ديوان «كل ما فعله ديستويفسكي»: عزف منفرد على أنحاء شتى

كل ما فعله دوستوفيسكي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. سمير مُندي

يواصل طارق هاشم في ديوانه الجديد ”كل ما فعله ديستويفسكي“ الصادر مؤخرًا عن دار ”الأهلية“ مشروعه الشعري في ردم الفجوة التي تفصل الشعر عن تجربة الحياة اليومية. وذلك من خلال نقلتين كبيرتين حققهما هاشم في كتابته للقصيدة: النقلة الأولى تتصل بتحوله من العامية إلى الفصحى. ربما من أجل أن يضخ في شرايينها حوارية العامية وتجددها، هي التي تتبدل وتتحول بفعل تبدل وتحول الحياة اليومية. وربما من أجل التخلص، في الوقت نفسه، من ترهل العامية وفقرها الجمالي ونفعيتها التي تتصل اتصالاً وثيقًا بقضاء حوائج ومصالح يومية. فمن العدل القول إن الفصحى تضيف للعامية، مثلما أنه من العدل القول إن العامية تضيف للفصحى. تتصل بالنقلة الأولى نقلة ثانية تترتب عليها وتقتضيها. تضطلع هذه النقلة بدمج مجازات الحياة اليومية وصورها وحبكاتها القصصية في القصيدة الجديدة المنشودة. صحيح أن قصيدة النثر، أصلاً، هي قصيدة الحياة اليومية. بمعنى أنها تستثمر تجاربها العادية، ولا تُخفي، خلال ذلك، نفورها من الحذلقات اللغوية التي تفقد فيها اللغة مرجعيتها الواقعية وتتحول إلى همهمات مبهمة. ولكن قصيدة النثر، كما نعرفها، تبدأ من داخل الشاعر لتنتهي إلى خارجه. بمعنى أن الشاعر نفسه يقع في القلب من اهتماماتها ورؤيتها للعالم. أما قصيدة هاشم فتبدأ، على العكس، من الخارج إلى الداخل. بحيث أن روح الجماعة تقبع في القلب من تطلعاتها ورؤاها. فالشاعر لا يأتي بمفرده إلى القصيدة حاملاً همومه وشكواه. أو مُقلبًا في دفاتر ماضيه وطوايا نفسه الخفية. إنما يأتي إلينا بصحبة شخصيات من لحم ودم يودعوننا أسرارهم وهمومهم وأحلامهم المهزومة وحروبهم التي خسروها في ميادين الحياة التي لا ترحم. فيصغي إليهم ويتكلم بلسانهم دون أن يسمح لصوته، مع ذلك، أن يعلو على أصواتهم. ودون أن تكون همومه واهتماماته أكثر أولوية من اهتماماتهم.

-1-

لا يكتفي الشاعر، راوي المآسي، وخليفة ”هوميروس“ بمجرد رواية مآسي الآخرين، إنما يعطف مآسيه على مآسيهم ومعاناته على معاناتهم، فيُصوت بذلك على انتمائه لهم وانتسابه إليهم. فهو واحد منهم يحزنه ما يحزنهم، ويفرحه ما يفرحهم. مثلاً في قصيدة ”الطريق إلى وكالة البلح“ يرسم الشاعر خريطة للطرق التي يغشاها الفقراء لابتياع حوائجهم الضرورية بثمنٍ زهيد. ليس الشاعر واحدًا من هؤلاء الذين سلكوا هذه الطرق وخبروها وحسب. إنما هو واحد من المعجونين بترابها وقصاصي أثر مدقاتها ومطباتها وتعريجاتها. فهو، وكما يقول، دليلنا إليها ما دعت الحاجة إلى دليل يأخذ بأيدينا في دروب الفقراء المتشابكة. لا بأس، إذن، من أن يجرد الشاعر من نفسه دليلاً لحبيبة جديدة تستعد إلى دخول عالمه، أو يستعد هو إلى دخول عالمها من طريق الفقراء، طريق وكالة البلح. ربما رغبةً في محو زلة تنّكر فيها الشاعر ،فيما مضى، أمام حبيبة سابقة لغشيانه وكالة البلح. فكأنه بجر حبيبته إلى وكالة البلح يُملي شروط حبه الجديد، ويقطع على نفسه خط الرجعة إن حدثته نفسه بالحنث بعهده مع إخوة الشقاء، ورفقاء الطريق: يقول:   

