حتى النضج.. حتى الشيخوخة

مروة أبوضيف
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

مروة أبوضيف

رغم عزوف أغلب دور النشر عن نشر الدواوين لصالح الرواية، إلا أن الشعر يعيش أزهي عصوره في اللحظة الراهنة، حيث ظهر الكثير من الأصوات الشابة شديدة التميز والاختلاف، وتعددت مواضيع القصيدة، وبخاصة قصيدة النثر، لتتخطي الذاتية أو السياسة المباشرة، وتلتحم باليومي والأزمات الاجتماعية والمادية الراهنة دون التخلي عن شعريتها وجمالها الخاص، وبإمكان قصيدة واحدة الآن أن تصور حالة اجتماعية تحتاج إلي رواية كاملة لنقلها في صورة جمالية مكثفة، وتنقل الشعور الكامل لأبطالها من الفقراء والمهمشين.

وأظن أن هذه هي وظيفة الشعر بالأساس، نقل حالة شعورية كاملة والتي ليست بالضرورة حالة حب أو ثورة سياسية أو غنائية ذاتية أو فلسفية إنما مشهد حياتي يجب توثيقه بمشاعره وألمه أو فرحه وتخليده عوضا عن التاريخ الذي يكتبه المنتصرون، وبإمكاننا القول إن قصيدة النثر في اللحظة الراهنة هي تأريخ لحالة مجتمع علي كافة مستوياته، والجميل هنا أن لكل شاعر أو شاعرة خصوصيته، والمنطقة التي يحب اللعب علي وترها في قصيدته فهناك من يكتب الهزيمة وهناك من يدون الثورة بأملها وانكسارها وهناك من يؤرخ للمهمّشين بصراعهم اليومي.

وعلي الرغم من صعوبة النشر خاصة لأسماء شابة لم تحفر اسمها بعد، إلا أن الفضاء الالكتروني كان شديد الحفاوة بالقصيدة سواء عن طريق الفيس بوك أو المجلات الالكترونية المتميزة والتي تنقب عن كل جديد ومختلف.

ولا ننسي هنا دور الربيع العربي في طهي جيل كامل علي درجة شديدة الالتهاب في وقت سريع جدا، أظن أن هذا الجيل قد وصل لكامل نضجه ولا أبالغ إن قلت حتى شيخوخته وهو مازال في طور الشباب، كما أن الربيع العربي كشف المجتمع بكل طبقاته وحطم الكثير من الرموز والأصنام أمام الجميع، والأهم من هذا إنه كشف كل إنسان بكامله أمام نفسه فربما صار الشاعر أكثر قربا لذاته، وأكثر التصاقا بما يشغل ذاته الشعرية عن ذي قبل، ورغم الأبواب المغلقة وما تخلفه من إحباطات إلا أن الشاعر الحقيقي لا يستطيع أن يحيا دون قصيدته فهي أنا موازية لايستوي وجوده أبدا بدونها، لذا يظل كل صوت مخلصا لنصه وقلمه ولا يتوقف عن رصد كل ما تراه عينه الخاصة بطريقته الخاصة وهو ما يخلق هذا الثراء الشعري في اللحظة الراهنة.

مقالات من نفس القسم