حوار مع الفرات

موقع الكتابة الثقافي art 24
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أديب كمال الدين

سألت النقطةُ الحرفَ: كيفَ وصلتَ؟

أجابَ الحرف: ماشياً.

فهزّت النقطةُ رأسَها

واستلقتْ على فراشِها العجيب.

*

الشِّعْرُ يحتاجُ إلى الغموضِ والترميز

والقلبُ يحتاجُ إلى البكاءِ والصراخِ وشقِّ الثياب.

ما فائدةُ الشِّعْر إذن؟

*

الفراتُ يتصلُّ بي تلفونيّاً كلّما اشتدَّ به المرض،

فعلّمته الصلاة.

قال: لا أحتاجُ إليها،

أنا أُصلّي على وسادتي المصنوعةِ من الطينِ والسَّمَك.

*

الفراتُ يحُبّني وأنا أحُبّه

لكنّي لا أستطيعُ أن أقولَ له:

إنّ حُبّه أهلكني

وألقى بي إلى الجحيم

شاعراً من حروفٍ وحُتوف.

*

بعدَ أن شكوتُ للفراتِ محنتي الأسطوريّة،

قال: لا أفهمكَ يا ولدي

أنتَ حرفٌ وأنا نهر.

*

أردتُ أن أصفَ أنيابَ الكلاب

فأفسدت القِرَدَةُ عليَّ الأمر

بصراخِها الذي لا يتوقّف أبداً.

*

المرآةُ حلمٌ

كيفَ أقودهُ إلى نَفْسه؟

*

المرأةُ كائنٌ هَشّ

أكثرُ هشاشة من الثلجِ المُتساقطِ من السماء.

*

قلبي هشّ

مصنوعٌ من القَشّ.

ولذا أخافُ عليه من النارِ والريحِ والآه.

*

أردتُ أن أصفَ جمالَكِ،

أن أغنّي لكِ،

أن أعزفَ موسيقى الجسد لكِ،

فقلتِ: لا، ولا، ولا.

معَ أنَّ (لا) واحدة تكفي تماماً وتزيد.

*

قلتُ للفرات: أأنتَ قلتَ لي

–  حينَ كنتُ صَبيّاً وأردتُ الطيران-

لا تحزنْ يا صديقي الصغير،

أنتَ مُؤهّلٌ للطيران في سماءِ القصيدةِ فقط.

ضحكَ الفراتُ وقال:

أنا لا أفهمُ إلّا في الماء

وحديثُ السماءِ عليَّ غريب.

*

قلتُ للبحر:

أريدُ أن أرجعَ إلى الفرات.

فتبسّمَ وقال:

مَن يصل البحرَ لا يرجع إلى النهر.

*

المرآةُ العاريةُ رقصتْ وبيدها المرآة.

أعني أنَّ المرأةَ العاريةَ رقصتْ وبيدها المرآة.

*

أخرجتُ الثلجَ من المرآة

فبكيتُ لأنَّ النار اتّسعتْ وأحرقتْ أصابعي.

*

أنكرَ الفراتُ علاقته بالمرآة،

وأنكرت المرآةُ علاقتها بالمرأة،

وأنكرت المرأةُ علاقتها بالحرف،

وأنكرَ الحرفُ علاقته بالنقطة

لكنَّ النقطة لم تنكرني

فبقيتُ مَذهولاً مُنتَظِراً أبدَ الدهر.

*********

مقاطع من قصيدة طويلة

 

مقالات من نفس القسم