”سلمى لا تعرف الطريق/إلى (وكالة البلح)/أقنعتها أن طرق الفقراء واحدة/إلا أنها أخبرتني/أن علاقتها لم تبدأ بعد/بهذه الأماكن/لذا اختارتني/كي أكون دليلها إلى هناك“

إن الشاعر لا يتطوع بتعريف الزائرة الجديدة بوكالة البلح من باب إبهارها بالفرجة على مكان أصبح أسطورة في ذاكرة الفقراء، واسم خلدت ذكره ألسنتهم. فكأنها ذاهبة إلى متحف، أو ما يشبه المتحف. إنما يتطوع الشاعر للتعريف بالمكان على اعتبار أن التعريف بوكالة البلح هو بمثابة  تعريف به هو شخصيًا. فكلاهما، الوكالة والشاعر، يتقاسمان هوية واحدة: المكان الذي يعطف على حوائج الفقراء، والشاعر الذي يعطف على مآسيهم. وإن كانت الوكالة نقطة على أديمها يتلاقى الفقراء، فإن شعر الشاعر هو، بالمثل، نقطة تجمع لآلامهم وفواجعهم اليومية. هو الذي يحدد الوكالة باعتبارها ”الهُنا“ الذي على أرضه وُلدت شخصيته، وصُهرت في آتون المعاناة بوجوهها المتعددة: ”قلت لها هنا ولدت/…هنا يا سلمى ضبطتني حبيبتي الأولى/…هنا كنت ألمح أمي وهي تخفي دمعتها في كم جلبابها/…لا تسأليني عن الطريق إلى هنا/لأنني أحفظه عن ظهر قلب/ لست غريبًا عنه/ أنا من سكانه الأصليين“ 

ليست طرق الفقراء، وحسب، واحدة إنما أيضا مصائبهم ومحنهم. فهم على صلابة عزيمتهم وقوة إيمانهم أكثر هشاشة وعرضة للكسر بحكم رقة أحوالهم وفقرهم. ولعل قصة ”إدريس المسحراتي“ أو مأساته، بالأحرى، أكبر دليل على هذه الهشاشة. هشاشة عم ”إدريس“ ورقة حاله، لا يساويها، في الواقع، إلا رقة جلد طبلته. هذه الرقة استفزت عدوانية طفل صغير فقرر، بتعبير الشاعر، أن ”يفقأ عين طبلته“، ربما رغبة منه في تحرير الصوت القابع خلف الجلد الرقيق المشدود، وإطلاقه في الفضاء الفسيح. وربما كتمرين على فقأ عين عدو مُتخيل أو مُحتمل في كونٍ تُدلل فيه الطفولة، ببراءة، على غريزة الصراع القارة في أصله. وبقدر ما يصنع الطفل، بفعلته، مأساة المسحراتي، بقدر ما يصنع مأساته هو بعد أن أصبح منبوذًا مطرودًا من أهالي قريته. إن شبك قصة الطفل (الجاني) بالمسحراتي (المجني عليه) ليؤكد على هشاشة العدالة في عالم مثل عالم الفقراء الكل فيه ظالم ومظلوم. عدالة يمكن فقأ عين طبلتها بإبرة صغيرة: ”يقولون إنني كنت سببًا رئيسيًا في قطع عيش مسحراتي قريتنا العجوز/حين فقأت عين طبلته بإبرة صغيرة/إبرة صغيرة أجلست رب العائلة بالمنزل/أصبح يحمل لقب عاطل بامتياز/القربة بكاملها التفت حولي تطلب القصاص له/……/هم الآن يُعلقون المشانق على باب قريتنا/ ينادون بصوتٍ عالٍ كالفجيعة/ طارق صلاح هاشم/ فأجيبهم بخوف لم أعرف مثله من قبل/ موجود/أنت مذنب“.   

