بالكاد فتنتهما، بجوار الشجرة المحرمة، يقف (آدم) بجسمه الرياضي المشدود، إلى يساره، تبدو (حواء) جميلة بملامحها العربية، وجسدها الممتلئ، ينسدل شعرها الأسود الغزير فيغطي جزءا من صدرها، نهدها الأيمن منفلت ونافر، تمسك بيدها اليسرى ضفيرتها المنسدلة بشكل فوضوي، وتمسك بيدها اليمنى فاكهة العصيان والخطيئة الشهية.

المساحات المتبقية من الجدار، زينت بصور اقتطعت من علب الشاي، صور لقوافل يقودها خفير ملثم، يرتدي زي الطوارق الأزرق.
وقف (المامون) هناك منخرطا، منبهرا، ينظر للزوجين، مأخوذا بعريهما الجميل، ينقل بصره لصور القوافل، يتأملها، ويتخيلها قادمة من مكان بعيد.

بدت له الغرفة مثل مغارة، فضاء مختلف، فقير ومتقشف، بدا الأمر وكأنه يكتشفها لأول مرة، تملكه إحساس غريب وغامض، أحس وكأنه يدخل مكانا محرما، وكأنه يدخل مسجدا، أو ضريحا أو مقبرة، أحس أنه واقع تحت سلطة ما، سلطة مبهمة، خليط من مشاعر وأحاسيس غير مفهومة تمتزج فيها الرهبة بالهدوء والصمت.

للحظة فقد إحساسه بالزمان والمكان، للحظة بدا له الأمر شبيها بحلم أو هلوسة، لا يستطع أن يجزم أن ما يراه يحدث الآن، أو هو حدث في زمن مضى، للحظة تخيل أنها ما تزال هناك، تقف إلى جانبه، تتأمل تفاصيل المكان بعينين غائبتين، تنظر حولها وكأنها مسحورة، وقبل أن يستوعب الموقف، رآها تخلع ملابسها قطعة قطعة، وتتركها تسقط عند قدميها في حركات هادئة ومتناغمة، تمددت على السجادة عارية تماما، تسقط خيوط الضوء على جسدها المرمري، يمتزجان، يخلقان هالة من العمى، مدت يدها تدعوه إليها، تسحبه، وباليد الأخرى راحت تبعد الكتب، تدفعها برفق لكي تفسح المجال لجسديهما المحمومين.

عندما عاد (المامون) إلى نفسه، تملكه إحساس غريب، هدوء حزين وغامض، شيء يشبه الندم ورثاء الذات.

بقي واقفا هناك، بدا مترددا وكأنه يفكر أو يقرر أمرا ما، عادت الأسئلة لتنتصب بداخله، استيقظت هواجسه، نفس الأسئلة ونفس الهواجس التي سكنته لشهور.

ـ لم آل الكتاب إليه في النهاية؟ أهي صدفة؟ أهو رسالة؟ أهو وصية؟

أسئلة وهواجس تموج بداخله، وتنتهي دوما إلى نفس النتيجة.

هو لا يدري.

أخرج المصحف من تحت معطفه، أخرجه من حقيبته الجلدية، فتحه، وبدأ يتصفحه، يقلب الأوراق في حركات هادئة ويقرأ، يقرأ دون أن يقرأ، ينتقل ببصره من آية لأخرى، تتوالى الصفحات، يذهب إلى الصفحة الأخيرة، ثم يعود توا إلى الصفحة الأولى، صفحة الغلاف، توقف عند شارة الملكية التي تحمل توقيع والده.

أغلق الكتاب، طواه، ضمه إلى صدره، وقرأ الجملة بداخله، استعادها للمرة الألف (هذا المصحف الشريف في ملكية العبد الضعيف، المعترف بذنبه، الفقير إلى رحمة ربه…)

ثم يخاطب نفسه بصوت مسموع.

ـ أنا أيضا عبد ضعيف، معترف بذنبه، وفقير إلى رحمة ربه…لست شيطانا ولا ملاكا، تطوقني أخطائي وذنوبي من كل الجهات، أعرف أن حريتي هي خطيئتي الكبرى، أفهم هذا جيدا ولكنني لا أحتاج رسالة من أحد !!

انحنى، مال على الكتب قليلا، دفعها برفق يمينا ويسارا، باعد بينها ليخلق فجوة تصلح مكانا للكتاب الجديد، دس المصحف هناك، وقبل أن يغلق الباب وراءه، توقف، ألقى نظرة أخيرة على الكتاب وكأنه يودعه، ثم مضى.

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون