خالد خليفة: كل أماكن الطفولة دُمِّرت

خالد خليفة: كأن مديح الكراهية كتبت عام 2013
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حوار: ميشيل صافي

ترجمة: أحمد جاد الكريم

قامت المُترجمة ليري برايس Leri Price بترجمة رواية “لم يُصلِّ عليهم أحد” للكاتب خالد خليفة للغة الإنجليزية، صدرتْ الترجمة عن دار فابير Faber  في لندن، وهذا حوار مع الكاتب منشور في جريدة الجارديان البريطانية بتاريخ 1 يوليو 2023م.

خالد خليفة كاتب وسيناريست سوري، حصل على ميدالية نجيب محفوظ، أحد أرفع جوائز الأدب العربي، تتمحور قصصه المفعمة بالسخرية والعاطفة حول مدينة حلب السورية حيث ولد خليفة عام 1964م في واحدة من أعظم المراكز الثقافية والتجارية في العالم.

في هذه المدينة درس وقضى عمله المبكر، ومنذ عام1999م عاش في دمشق، وهو أحد الكتاب القلائل الذين عايشوا الحرب الأهلية المروِّعة، حاول الكتابة عن العاصمة السورية، كما يقول، لكنه وجد نفسه يعود إلى وطنه الأم “حلب”، يقول: إنه بعد خمسين صفحة شعرتُ أن ما كتبته ليس جيدًا، لم يحركني أريج دمشق، ولهذا عُدت إلى حلب، قلت حسنًا هذا مكاني، كل ما سأكتبه سيكون عن حلب، هي مدينتي المتجذرة في أعماق نفسي، وروحي. 

بينما يكتب خليفة روايته الجديدة “لم يصلِّ عليهم أحد” – الممنوعة في سوريا- كانت حلب تُدمَّر بشكل كامل أثناء الحرب بين الحكومة والمتمردين.

أغلب أحداث الرواية يجري في حلب مطلع القرن العشرين، ما سبب اهتمامك بتلك الفترة؟

لدي ولعٌ بالربع الأخير من القرن التاسع عشر، خلال تلك الأعوام بدأت المعركة بين الليبراليين والمحافظين أو الأصوليين، ومن ثَمَّ بزغ مشروع العرب النهضوي، ورغم أنه لم ينجح ترك أثرًا في التعليم والمكتبات والصحافة، وأيضًا في تفكيرنا نحو فصل الدين عن الدولة، والإصلاح الديني.

كذلك المجاعة الشديدة التي جرت حوالي عام1914م، مع بداية الحرب العالمية الأولى حيث صادرت السلطات العثمانية كل شيء يُمكن أن يُؤكل تاركةً الملايين ينهشهم الجوع، يا لبشاعة صور تلك المجاعة الكبيرة. خلال تلك الأعوام كان هناك أملٌ ليلحق العرب بركب الحضارة، وليكونوا شركاء حقيقيين في تحقيق النهضة، لكنْ كلُّ ذلك أُجهض.   

كل شيء في هذه الحضارة في ذلك الوقت مثل فن العمارة والموسيقى والموضة والصحافة ماثل وموجود في مخيلتي. كان ذلك بداية اكتشاف أشياء عديدة مثل المدارس الحديثة والطباعة. تطلعات مدينتي جعلتني أفكر في خسارات حياتنا الموجودة حتى اليوم.

كم مقدار التاريخي والخيالي في هذه الرواية؟

لم أرغب في كتابة رواية تاريخية؛ ولذلك صُحِّحت الأخطاء التاريخية بعدما انتهيت من الكتابة، لم أُرد أن أقع تحت تأثير ووطأة الحقيقة التاريخية، إنها رواية عن الحب المفقود والموت والتأمل، وطبيعة حيواتنا، عن الأولياء، عن الأوبئة والكوارث، عن محاولات البشر وكفاحهم كي يكونوا جزءًا من الثقافة العالمية، والصراع بين الليبراليين والأصوليين من أجل التعايش الأبدي لهذه المدينة، عن المدينة نفسها في الوقت الذي كان كل العالم يزحف نحو مرحلة جديدة. كانت حلب قد دُمِّرت كي لا تكون جزءًا من العالم الحديث.

ما الذي تريد أن توصله للسوريين اليوم من خلال صور شخصيات رواياتك وحيواتهم في سوريا؟

ما أريده من السوريين أن يُعيدوا قراءة التاريخ متسائلين مَن الذي طرد المسيحيين واليهود من المدينة؟، مَن أبناء مدينتنا؟، مَن عطَّل مشروعهم الصناعي الكبير، وسعيهم ليكونوا جزءًا من العالم المتحضر؟،السؤال اليوم هو مَن قرَّر أن الديموقراطية شيء محرَّم على تلك المدينة؟    

من خلال قراءة هذا التاريخ، أُريدهم أن يعرفوا أنهم لم يكونوا مجموعة من الطوائف الدينية، ولكنهم أناسٌ متعايشون من ثقافات مختلفة وأصلية. قراءة التاريخ الحالي سيساعدنا في تجنب إعادة أخطاء الماضي، بالاعتماد على القوى الخارجية التي تلاعبتْ بالمنطقة منذ الاحتلال العثماني وتدمير فكرة التعايش.

هل رأيت حلب منذ تدميرها؟

نعم، رأيتها أول مرة بعد الحرب منذ ثلاث سنوات، كانت لحظة مدمرة، خلال الحرب كنت أمتنع عن مشاهدة الفيديوهات وكثير من الصور التي تُعرض في كل وقت موثِّقة ما طال المدينة من خراب، كل أماكن الطفولة دُمِّرت أو أغلبها. بعد عودتي إلى بيتي في اللاذقية بقيتُ وحيدًا أبكي لأكثر من أربعة أيام.

ما الكتب الموجودة قريبا من سرير نومك؟

لا أقرأ كثيرًا في السرير، لكن دائمًا على طاولة السرير الجانبية مجموعات شعرية لأصدقاء مثل مُنذر المصري وهالا محمد ودَعد حداد وتشارلز سيميك بترجمة أحمد م أحمد.

ما نوع القارئ الذي كنته وأنت طفل؟

اكتشفت الكتب وأنا في عمر العاشرة، نحن عائلة قروية، لم تكن القراءة من تقاليدنا، لكن بينما كنا طلابًا، أخوتي الأكبر مني، وأصدقاؤهم اكتشفوا كتب اليسار، والأدب الروسي وعلم النفس والفلسفة. منذ هذه اللحظة في مطلع السبعينيَّات بدأتْ الرحلة، بدأتُ بقراءة كتب غير مناسبة للأطفال مثل قصص تشيكوف، والتي لم أكن في الغالب أفهمها في ذلك الوقت، في الجامعة أعدتُ قراءة علم النفس من وجهة نظر فيلهلم رايش، وانفتحتُ على أعمال ضخمة مثل موبي ديك وروايات ديستوفيسكي. كانت سنوات الجامعة أعظم سنوات القراءة بالنسبة لي.

أي كتاب أو مؤلِّف دائمًا ما تعود إليه؟

ديستويفسكي وجابريل جارثيا ماكيز ونجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف. حاليًا أشعر بلهفة ورغبة لقراءة أبو العلاء المعري ودانتي مرة أخرى.

 

 

مقالات من نفس القسم