على هذا الطريق الذي يمزج فيه هاشم تجربة العامية بشعرية الفصحى، فإنه يرفع الشعرية عن شخصيات أدبية أو فنية، ويعيد دمجها في عالم الفعل والتجربة. على سبيل المثال هروب ”ماريا“ من رواية ”النفق“ للكاتب الأرجنتيني أرنستو ساباتو، بعد أن أخبرها الأخير أن الراوي يُبيت النية لقتلها. وهي حبكة تصنع مفارقتها الخاصة من العلاقة الملتبسة بين المؤلف والراوي التي تحمل في وجه من وجوهها جانبًا من الحقيقة، وجانبًا من الخيال. فالراوي الذي يُعتبر في التحليلات الأدبية شخصية مستقلة عن مؤلف الرواية هو نفسه المؤلف رغم أنف هذه التحليلات، ومن ياتراه يكون؟ إن مؤلفًا من لحم ودم يشعر بما يشعر به القارئ من تعاطف مع ”ماريا“ التي لا تستحق القتل من الطبيعي أن يشي براوٍ محسوب، في الظاهر، شخصًا خارجًا عن طوعه. ربما من أجل كسب تعاطف القارئ، وربما من أجل التأكيد على واقعية روايته. هكذا يرى الشاعر الذي يؤذيه ويحز في نفسه أن تُقتل شخصية مثل ”ماريا“، تنبض نبض اللحم والدم بالحياة،مَخْرَجًا يمكن أن ينقذها، ويفتح أمامها باب عالمنا على مصراعيه، عالم الفعل والتجربة. يقول:

”منذ ساعة واحدة فقط/ هربت (ماريا) من رواية النفق/ أخبرها (أرنستو ساباتو)/ أن الراوي سيقتلها/ في الفقرة السابعة والثلاثين/ كانت تحدثني وهي مرتابة/ مازالت رعشتها/ تهدد سكينة العالم/ قالت إنها لم تكن تعرفه/ وثقت به دون شرط/ ولولا أن (أرنستو) تراجع عن فكرته/ لماتت هكذا بطريقة عبثية“      

-2-

على التوازي مع هذا الملمح الأساسي في قصيدة هاشم يبرز ملمح آخر لن يفتقده القارئ لا في ديوان ”اختراع هوميروس“، ولا في الديوان الذي بين أيدينا. يتصل هذا الملمح بقصيدة الحب التي يحاور خلالها هاشم حبيبة حاضرة أو غائبة. ينصرف هذا الحوار، أحيانًا، إلى الملاطفة، وأحيانًا أخرى إلى محاولات إقناع ينخرط فيها في توضيح موقفه للحبيبة النافرة. لافت في هذا السياق أن يفتتح هاشم ديوانه بإهداء ”إلى قهوتها الاستثنائية في صباح الجمعة“ الذي يشير إلى أنثى اُختصت بالإهداء في صباح يوم يَخلص فيه الإنسان إلى الراحة والاسترخاء والانفراد بمن يحب. يُوقع الشاعر هذا الاختصاص عبر الكناية بالقهوة عن أنثى اعتاد على شرب قهوته معها كل صباح جمعة. وهي كناية أتصور أنها لا يمكن أن تكون مصادفة أو بلا معنى. فإن العلاقات التي تتبادلها القهوة، التي وصفها بالاستثنائية، مع المرأة متعددة ومتشابكة. فالقهوة الجيدة كالمرأة الجميلة التي يسري جمالها في أوصال المرء فيبعث فيها نشوة ولذة. والمرأة الجميلة كالقهوة الجيدة التي يدمنها المرء، فلا يستطيع أن يبدأ يومه إلا بها. بل إن المرأة الجميلة تمكن الإنسان من امتلاك عالمه، كما تمكن القهوة شاربها من امتلاك صباحه. والمرأة التي تجيد صنع القهوة، ولا شك، صاحبة مِزاج خاص يميزها عن بنات جنسها. إن المرأة التي تجيد صنع القهوة هي امرأة مرهفة الشعور لديها وجهة نظر تدافع عنها وتتمسك بها.        

في قصيدة ”حبيبتي تصدق الأفلام“ نجد أنفسنا أمام حبيبة مشاكسة من نفس هذا النوع الذي عرفناه في ديوان ”اختراع هوميروس“. فهي وإن كانت حبيبة إلا أنها لا تشاطر حبيبها نفس وجهات النظر سواء في قصيدة النثر التي تتهم شعرائها بالمروق، أو انفعالها بالفن، عمومًا، انفعالاً تُسقط فيه آرائها على شخصيات أدبية أو سينمائية مثلاً. فهي، مثلاً، تأبى إلا أن تكون الحبيبة السيدة الأولى والأخيرة على قلب حبيبها. فُتملي، بذلك، قانونها وشِرعتها الخاصة في الحب. وتحذر حبيبها، من طرفٍ خفي، إن حدثته نفسه أن يجعل لها شريكة في حبه. فهو عندها متهم حتى تظهر براءته. مما يدفع الشاعر إلى الانخراط في حِجاج شعري يشرح من خلاله موقفه، ويدافع به عن نفسه وعن حبه. ومن ثمَّ فإن الشخصية التي لعبتها سعاد حسني في فيلم ”أميرة حبي أنا“ لا ترضيها ولا تعبر عن رأيها في الحب: يقول الشاعر:

”تقول لي أنها لا تحب سعاد حسني/ لأنها قبلت أن تكون مجرد رقم/ في أميرة حبي أنا/ كيف صدقت حسين فهمي/ وهي تعرف جيدًا أنه تزوج من قبل/أكثر من امرأة كاذبة/…يا حبيبتي لا تصدقي الأفلام لأنها تنتهي/بينما حبي لصوتك/وهو يربت على دموعي من بعيد/لا يُكتب بعده The End“

بخلاف هذه الحبيبة المشاكسة هناك حبيبة أخرى أقرب إلى الرمز منها إلى الواقع. فهي حبيبة كاملة الأوصاف، معشوقة كل محب للجمال. يتجرد الشاعر في هذه الحالة وينبري لوصف رقة وعذوبة حبيبة تفرض بسحرها الخاص سطوتها على خياله. فهو مشدود إليها بقوة لا يستطيع منها فكاكًا. على سبيل المثال في قصيدة ”بدم بارد“ يتغزل الشاعر في حبيبة لاهية بسحرها وجمالها عن العيون التي ترقبها في مجيئها وراوحها. فهي تخطر، بدم بارد، دون أن تكترث بالقلوب التي تدوسها مع كل خطوة تخطوها. نجح الشاعر، في هذه القصيدة وفي مثيلاتها، في شغل موقع شاعر الغزل الكلاسيكي، واسترداد صوت الوَلَه في شعره دون أن يخاطر بالوقوع في فخ صور نمطية، أو لغة متعالية. إنما جذب الشاعر حبيبته إليه من موقعه الحالي البسيط والعادي. ولعل استعارة النوافذ التي استخدمها الشاعر بطرفيها المباشر والمجازي أكبر دليل على أنه استطاع أن يبث لواعجه من موقعه الخاص. فلو حملنا كلمة ”النوافذ“ في القصيدة على معناها المباشر، فإنها ستحيلنا مباشرة على نافذة يقف فيها عاشق مُسمرًا بانتظار حبيبة لا تعير أحدًا اهتمامًا. وتلك صورة مقطوعة من قماشة الحياة اليومية تتكرر وستظل تتكرر ما بقيت الحياة. وإن نحن حملناها على معناها المجازي، فإن صورة النوافذ التي تحلق خلف حبيبة صورة فريدة من نوعها تُحدث قطيعة مع تراث استعارات قصيدة الغزل الكلاسيكية: يقول الشاعر:

”بدم بارد/ ترسلين الحسرة إلى نوافذ الفقراء/حين تعبرين بتنورتك الحمراء القصيرة/النوافذ لم تنم بالأمس/ ظلت ترقبك/ حتى تخرجين من أرواحها بسلام/ أعرف نافذة/ علقت شعرها في ليل شعرك المسافر دون أن تعود/ نافذة أخرى /باعت ضفائرها كي تعرف السر/ نافذة ثالثة / فاتها القطار وهي تتطلع إلى انحناءة القمر /فوق جبينك الناعم/ …../وأنتِ واحة للحب لا يضيع راويها/ النوافذ ودعت من فيها حتى تحرس تنورتك/ إذا ما اصطفتها الرياح الخريفية الغادرة كجراح المحبة“

في قصيدة أخرى يتحول صمت الحبيبة إلى غربة تكاد تخلع الشاعر من وجوده خلعًا. فهو بصمتها لا يجد نفسه، ولا يجد لنفسه مكانًا. بفعل هذا الصمت يتحدث الشاعر عن بلاد ليس له فيها أحد، مدللاً بذلك على أنها الناس كلهم في عرفه. ثم هو يتحدث عن الصمت الذي في ظله يصبح غير قادر على العودة إلى بلاده، فيرسم بذلك أمام خيال القارئ صورًا مختلفة عادية وبسيطة لغربته، لكنها ليست كذلك أبدًا فيما تتركه من تأثير. يقول في قصيدة ”صمتك“:

”صمتك يحبسني / يأخذني إلى بلاد ليس لي فيها أحد/ فأتوه يا مريم/ تكلمي حتى أعود إلى بلادي/ …/ تكلمي كي لا أفقد هامتي في الطريق“ 

-3-

إن النقلة من العامية إلى الفصحى بلاغيًا تتضمن، بالضرورة، الأصل الشفاهي الذي غادرت منه اللغة، وتظل تشير إليه باستمرار. ولو التمسنا دليلاً على ذلك في شعر هاشم فسوف نجده في الصورة وفي اللغة التي تحمل هذه الصورة إلينا. فصورة المسحراتي العجوز الذي يعبث الأطفال بطبلته فيخرقونها صورة مقطوعة من لحم الواقع ومنسوجة من نفس جنس قماشته. ولو تأملنا عبارات مثل: ”إبرة صغيرة أجلست رب العائلة بالمنزل“ فإن هذه العبارة لا يمكن أن تُفهم على وجهها المقصود بالاستناد إلى معناها الفصيح. إذ لا مناص من فهم التعبير الفصيح على ضوء الاستعارة العامية التي يُكنى بها عن شخص ترك عمله، أي قولهم (أقعده في بيتهم). وبالتالي فإن تعبير (أجلست رب العائلة بالمنزل) تظل تعمل عملها وتمارس تأثيرها في ظل الأصل الشفاهي الذي تخلى عنه الشاعر في عبوره من العامية إلى الفصحى دون أن يتخلى عن معناه. أيضًا تطعيم السطور الشعرية باستعارات مبتكرة تعيد تجديد الشعر كقوله: ”من أغلق كل هذه الساحات/في وجه العابرين العزل من البهجة؟“. فهم عزل لا من السلاح، ولكن من البهجة. وبتعبير آخر فإن البهجة هي سلاح العابر في مواجهة حياة لا ترحم. وتلك صورة بسيطة لكنها جديدة ومعبرة. سيلاحظ القارئ أيضًا في قصيدة ”نشيدنا الوطني“ هذه المفارقة التي تجعل من الحب جمهورية يُعزف نشيدها الوطني مع مطلع كل صباح. يُعزف فقط لحبيبين دون سواهما: يقول الشاعر: ”كل صباح أختار حياتي معك/ أختار قهوتنا/ نشيدنا الوطني حين تعزفه عصافيري البسيطة/ وجهك حين يعدل يومي/ بانحناءة غير مقصودة/ حين تهشين الدموع عن وجهي“.

مقالات من نفس القسم